“خوري” لمجلس الأمن: أعتزم البناء على الإنجازات الإيجابية الأخيرة والدفع بالعملية السياسية الليبية

0
259
ستيفاني خوري
ستيفاني خوري

قدمت القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية في ليبيا ستيفاني خوري، اليوم الأربعاء، إحاطتها الدورية لمجلس الأمن الدولي عن تطورات الأوضاع في ليبيا.

وبدأت خوري، إحاطتها بالإشارة إلى إحاطتها الأخيرة التي قدمتها في 20 أغسطس الماضي والتي ركزت بشكل كبير على التدابير أحادية الجانب التي اتخذتها مختلف الأطراف الليبية وما نتج عنها من عدم استقرار.

وقالت إنه و”على مدار الشهرين المنصرمين، شاهدنا باستمرار الآثار السلبية لهذه القرارات أحادية الجانب، لكننا شهدنا أيضاً تطوراً إيجابياً أعاد بعض الأمل في أن يتخذ القادة الليبيون الخطوات اللازمة للسير ببلادهم إلى الأمام”.

وذكرت أن المجلس الرئاسي أصدر مرسومين يقضيان باستبدال محافظ مصرف ليبيا المركزي وتعيين مجلس إدارة للمصرف. وقد رفض مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة هذين القرارين، مؤكدين على صلاحيات المجلسين بموجب الاتفاق السياسي الليبي. وفي 26أغسطس، أعلنت “الحكومة” المعينة من قبل مجلس النواب، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، كل على حدة، تعليق إنتاج النفط وتصديره.

وتابعت: أدت الأزمة المحيطة بمصرف ليبيا المركزي في بادئ الأمر إلى إثارة التوترات بين التشكيلات المسلحة في طرابلس والغرب في أواخر أغسطس، لكن هذه التوترات هدأت بعد أن وافقت هذه التشكيلات، عبر مفاوضات مكثفة، على ترتيبات أمنية جديدة، بما في ذلك تسليم السيطرة على العديد من المواقع الرئيسية في العاصمة إلى وزارة الداخلية.

وأشارت إلى أن البعثة الأممية عقدت في سبتمبر عدة جولات من المحادثات على أساس الاتفاق السياسي الليبي مع ممثلي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي لحل أزمة مصرف ليبيا المركزي.

وفي 26 سبتمبر، وقع ممثلو مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على اتفاق تضمن المرشحين لمنصبي محافظ المصرف ونائبه، ونص على تشكيل مجلس إدارة المصرف. وفي يوم 2 أكتوبر، تولى محافظ ونائب محافظ جديدين منصبيهما بعد مشاورات أجراها المجلس الأعلى للدولة ومصادقة مجلس النواب.

ورحبت البعثة بهذه النتيجة التي أعقبها في 3 أكتوبر إعلان المؤسسة الوطنية للنفط رفع حالة القوة القاهرة، ما سمح باستئناف عمليات إنتاج وتصدير النفط بشكل كامل. مشيدة بالمشاركة البناءة من جانب مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي وغيرهم من القادة الليبيين في إيجاد حل لأزمة المصرف المركزي، فضلاً عن أعضاء المجتمع الدولي الذين دعموا التوصل إلى حل سريع للأزمة.

وأكدت ضرورة اتخاذ خطوات أخرى تبدأ بتعيين مجلس إدارة المصرف، إذ أن القيادة الكفؤة والخاضعة للمساءلة للمصرف المركزي أمر ضروري لاستعادة ثقة الشعب الليبي فيه ولمصداقيته ضمن النظام المالي العالمي، داعية الأطراف الليبيين على دعم القيادة الجديدة من أجل القيام بإصلاحات حاسمة تتعلق بالسياسة النقدية والحوكمة.

وقالت خوري، إن هذه الأحداث تذكرنا بالأهمية الحاسمة لضمان استقلال مؤسسات الدولة والحاجة إلى نزع الطابع السياسي عن استخدام المؤسسات والموارد الطبيعية الليبية لتحقيق مكاسب سياسية، وهي أيضًا بمثابة تذكير صارخ بالتهديد الذي تشكله الإجراءات أحادية الجانب وضرورة أن تعمل جميع الأطراف معاً، مع التزام كل بصلاحياته، لإيجاد حلول بإعمال روح التوافق.

وقالت إنه ومن المؤسف أن هناك قرارات أحادية أخرى تغذي الانقسامات، حيث لا يزال النزاع مستمراً حول سلطة الفصل في المسائل الدستورية. ففي 1 أكتوبر رفضت المحكمة العليا تعيين قضاة المحكمة الدستورية من قبل مجلس النواب في 23 سبتمبر.

