الاستفتاء على الدستور في ليبيا.. بين طموحات دبيبة وقوانين البرلمان

0
221

يطفو ملف الاستفتاء على الدستور في ليبيا السطح بين الحين والآخر، بين تصريحات مسؤولين وأحكام قضائية ومطالبات حزبية وشعبية. 

واليوم الأربعاء، طالبت رئاسة الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بتنفيذ الحكم الصادر عن محكمة الزاوية الابتدائية بشأن حق الشعب الليبي في الاستفتاء على مشروع الدستور المنجز من الهيئة في 29 يوليو العام 2017.

وأكدت أن الحكم ينسجم مع الإعلان الدستوري المؤقت الذي كلف الهيئة التأسيسية دون غيرها بمهمة صياغة مشروع الدستور الدائم لليبيا، ويتسق مع ما انتهت إليه الأحكام القضائية السابقة من حق الشعب الليبي في التعقيب على أعمال الهيئة عبر استفتاء عام وفق الإجراءات القانونية المنظمة لذلك.

وأضافت الهيئة أن الحكم ينسجم مع كتابها الموجه إلى إدارة القضايا بضرورة رفع دعوى قضائية ضد المفوضية وآخرين لإلزامهم بإجراء استفتاء على مشروع الدستور طبقا للإعلان الدستوري وقانون الاستفتاء، داعية الشعب الليبي إلى مواصلة دعم المسار الدستوري والتمسك به باعتباره استحقاقا وطنيا وسبيلا وحيدا لإنهاء المراحل الانتقالية المتعاقبة، ووضع حد لحالة الانقسام السياسي والاقتصادي والمؤسساتي، وأنه بداية لإنهاء التدخل الأجنبي، بما يمهد له من إجراء الانتخابات التشريعية والتنفيذية، وفقاً لأحكام الدستور الدائم للبلاد.

وحثت الهيئة التأسيسية الجهات الفاعلة بما فيها بعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا، على احترام سيادة الشعب الليبي، والوقوف عند نصوص قوانينه وأحكام قضائه، واتخاذ كل تدابير فتح باب الاستفتاء له ليقول كلمته بالموافقة أو الرفض، والكف عن الاجتهاد في الابتداع الذي لا يتوافق مع التشريعات النافذة وتجاهل أحكام القضاء الموقر. 

وقبل أيام وتحديداً في 28 مايو الماضي، أصدرت محكمة الزاوية الابتدائية قراراً بإلزام مفوضية الانتخابات بطرح مشروع الدستور للاستفتاء العام، بعد قضية رفعها محامون ضد المفوضية لسرعة إجراء الاستفتاء على الدستور، وبعد تأجيلها عدة مرات صدر حكمها اليوم بإلزام المفوضية بإجراء الاستفتاء.

يتعارض مع هذا التوجه مجلس النواب الليبي، الذي كشف عن الجاهزية لإجراء الانتخابات الرئاسية نهاية العام الحالي 2024، في ظل جاهزية إصدار القوانين المنظمة لها، غير أن الأمر مرهون بتشكيل حكومة موحدة لعدم إمكانية إجرائها من قبل حكومتين.

ولوح رئيس حكومة الوحدة مراراً بضرورة الاستفتاء على الدستور قبل أي انتخابات، وكثيراً ما تساءل عن تأخر “طرح الدستور الذي أعدته لجنة منتخبة من الشعب للاستفتاء، وطالب بذلك” وفق قوله.

وفي أول مايو، قال دبيبة، في كلمة له خلال الجمع العام الأول لمنتسبي مكونات وزارة داخليته، داخل مطار طرابلس : “نريد أن نعلم لماذا لا تطرح مسودة الدستور لكي يستفتى عليها الشعب، تعمد بعض الأطراف السياسية استمرار المراحل الانتقالية لم يعد مقبولاً أبداً، لماذا لا تجرى الانتخابات البرلمانية لتجديد السلطة التشريعية بدل تمديد الأجسام الجاثمة على البلاد منذ سنوات التي سببت في تعاقب الحكومات والإنفاق الموازي”. 

وجاء طرح دبيبة، بعد التوافق بين مجلسي النواب والدولة مؤخراً بعد اجتماع رئيسا المجلسين عقيلة صالح، ومحمد تكالة، رفقة رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، برعاية جامعة الدول العربية مارس الماضي، بحضور الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط.

وتم الاتفاق خلال الاجتماع على وجوب تشكيل حكومة موحدة مهمتها الإشراف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين، وتوحيد المناصب السيادية، وتشكيل لجنة فنية لحل الخلافات حول قوانين الانتخابات والتوافق على عقد جولة ثانية بشكل عاجل لإتمام هذا الاتفاق وتنفيذه. 

ولدبيبة خطة أعلن عنها في فبراير 2022، تحت شعار “إعادة الأمانة إلى أهلها”، وهي خطة تنص على “إجراء الاستفتاء على الدستور بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية” والتي كان مقررًا لها في 24 يونيو 2022، وأن هناك خيار “للتصويت الإلكتروني، مع إمكانية اللجوء إلى انتخابات جزئية في بعض المناطق، وذلك على غرار بعض التجارب الدولية”. 

وآن ذاك زعم دبيبة، أن خطته هي “الحل الوحيد” الذي سيمكن من إخراج جميع الكيانات السياسية، بما فيها حكومته من المشهد الحالي.

ويرى مراقبون تصريحات دبيبة بأنها للاستهلاك الإعلامي، 

لكونه وكثيراً ما تحدث عن ضرورة إجراء الاستفتاء على الدستور، والاكتفاء بالانتخابات التشريعية كلما استشعر وجود تحركات محلية أو إقليمية تستهدف استبدال حكومته. 

وفي تصريحات لعضو مجلس النواب الليبي، صالح أفحيمة، قال إن الأهم في قضية الانتخابات الليبية هو إيجاد ضمانات للقبول بنتائجها، وليس فقط معالجة أي عراقيل أو تحديات أمنية قد تواجه الحكومتين المتنازعتين على السلطة بالبلاد في مناطق نفوذهم. 

ورأى أفحيمة أنه من دون ضمانات للقبول بنتائجها ستعد الانتخابات قفزة للمجهول، وقد تعود بالبلاد إلى نقطة الصفر معرباً عن اعتقاده بأنه من الأفضل، إذا ما صدق الحديث عن جاهزية إجراء الانتخابات، أن يفعل الاستحقاق التشريعي والرئاسي أيضاً، ومن قبلهما الاستفتاء على الدستور.