تنطلق في العاصمة الليبية طرابلس غداً الأربعاء، فعاليات منتدى “الهجرة عبر المتوسط” الذي تنظمه حكومة الوحدة الليبية، تحت شعار “تعزيز أمن وإدارة الحدود المتكاملة ورؤية الدولة الليبية لمعالجة ملف الهجر غير الشرعية”، بمشاركة دول أوروبية وأفريقية ومنظمات دولية عدة.
ويهدف المنتدى إلى مناقشة التحديات المشتركة ووضع حلول عملية تسهم في الحد من الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط وتعزيز التعاون بين الدول الأفريقية والأوروبية لتحقيق استقرار أكبر في المنطقة.
كما سيتناول المشاركون في المنتدى قضايا عدة من بينها تحسين إدارة الحدود وتعزيز آليات الإنقاذ والإغاثة للمهاجرين وتوفير الدعم اللازم للدول المستقبلة للمهاجرين.
وقال رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد دبيبة، إن منتدى الهجرة عبر البحر المتوسط سيكون بمثابة منصة نقاش جادة لإنشاء إطار عملي واستراتيجي يضمن تحقيق التنمية في البلدان الأفريقية للحد من ظاهرة الهجرة، موضحاً أن ذلك سيكون وفق مقاربات تعالج حقيقة الإشكال في دول المصدر، بعد أن أثبتت التجربة فشل الاقتصار على الحل الأمني.
وأشار دبيبة، إلى “أن بلدان الساحل لم تعد مجرد دول عبور فقط، فتزايد أعداد المهاجرين يضعنا أمام مسؤولية أمنية وأخلاقية، للمشاركة في الدفع مع كل الدول المعنية لوضع حلول جامعة تعالج المشكلة مبكراً، وتوفر حياة كريمة للمواطن الأفريقي في بلده”.
واستقبل دبيبة، اليوم الثلاثاء، الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، والوفد المرافق له، الذي وصل طرابلس للمشاركة في فعاليات المنتدى، وسبقه رئيس وزراء مالطا روبرت أبيلا، بالإضافة إلى عدد من الوزراء وممثلي الدول الأفريقية.
كما أكدت وكالة نوفا الإيطالية إن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني سوف تتوجه إلى طرابلس غداً الأربعاء للمشاركة في المنتدى رفقة وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بينتيدوسي.
وستشارك في المنتدى دول إيطاليا، مالطا، النيجر، تشاد، إسبانيا، اليونان، التشيك، السودان، الجزائر، تونس، وهولندا، إضافة إلى جامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي.
ويأتي هذا المنتدى في وقت تشهد فيه منطقة البحر المتوسط تزايداً ملحوظاً في عدد المهاجرين غير الشرعيين مما يستدعي تضافر الجهود الدولية لمواجهة هذه الظاهرة.
وتعد ليبيا الواقعة في شمال أفريقيا وتبعد حوالي 300 كيلومتر من الساحل الإيطالي، إحدى دول المغادرة الرئيسية لآلاف المهاجرين في شمال أفريقيا، معظمهم من جنوب الصحراء الكبرى، يرغبون في الوصول إلى أوروبا بحراً رغم المجازفة بحياتهم.
ووفقاً لتقرير للمنظمة الدولية للهجرة “ارتفع عدد المهاجرين الذين قضوا أو فُقدوا خلال رحلات هجرتهم على طرق داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو منها عام 2023 إلى 4984، مقارنة بـ3820 عام 2022”.
ويتخوف مراقبون في ليبيا من أن يسفر المنتدى عن توقيع اتفاقيات تهدف إلى توطين المهاجرين في ليبيا لمنعهم من الوصول إلى أوروبا، ما سيزيد من كاهل البلاد التي تعاني من أزمة اقتصادية وانخفاض في عملتها المحلية.
ودعا المرشح الرئاسي، سليمان البيوضي، لاتخاذ موقف موحد ضد مؤتمر الهجرة الذي سيعقد غداً بطرابلس، قائلاً في منشور عبر حسابه بموقع فيسبوك: “أدعو لموقف موحد ضد مؤتمر الهجرة وكل الاتفاقيات التي ستوقعها حكومة الوهم والعار والتدليس لأجل الاستمرار في السلطة”.
وأضاف البيوضي أن “الاتحاد الأوروبي لن يهتم بمصير الليبيين قدر اهتمامه بتوطين المهاجرين ووقف الهجرة عبر البحر إليه”، مشيراً إلى أن “الحديث عن التنمية في أفريقيا هو قمة الوهم ولكم في الكهرباء والقروض وغيرها من الوعود نموذجا”.
من جهة أخرى قال المحلل السياسي حسام العبدلي، في تصريحات صحفية إن “التحدي الذي يواجه هذا المنتدى هو كيف سيتم إيقاف الهجرة من دول المصدر، وتحديداً دول الصحراء منها النيجر وتشاد وبوركينا فاسو والسودان وأفريقيا الوسطى وسيراليون ودول غرب أفريقيا، وكيف يمكن إيقاف هذه الموجات القادمة لليبيا وقاصدة أوروبا”.
وأشار إلى أن “هذا الأمر يتعلق بإقامة مشاريع تنموية لتلك الدول الفقيرة، وعلى أوروبا أن لا تطلب من ليبيا حماية جنوب أوروبا، لابد من إنشاء مشاريع تهتم بتنمية هذه الدول لأن ليبيا دولة عبور وليست معنية بإيقاف هذه الهجرة والمعنيين هنا الأوروبيين، الذين استنزفوا خيرات أفريقيا في السنين الماضية”.
وأردف قائلا: “كان هناك مؤتمر للهجرة في مدينة بنغازي، في الفترة الماضية، شارك فيه عدد من الشخصيات السياسية الأوروبية والأفريقية وبعض المنظمات الدولية، ولكن ماهي نتائج هذا المؤتمر، المشكلة الحقيقية هي عدم الوصول للمسات الأخيرة من النتائج التي يجب أن توضح فيها بأن ليبيا دولة عبور وليست دولة مصدر، وليس شرط على ليبيا أن تحمي أوروبا، وإنما على أوروبا أن تعمل على إقامة المشاريع التنموية في الدول الأفريقية التي تقع خلف ليبيا، وليست ليبيا”.