كما أشارت إلى أن القرار الذي اتخذه مجلس النواب في وقت سابق بإلغاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة لايزال يشكل مصدراً للتوتر، مؤكدة على ضرورة التوصل إلى توافق في الآراء بشأن المضي قدماً في مسار المصالحة الوطنية الذي لا يزال متوقفا.

وأكدت أن استمرار الإجراءات أحادية الجانب لن يؤدي إلا إلى تقويض سيادة ليبيا، وإغراق البلاد في المزيد من الأزمات، وتشتيت الانتباه عن المهمة المطروحة، ألا وهي تمهيد السبيل لحل سياسي شامل، حل يعالج قضايا مثل الانقسام الحالي داخل مؤسسات الدولة، والحاجة إلى حكومة موحدة، واستعادة الشرعية الديمقراطية عن طريق الانتخابات.

ولفتت إلى أن الليبيون أوضحوا أيضاً رغبتهم في إجراء عملية سياسية لمعالجة القضايا الأساسية بعيدة المدى، وتشمل هذه القضايا طبيعة الدولة الليبية وبنيتها، والتوزيع العادل للثروات على جميع الليبيين. وهذا يستلزم حواراً شاملاً.

وقالت إن الأحداث الأخيرة أظهرت أن تدابير بناء الثقة، مثل إنهاء الإجراءات أحادية الجانب، أو تأمين ضمانات للوفاء بالالتزامات المُتعهد بها، أكثر أهمية من أي وقت مضى للتقدم في إجراء عملية سياسية بناءة.

وأضافت أن حل أزمة المصرف المركزي يعطي بارقة أمل في إحراز تقدم في عملية سياسية شاملة تيسرها الأمم المتحدة ويمكنها أن تضع البلاد على طريق الانتخابات العامة واستقرار طويل الأمد. وتعمل البعثة بجد بهدف دفع هذه العملية إلى الأمام، والتي يظل الدعم الدولي أمراً حاسماً لإجرائها.

كما قالت إن استمرار الانقسام داخل المجلس الأعلى للدولة بشأن التصويت المتنازع عليه لاختيار رئيس للمجلس في 6 أغسطس يشكل قضية أخرى تزعزع الاستقرار في ليبيا. ويؤدي هذا الشلل إلى تآكل وحدة هذه المؤسسة الهامّة. مشيرة إلى أن هناك تقارير عن تعرض بعض أعضاء المجلس الأعلى للدولة للتهديد من قبل أجهزة أمن في طرابلس. وتعمل هذه الممارسات على تقويض استقلالية المؤسسة وتخلق مناخاً غير مقبول من الخوف.

ودعت خوري، جميع الأطراف الفاعلة المعنية إلى إيجاد حل يحافظ على وحدة المجلس الأعلى للدولة مشيرة إلى أن البعثة ستعمل على المساعدة في تيسير التوصل إلى حل لهذه المسألة.

كما ذكرت أن آثار الصراع المسلح لا تزال محسوسة من قبل الليبيين العاديين. وقد أسفرت حوادث الذخائر غير المنفجرة في أغسطس وسبتمبر لوحدهما عن مقتل 13 شخصاً، بينهم طفلان.

وفيما يتعلق باتفاق وقف إطلاق النار، ذكرت خوري، أنها التقيت في 25 أغسطس باللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في سرت. وحثت اللجنة العسكرية المشتركة على الاستمرار في إنجاز ولايتها، كما حثت السلطات الليبية على التغلب على العقبات التي تعيق التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار. مشيرة إلى أن اجتماع مجموعة العمل الأمنية في سرت، والمقرر عقده في وقت لاحق من هذا الشهر، يمثل فرصة لإعادة تركيز الجهود على المسار الأمني.

وعن الانتخابات البلدية، قالت خوري، إن هناك تقدم إيجابي، حيث يستمر الاستعدادات للانتخابات المحلية في 60 بلدية.

وأوضحت باب تقديم طلبات الترشيح أغلق في 14 سبتمبر، حيث تقدم 2,389 شخص ليبي بطلب الترشّح، منهم 474 امرأة و393 شخصاً من ذوي الإعاقة. وقد تلقت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ملاحظات من السلطات الوطنية بشأن أهلية المتقدمين كجزء من عملية التحقق، ونشرت في 6 أكتوبر القائمة الأولية للمرشحين، لتنطلق بذلك مرحلة الشكاوى والطعون. ومن المتوقع إجراء الانتخابات في نوفمبر. وتم اعتماد أكثر من 1000 مراقب من 86 منظمة، بما فيهم أكثر من 260 امرأة، معبرة عن تطلعها إلى انتخابات محلية ناجحة، والتي تعد فرصة مهمة للشعب الليبي لممارسة حقه في اختيار من يمثله.

وقالت خوري، أيضاً إن انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء ليبيا لا تزال مثيرة للقلق. وعلى مدى الشهرين الماضيين، تم الإبلاغ عن أكثر من 23 حالة اعتقال واحتجاز واختفاء قسري تعسفي، بما في ذلك ثلاثة من النساء والأطفال، في غرب وشرق ليبيا، وكثير منها بدوافع سياسية. وتدعو بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى إنهاء الاحتجاز التعسفي لجميع الأفراد وإجراء تحقيقات مستقلة لإنهاء الإفلات من العقاب.

كنا عبرت عن القلق إزاء العنف عبر الإنترنت الذي يستهدف المنظمات النسوية، داعية إلى بذل جهود متضافرة من قبل السلطات والمجتمع الليبي لضمان خلق بيئة مواتية للنساء للمشاركة في الحياة العامة.

وذكرت أنه في 30 أغسطس أصدرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تقريراً يوثق انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها ميليشيات الكاني في ترهونة، بما في ذلك حالات الإخفاء القسري والتعذيب والإعدام التعسفي والنزوح القسري. وحثت السلطات على تنفيذ توصيات التقرير التي تتضمن الحاجة إلى المساءلة والحقيقة وجبر الضرر وضمانات عدم التكرار كمكونات أساسية لعملية مصالحة وطنية قائمة على العدالة الانتقالية.

كما يؤكد التقرير على الضرورة الملحة لاستئناف الحفر وتحديد المقابر الجماعية. مشيرة إلى أن أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد 6 رجال ليبيين في 4 أكتوبر بتهمة ارتكاب جرائم فظيعة في ترهونة تشكل أهمية كبيرة في دعم المساءلة وجهود إنفاذ القانون التي يبذلها النائب العام. مشيدة بجهوده المستمرة.

ورحبت بالبدء مؤخراً في التعاون بين بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والسلطات في شرق ليبيا بشأن تعزيز معايير حقوق الإنسان والإجراءات القانونية والمعاملة الواجبة للسجناء، فضلاً عن العمل المستمر لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا حول هذه المسائل مع السلطات في غرب ليبيا. وهناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به.

كما ذكرت أنه وقبل شهر تقريباً، أحيت ليبيا ذكرى مرور عام على الفيضانات المدمرة في درنة والمجتمعات المحلية المحيطة بها، والتي أسفرت عن مقتل الآلاف من الأرواح بينما لا يزال العديد في عداد المفقودين. مشيدة بقدرة الشعب الليبي على الصمود.

وعن اللاجئين السودانيين في ليبيا قالت خوري، إنه ومنذ بداية أزمة السودان في عام 2023، وصل ما يقدر بنحو 98000 لاجئ سوداني إلى ليبيا. ولا تزال ظروف حقوق الإنسان والظروف الإنسانية والحماية التي يواجهها المهاجرون واللاجئون في البلاد تثير القلق. ومن الأهمية بمكان مواصلة تقديم المساعدات الإنسانية مع مساعدة السلطات الليبية في تعزيز إدارة الهجرة بما يتماشى مع معايير حقوق الإنسان.

وفي ختام إحاطتها كررت خوري، أن الوضع الراهن في ليبيا استمر لفترة طويلة ولكنه غير مستدام. وقد كشفت أزمة البنك المركزي عن الطبيعة الهشة للاستقرار الذي يُنظر إليه أحياناً على أنه نتيجة للجمود السياسي. مشيرة إلى أن الشعب الليبي يستحق أفضل من ذلك.

وقالت إنه حان الوقت لتبديد التصور بأن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يعملان فقط على إدارة الأزمة في ليبيا وليس معالجتها. إنني أعتزم البناء على الإنجازات الإيجابية الأخيرة والدفع بالعملية السياسية الشاملة في الأسابيع المقبلة بهدف كسر الجمود السياسي ومعالجة أسباب الصراع طويلة الأمد والمضي قدماً نحو الانتخابات الوطنية، مشيرة إلى أنها تعول على دعم مجلس الأمن لتحقيق هذه الغاية.