بعد مرور 14 عاماً على ثورة 17 فبراير التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي، يجد الليبيون أنفسهم في دوامة من الفوضى وعدم الاستقرار، حيث لم تتحقق الأهداف التي خرجوا من أجلها، بل تفاقمت الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل كبير.
وتعيش ليبيا اليوم حالة من الانقسام المؤسسي وغياب الشرعية السياسية، مع استمرار الصراع على السلطة بين الأطراف المختلفة، مما يجعل الوضع أكثر تعقيداً ويُبعد البلاد عن أي أمل في الاستقرار القريب.
انقسام وصراع على السلطة
أحد أبرز مظاهر الأزمة الليبية هو الانقسام السياسي الحاد بين شرق البلاد وغربها، حيث يتنازع رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبد الحميد دبيبة، الذي يسيطر على العاصمة طرابلس، مع رئيس الوزراء المكلف من قبل مجلس النواب أسامة حماد.
هذا الانقسام ليس جديداً، بل هو امتداد لصراعات سابقة بين حكومة الوفاق الوطنية في الغرب وحكومة طبرق في الشرق، والتي لم يتم حلها حتى بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية عام 2021.
دبيبة، الذي يُعتبر أحد رجال النظام السابق، يرفض تسليم السلطة رغم انتهاء ولايته، مدعياً التمسك بأهداف ثورة فبراير؛ لكن الواقع يشير إلى أن هذه الأهداف لم تتحقق، بل إن الفوضى السياسية والأمنية تفاقمت تحت حكمه.
ويعكس الصراع بين دبيبة وحماد حالة من الجمود السياسي، حيث لا توجد جهود حقيقية لتحقيق مصالحة وطنية أو إجراء انتخابات تخرج البلاد من حالة الفراغ الدستوري.
انهيار اقتصادي شامل
وفي ظل وضع اقتصادي كارثي، يعاني المواطنون من انهيار قيمة العملة المحلية، وارتفاع الأسعار، وتوقف الرواتب في بعض الأحيان.
ليبيا، التي كانت تتمتع باقتصاد قوي يعتمد على النفط، أصبحت اليوم تعاني من انهيار سوق النفط بسبب الصراعات السياسية والتدخلات الخارجية، كما أن المؤسسات السيادية مثل المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط تعاني من الانقسام والفساد، مما أدى إلى سرقة الأموال العامة وتبديد الاحتياطات النقدية على مدار سنوات، وذلك على الرغم من تحسن الأوضاع جزئياً في العام الأخير.
كذلك أزمات الخبز والكهرباء والوقود أصبحت جزءاً من الحياة اليومية للمواطنين، حيث تعاني البلاد من نقص حاد في الخدمات الأساسية، وسرقة المحطات الكهربائية والأسلاك، بالإضافة إلى سرقة الاعتمادات المالية وتبديد الميزانيات، كل ذلك أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية وزيادة معاناة المواطنين.ت
تفكك مجتمعي بلا حل
الوضع الاجتماعي في ليبيا لا يقل سوءً عن الوضع السياسي والاقتصادي، فقد أدت سنوات الصراع إلى تهتك النسيج الاجتماعي، فأزمة النزوح والتهجير القسري التي وقعت في سنوات الفوضى الأولى لا تزال بلا حل، مما زاد من معاناة الأسر التي فقدت منازلها وأرزاقها.
ليبيا أيضاً أصبحت محطة رئيسية لموجات الهجرة غير الشرعية، حيث يستخدمها المهاجرون الأفارقة كنقطة عبور إلى أوروبا، هذا الوضع زاد من السخط الأوروبي وأدى إلى تهديد سلم المنطقة، حيث تتهم الدول الأوروبية ليبيا بعدم القدرة على السيطرة على حدودها، وبالتالي تجد ذريعة للتدخل.
تدخل خارجي واستغلال ثروات
أحد أبرز أسباب استمرار الأزمة الليبية هو التدخل الخارجي، حيث تستغل دول وأطراف أجنبية الصراع الداخلي لتحقيق مصالحها.
ليبيا، التي تمتلك ثروات نفطية هائلة، أصبحت ساحة لنهب المنظمات الدولية والشركات الأجنبية، مما أدى إلى تدهور الاقتصاد الوطني، كما أن المؤامرات الدولية على الأموال المجمدة للدولة الليبية زادت من تعقيد الوضع الاقتصادي.
وفشلت النخب السياسية المتعاقبة فشلت في تحقيق الاستقلال الوطني، حيث أصبحت القرارات الهامة تتخذ في العواصم الأجنبية مثل برلين وباريس وجنيف، بدلاً من أن تتخذ في ليبيا، ويدلل على ذلك المؤتمرات الدولية التي عُقدت لحل الأزمة الليبية هناك، والتي لم تأتِ بأي نتائج ملموسة، بل زادت من تبعية البلاد للخارج.
وختاماً، يمكن القول إنه بعد 14 عاماً من ثورة فبراير، إن لم تتحقق أهداف الثورة، وليبيا اليوم تعيش في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، حيث تفاقمت الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والصراع على السلطة بين الأطراف المختلفة، والتدخلات الخارجية، وانهيار المؤسسات الوطنية، كلها عوامل أدت إلى إبعاد البلاد عن أي أمل في الاستقرار.
ويجد الليبيون، الذين خرجوا مطالبين بالحرية والعدالة الاجتماعية، أنفسهم اليوم في وضع أسوأ مما كانوا عليه قبل الثورة، مع آمال في تحقيق الاستقرار والتنمية لا يزال بعيد المنال، مما يجعل المستقبل مجهولاً بالنسبة لليبيا وشعبها.
- “السني” يدعو المبعوثة الأممية الجديدة لوضع خارطة طريق واضحة لإجراء الانتخابات الليبية
- محافظ المصرف المركزي يناقش مبادرات البنك الدولي لدعم الاقتصاد الليبي
- رئيس ديوان المحاسبة الليبي يبحث مع المبعوث الأمريكي سبل تعزيز الحوكمة والشفافية
- مباحثات ليبية أوروبية حول تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية
- البنك الدولي: عدم الاستقرار السياسي في ليبيا فتح آفاقاً جديدة لمشاركة المرأة اقتصادياً
- البنك الدولي يعود إلى طرابلس.. دعم للتنمية أم استنزاف للثروات الليبية؟
- إصابة 16 شخصاً في حريق مجمع محاكم مصراتة بينهم 2 في حالة خطرة
- ليبيا تبحث تسوية مساهمتها المالية في جامعة الدول العربية
- مجلس الأمن يعقد جلسة إحاطة دورية لمناقشة تطورات الأوضاع في ليبيا اليوم
- مجلس النواب يحذر من التدخلات الخارجية في المؤسسات السيادية الليبية
- استقرار الطقس في ليبيا مع توقعات بتغيرات يوم الجمعة
- المبعوث الأمريكي يؤكد لرئيس مجلس النواب دعم بلاده لعملية البعثة الأممية السياسية بليبيا
- رئيس حكومة بيلاروسيا لـ”حفتر”: مستعدون لتنفيذ مشاريع صناعية وزراعية مع ليبيا
- المبعوث الأمريكي يناقش مع “عيسى” استقلال ونزاهة مصرف ليبيا المركزي
- بلدية بنغازي تعلن الخميس المقبل عطلة بمناسبة افتتاح العديد من المشاريع بالمدينة