تشهد ليبيا تصاعدًا في أزمة النقد الأجنبي بسبب الفجوة المتزايدة بين حجم الطلب على الدولار وإيرادات الدولة من العملة الصعبة، مما يهدد استقرار الاقتصاد المحلي ويؤثر على الأسواق المالية والمعيشة اليومية للمواطنين.
يعتمد الاقتصاد الليبي بشكل أساسي على إيرادات النفط كمصدر رئيسي للنقد الأجنبي، لكن تراجع العائدات النفطية وتأخر تحصيلها، إلى جانب زيادة الإنفاق العام، أدى إلى تفاقم هذه الفجوة.
وبحسب بيان مصرف ليبيا المركزي الصادر أمس الثلاثاء، بلغت مبيعات النقد الأجنبي منذ بداية مارس وحتى يوم 17 من الشهر نفسه 2.3 مليار دولار، بينما لم تتجاوز الإيرادات النفطية خلال الفترة ذاتها 788 مليون دولار، مما يعكس اتساع الفجوة بين الطلب على النقد الأجنبي وعائدات البلاد من النفط.
وأوضح المصرف أن 1.1 مليار دولار من هذه المبيعات كانت مخصصة للأغراض الشخصية، بينما ذهب 1.2 مليار دولار لتغطية الاعتمادات المستندية، في وقت يشهد فيه الاقتصاد الليبي تحديات مالية كبيرة بسبب تراجع الإيرادات العامة وارتفاع مستويات التضخم.
وحذر المصرف من استمرار انخفاض الإيرادات العامة، ولا سيما النفطية منها، إضافة إلى تأخر تحصيل العائدات، وهو ما يفرض ضغوطًا متزايدة على الاحتياطيات الأجنبية. كما أشار إلى أن الإنفاق الحكومي المتزايد يسهم في رفع الطلب على العملات الأجنبية، مما يهدد جهود المصرف في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي.
وكان المصرف المركزي قد كشف في بيانه الشهري السابق عن الإيراد والإنفاق العام، أن الإيرادات النفطية الموردة إليه خلال شهر فبراير شهدت انخفاضًا نسبيًا حيث بلغت 1.6 مليار دولار، مقارنة بـ 1.9 مليار دولار في يناير، ليصل إجمالي الإيرادات النفطية خلال الشهرين إلى 3.6 مليار دولار.
في المقابل، بلغت مصروفات النقد الأجنبي خلال الفترة نفسها 6.1 مليار دولار، مما أدى إلى عجز قدره 2.6 مليار دولار في استخدامات النقد الأجنبي.
وتثير الفجوة المتزايدة بين الطلب والإيرادات في النقد الأجنبي مخاوف بشأن الاستدامة المالية، رغم تأكيد المصرف المركزي التزامه بتوفير النقد الأجنبي بشكل منتظم للحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني.
ورغم محاولات المصرف المركزي ضخ الدولار في السوق، إلا أن الفارق بين السعر الرسمي وسعر الصرف في السوق السوداء لا يزال كبيرًا، مما يشير إلى أن الأزمة لا تتعلق فقط بتوافر العملة الصعبة، بل أيضًا بغياب استراتيجية واضحة لضبط الإنفاق وإدارة النقد الأجنبي.
في ظل استمرار هذه الأزمة، يواجه المصرف المركزي تحديًا كبيرًا في تحقيق التوازن بين إدارة النقد الأجنبي وضمان استقرار الاقتصاد. ومع غياب إصلاحات مالية واقتصادية حقيقية، تبقى الفجوة بين الطلب والإيرادات مرشحة للاتساع، مما قد يؤدي إلى ضغوط أكبر على الأسعار والتضخم، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين.
السؤال الأبرز الآن: هل تستطيع ليبيا اتخاذ إجراءات عاجلة لضبط الإنفاق وتعزيز مصادر النقد الأجنبي، أم أن الأزمة ستتفاقم في ظل استمرار الوضع الراهن؟
- وزيرا العمل والاقتصاد يبحثان تنظيم العمالة الأجنبية في ليبيا
- “الحداد” يبحث مع عدد من عمداء بلديات غرب ليبيا سبل تعزيز الأمن والاستقرار
- ليبيا.. “دبيبة” يجتمع برؤساء الأجهزة التنفيذية الجدد ويوجه بتسريع تنفيذ المشروعات
- تونس تفرج عن المواطن الليبي وسيم شكمة بعد سجنه 5 سنوات بسبب “الكسكسي”
- “دبيبة” يتلقى إحاطة حول أوضاع السجناء الليبيين في تونس