يتطلع الليبيون أن يشهد العام 2024 انفراجة سياسية وتجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، إلا أن حالة الانسداد السياسي التي تعيشها البلاد الآن لا تبشر بوجود حل قريب لإنجاز الاستحقاق الانتخابي.
ومنذ أن تعثر إجراء الانتخابات في ديسمبر 2021 دخلت الأطراف السياسية الليبية في مفاوضات ماراثونية تبلورت في النهاية بإصدار مجلس النواب الليبي قوانين انتخابات الرئاسة ومجلس الأمة، التي كانت أنجزتها لجنة 6+6 المشتركة بين مجلسي النواب والدولة.
وكان من المفترض أن يستكمل مسار الحل السياسي بالعمل على حل مشكلة وجود حكومتين في البلاد (حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد دبيبة في الغرب والحكومة المكلفة برئاسة أسامة حماد في الشرق) واختيار حكومة موحدة جديدة تشرف على إجراء الانتخابات.
لكن الليبيين اصطدموا من جديد بمعارضة مجلس الدولة الاستشاري لقوانين الانتخابات بحجة أن مجلس النواب قام بالتعديل عليها عن ما اتفقت عليه لجنة 6+6، إلى جانب تحفظ البعثة الأممية على القوانين بسبب غياب التوافق السياسي عليها، لتعود العملية السياسية في ليبيا من جديد إلى نقطة الصفر.
المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، طرح مبادرة دعا فيها إلى عقد اجتماع خماسي بين مجلسي النواب والدولة والمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة والقيادة العامة للجيش الوطني الليبي لحل الخلافات التي تقف في طريق الانتخابات.
لكن هذه الدعوة لاقت رفضاً من مجلس النواب والقيادة العامة لعدم دعوة الحكومة الليبية المكلفة برئاسة أسامة حماد للاجتماع، فيما لاقت قبول من مجلس الدولة وحكومة الوحدة والمجلس الرئاسي.
وتعليقاً على الوضع السياسي الحالي، استبعدت عضو مجلس النواب، أسمهان بالعون، إجراء الانتخابات في ليبيا قبل عام 2027، مشيرة إلى أن مجلس الدولة وحكومة دبيبة، سيخلقان الأسباب لتأجيلها، رغم جاهزية قوانين الانتخابات.
وقالت بالعون، في تصريحات صحفية إنه لابد من اتخاذ خطوات أكثر جدية لتشكيل حكومة جديدة في أسرع وقت، وإلا فأيام الاستقرار الوهمية ستنتهي قريباً، وخيار الحرب سيكون هو الحاسم، مثلما حدث مع حكومة السراج.
ولفتت إلى أن الثقة مفقودة بين كل الأطراف في ليبيا، والليبيين بحاجة للاتفاق على عقد اجتماعي جديد، قائم على عدم الإقصاء، بعيداً عن المغالبة المجحفة.
كما استبعدت وجود دعم دولي في الوقت الحالي لحل أزمة ليبيا، وقالت إن ليبيا الآن أصبحت قضية منسية على المسرح العالمي بعد حربي أوكرانيا وغزة، إلا إذا كان الأمر يتعلق بالنفط، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، ولا يوجد طرف قوي في المشهد يستطيع السيطرة على ليبيا بمفرده، وأمريكا لا تملك خيوط اللعبة وحدها، في ظل وجود الدولة الروسية.
من جهة أخرى وصف عضو مجلس الدولة الاستشاري سعد بن شرادة، مبادرة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، بأنها زادت من إرباك المشهد بعد أن دعا الأطراف الخمسة ولم يحدد أي مكان أو زمان للقاء.
وقال بن شرادة، في تصريحات صحفية، إن خطة باتيلي، الهدف منها إطالة أمد الأزمة لأنه يعلم أن الأطراف الخمسة لو دخلت في حوار قد يستغرق الأمر أكثر من سنة على غرار حوار الصخيرات.
وأشار، إلى أن الأطراف الخمسة لم يمانعوا في الحضور لكن بعضهم لديه تحفظات ولا يريد الحضور كما يريد باتيلي، الذي يتعمد المماطلة.
على الجانب الآخر حذر رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد حمزة، من عدم الدفع نحو إجراء الانتخابات الليبية في 2024 وإحداث التغيير السياسي الذي ينشُده الليبيين من خلال انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية، وعلى أُسس وقواعد دستورية وقانونية سليمة، مشيراً إلى أنه في حال عدم إجراء الانتخابات هذا العام فإن البلد مقبلة على حالة انهيار شامل.
ودعا حمزة إلى تكثيف العمل والجهود الوطنية لتلافي حدوث هذه الكارثة، والتي ما من شأنها أن تعمق من حدة الأزمة الراهنة التي تشهدها البلاد، وتهدد وحدتها الوطنية والجغرافية ووجودها ككل.