ما مستقبل العملية السياسية في ليبيا بعد رحيل باتيلي؟

0
176

في خضم حالة الجمود السياسي التي تعيشها ليبيا أعلن المبعوث الأممي عبد الله باتيلي استقالته من منصبه، معتبراً أن البعثة الأممية لا يمكنها أن تتحرك بنجاح لدعم العملية السياسية، في مواجهة قادة يضعون مصالحهم الشخصية فوق حاجات البلاد.

وأكد باتيلي أن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بذلت الكثير من الجهود خلال الأشهر الـ18 الماضية برئاسته، لكن في الأشهر الأخيرة تدهور الوضع، مندداً بغياب الإرادة السياسية وحسن نية الزعماء الليبيين السعداء بالمأزق الحالي.

وقال باتيلي إن القيادات الليبية “لا يملكون النوايا الحسنة لإدارة البلاد، بل يحرصون فقط على مناصبهم، وليس على مصلحة الشعب الليبي، ويشعرون بالراحة في مناصبهم هذه”، معتبراً أن “ليبيا أصبحت ميدان قتال وتصارع على المصالح، مع استخدام عدة أطراف أجنبية لأراضيها كأرض صراع واقتتال”.

والعملية السياسية في ليبيا متجمدة منذ عدة أشهر، بعد تراجع مجلس الدولة الاستشاري عن توافقه على قوانين الانتخابات التي أنجزتها لجنة 6+6 المشتركة من مجلسي النواب والدولة.

وأدعى رئيس مجلس الدولة الاستشاري محمد تكالة، إن مجلس النواب عدل في قوانين الانتخابات التي أنجزتها لجنة 6+6، فيما يؤكد مجلس النواب أن القوانين لم تعدل وتم إصدارها رسمياً وتسليمها إلى مفوضية الانتخابات الليبية.

ويطالب مجلس النواب باستكمال المسار السياسي واختيار حكومة جديدة موحدة للإشراف على إجراء الانتخابات بعد أن تم إنجاز قوانينها، فيما تعارض حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد دبيبة هذا التوجه وتؤكد أنها ستشرف على الانتخابات وتسلم السلطة لحكومة منتخبة.

وكان باتيلي دعا في أواخر نوفمبر 2023، إلى عقد اجتماع خماسي لحل هذه الخلافات، يضم مجلسي النواب والدولة والمجلس الرئاسي القيادة العامة للجيش الوطني الليبي وحكومة الوحدة.

لكن دعوة باتيلي لم تجد ترحيباً من مجلس النواب والقيادة العامة للجيش بسبب تجاهل الحكومة الليبية المكلفة برئاسة أسامة حماد وعدم دعوتها للاجتماع رغم أنها الحكومة المعترف بها من مجلس النواب.

وتعليقاً على استقالة باتيلي، قال النائب الأول لرئيس مجلس الدولة الاستشاري مسعود عبيد، إنها كانت متوقعة بعد فشل البعثة في إدارة الأزمة الليبية وعدم توفيقها في جمع الأطراف المختلفة، وفقاً للمبادرة المقترحة، في إشارة إلى الاجتماع الخماسي الذي دعا له باتيلي.

ورأى عبيد، أن معاناة البلاد من الفوضى والانقسام والعنف ما هو إلا نتاج للانقسام المحلي والإقليمي والدولي على الملف الليبي، مشيراً إلى أن إخفاق الأمم المتحدة بمبادراتها العديدة في إدارة القضية الليبية يحتم على مجلسي النواب والدولة تحمل مسؤولياتهما لإخراج البلاد من المأزق الحالي، وإزالة كل العراقيل والتحديات الموجودة.

بالمقابل قال النائب الأول لرئيس مجلس النواب الليبي فوزي النويري، إن استقالة المبعوثين الأمميين إلى ليبيا، التي تكررت أكثر من مرة حتى أصبح التمثيل الدولي مفضوحاً أو عاجزاً أو متواطئاً، الأمر الذي يوجب على كل الليبيين بجميع أطيافهم ساسة وأمنيين ومواطنين الالتفات إلى بلادهم، وصنع الحل ذاتياً ووطنياً بعيداً عن المجتمع الدولي، حتى لا يبكي الجميع على الأطلال بعد فوات الأوان.

وأشار النويري، إلى أنه وفي ظل التعقيد الحاصل، وحدة التدخلات الخارجية، وعدم مصداقية الحلول والمساعدة الدولية في صنع الحل للأزمة الليبية، تظل الحاجة ملحة للحلول الوطنية، وإلى تحريك ملف المصالحة الوطنية بشكل أكثر جدية حتى لا يفوت الأوان.

ويرى مراقبون أن البعثة الأممية على مدار الـ13 عاماً الماضية لم تستطيع حل الأزمة الليبية بل ساهمت في تفاقمها عن طريق فرض حلول غير متوافق عليها من جميع الأطراف.

ويؤكد المراقبون أن الحل في ليبيا يجب أن يكون نابع من الليبيين أنفسهم ومتوافقون عليه جميعاً حتى يضمن تنفيذه، مع وقف التدخلات الخارجية وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد.