الأمن الغذائي في ورطة.. لماذا لا تنجح السلطات الزراعية في حفظ طعام الليبيين؟

0
260

يواجه قطاع الطب البيطري في ليبيا تحديات جمة، انعكست في ضعف إمكانياته وعجزه عن مكافحة الأمراض الحيوانية التي انتشرت مؤخرًا وهددت الأمن الغذائي، حيث برزت أمراض مثل اللسان الأزرق والحمى القلاعية بالإضافة إلى اجتياح الجراد الصحراوي جنوب البلاد. 

وفي ظل هذه التحديات، لم تتمكن السلطات الزراعية من تقديم استجابة كافية أو توفير موارد فعّالة لاحتواء الأزمات، ما أدى إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية واسعة.

ويتسبب مرض “اللسان الأزرق” في تدهور قطاع الثروة الحيوانية، حيث سجلت منطقة الجبل الأخضر وحدها إصابة 5870 رأس غنم، بالإضافة إلى نفوق 230 رأسًا بسبب المرض، ناهيك عن تأخر الاستجابة بالبلديات الليبية والاكتفاء بحملات وقائية لا تؤتي أكلها. 

وشهدت الإصابات تزايدًا في شهري سبتمبر وأكتوبر، ما يعكس قلة الإمكانيات وعدم القدرة على اتخاذ تدابير فعالة للسيطرة على هذا الوباء. 

ورغم الحاجة الملحة إلى الأدوية والمبيدات الحشرية وآلات الرش التي قد تحد من انتشار المرض، إلا أن هذه الموارد غير متوفرة بقدرٍ كافٍ، ما يضع المزارعين وأصحاب الثروة الحيوانية في مواجهة تحديات صعبة، خصوصًا مع وجود نحو 400 ألف رأس غنم مسجلة تحتاج إلى رعاية صحية دائمة.

وخلال الأيام الماضية، كانت أزمة الجراد الصحراوي الأبرز، والتي مثلت بدورها خطرًا كبيرًا على الأمن الغذائي في ليبيا، إذ شهدت عدة مناطق ليبية هجمات مكثفة من أسراب الجراد الصحراوي، خاصةً في مناطق الجنوب مثل سبها وتراغن وتازربو، إضافة إلى مدن ترهونة وبني وليد. 

وأدت هذه الهجمات إلى تدمير المحاصيل الزراعية وتدهور الغطاء النباتي، ما جعل المزارعين يطلقون نداءات استغاثة لإنقاذ محاصيلهم التي تُعد مصدراً رئيسياً لرزقهم. 

ويُعد الجراد الصحراوي تهديدًا رئيسيًا للأمن الغذائي في ليبيا، حيث تؤدي أسرابه الكبيرة إلى القضاء على المحاصيل الزراعية، وهو ما كشف عنه تصريح رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الجراد بأن نحو مليوني شجرة نخيل تضررت بشكل كبير، محذرًا من تزايد الأضرار بسبب نقص الإمكانيات مثل المبيدات وآلات الرش والطائرات الزراعية التي تعتبر الحل الأمثل للسيطرة على انتشار الجراد. 

ومع عدم استجابة الجهات الحكومية بشكل كافٍ، انتقد المجتمع المدني بطء الاستجابة وتفاقم الوضع بشكل خرج عن السيطرة، ما يزيد من احتمالية اتساع رقعة الأضرار وتأثيرها على مدن أخرى.

ويعكس التأخر في توفير الأدوية والمبيدات ضعف الإمكانيات وتباطؤ الاستجابة من الجهات المعنية، وبالتالي يشكل عدم تفعيل تلك التدابير المخطط لها تهديداً إضافياً لقطاع الثروة الحيوانية، حيث يؤدي استمرار هذه الأزمات إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية وتأثيراتها المباشرة على المواطنين، خاصة مع ارتفاع أسعار الغذاء نتيجة تضرر الثروة الحيوانية والنباتية.

ويترتب على هذا الوضع تداعيات خطيرة على الأمن الغذائي، حيث يتسبب نقص الرعاية وضعف الموارد في زيادة معدلات النفوق بين الحيوانات، وتضرر المحاصيل، وارتفاع أسعار السلع الغذائية، ما يزيد من الضغوط الاقتصادية على المواطنين.

وتحتاج ليبيا إلى تدخل عاجل وتوفير الموارد الضرورية لدعم قطاع الثروة الحيوانية والزراعة، بما يساهم في تعزيز الأمن الغذائي وتخفيف العبء الاقتصادي الناتج عن هذه الأزمات المتتالية.