تتصاعد نسب تدفق النازحين السودانيين لمدينة الكفرة الواقعة في أقصى جنوب شرق ليبيا والتي باتت إحدى الوجهات الرئيسية للفارين من الوضع المأساوي في دارفور بعد اشتداد حد المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وتسببت الحرب في السودان التي اندلعت منذ 15 أبريل 2023 في نزوح أكثر من 8.8 مليون شخص من مساكنهم، وفر الكثير منهم إلى دول الجوار، وفق آخر تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وأصبحت الكفرة، وهي واحة يبلغ عدد سكانها 60 ألف نسمة وتقع في قلب الصحراء الجنوبية الشرقية لليبيا، تحتضن نازحين سودانيين بأعداد تفوق سكان المدينة أنفسهم، حيث كانت تقدر أعدادهم قبل نحو شهرين بـ50 ألف شخص ودخل خلال الشهرين الماضيين أكثر من 30 ألف آخرين.
وأكد عميد بلدية الكفرة، مسعود عبدالله، في تصريحات صحفية أمس الأربعاء أن البلدية يدخلها يومياً قرابة 700 فرد من النازحين السودانيين لأنها أقرب مدينة لمناطق الصراع.
وأشار عبد الله، إلى أن “النازحون تفشى بينهم بعض الأمراض الخطيرة والسارية والمستشفيات عاجزة عن تقديم الخدمات، وأصبحت مدينة الكفرة تعج بالنازحين وبلغ عددهم أضعاف عدد المواطنين”.
وأضاف “ترتب على وجود النازحين في شوارع المدينة حدوث بعض الجرائم والمشاكل بينهم، وشركات النظافة في المدينة عاجزة عن تنظيف المدينة لكثرة عدد النازحين في الشوارع”.
ويغادر بعض النازحين السودانيين مدينة الكفرة عقب وصولهم ويتجهوا إلى مناطق أخرى مثل اجدابيا وبنغازي والبيضاء وطرابلس، إلا أن الأغلبية تختار البقاء في الكفرة، حيث يجذبهم وجود المجتمع السوداني المحلي الذي يقدم الدعم، والارتباط الثقافي والاجتماعي الوثيق بين سكان الجنوب والمناطق السودانية.
يواجه آلاف النازحين السودانيين بالكفرة أوضاعاً وظروفاً إنسانية صعبة، فغالبية الآسر والأفراد يقيمون في العراء والمزارع ويستظلون تحت الأشجار من هجير الشمس ودرجات الحرارة اللاهبة هذه الأيام.
وقال رئيس غرفة الطوارئ في وزارة الصحة بالحكومة المكلفة، إسماعيل العيضة في تصريحات صحفية في وقت سابق إن النازحين السودانيين بينهم مصابون بأمراض وبائية، موزعين على 51 تجمعا بالمدينة، وأن الأوضاع الصحية قد تتأزم نتيجة لارتفاع أعداد اللاجئين، خاصة أن أعدادهم فاقت عدد سكان مدينة الكفرة، عدة مرات.
وأضاف العيضة في تصريح لوكالة سبوتنيك الروسية أنهم سجلوا 780 حالة مصابة بالتهاب الكبد الوبائي، و112 حالة بفقدان المناعة المكتسبة “الإيدز”، و28 حالة بالدرن الرئوي”، ويعتبر هذا المرض منقرضا ومعديا، وتفشيه في المدينة أمر خطير، و108 حالة بالملاريا.
ورغم التحديات الكبيرة، قامت السلطات المحلية بتنظيم حملات لتقديم المساعدات الطبية للنازحين، وتم توفير عيادات متنقلة تقدم الخدمات الطبية والأدوية الضرورية للنازحين. هذه العيادات تلعب دورًا حيويًا في تلبية الاحتياجات الصحية العاجلة والحد من انتشار الأمراض بين النازحين.
ويرى مراقبون أن الوضع الإنساني في مدينة الكفرة يستدعي تدخلاً عاجلاً من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لتقديم الدعم اللازم للنازحين السودانيين، وتقديم الدعم الكامل لبلدية الكفرة لتتمكن من مواجهة هذه الأزمة التي تفوق قدراتها.