حصاد ليبيا 2023.. فساد لا ينتهي وثروات الليبيين مال “سائب”

0
5491

وفقاً لتقرير منظمة الشفافية العالمية لعام 2023، احتلت ليبيا المرتبة 171 من أصل 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد، مما يعني أنها واحدة من أكثر الدول فساداً في العالم.

وتتنوع أشكال الفساد الشائعة في ليبيا ما بين الرشاوى وسوء استخدام السلطة للمسؤولين الحكوميين لإنجاز المعاملات أو الحصول على مزايا غير مستحقة، واختلاس الأموال العامة. 

وشهد عام 2023 وقائع فساد كبرى، فما بين كوارث طبيعية وتسجيلات صوتية، وأخرى كشفت عنها تقارير ديوان المحاسبة أو حتى تحقيقات النيابة العامة، استمر مسلسل الفساد من تهريب ذهب الليبيين في غيبة القانون إلى التلاعب بثرواتهم في المؤسسات الصحية والبعثات الدبلوماسية.

وكشف ديوان المحاسبة الليبي أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد دبيبة وافق على شراء سيارات للوزراء ووكلاء الوزارات وديوان رئاسة الوزراء بـ40.5 مليون دينار خلال العام 2022. 

كما رصد موافقته على تمليك 27 سيارة حديثة لوزراء حكومته عقب شرائها مباشرة بالمخالفة للتشريعات والقوانين التي تنظم شراء واستعمال السيارات المملوكة للدولة. وأشار الديون إلى تغطية شراء السيارات من مخصصات التنمية في الباب الثالث، والمُرحَّلة من السنة المالية 2021 بشكل مخالف للقانون.

وكشفت كارثة فيضانات درنة، إهمالا حكوميا وإداريا بالغين قادا إلى انهيار سدي المدينة، حيث بدأت محكمة درنة الابتدائية محاكمة 16 مسؤولاً عن كارثة الفيضانات المدمّرة التي ضربت المدينة في سبتمبر الماضي، وأودت بحياة آلاف الأشخاص، ودمّرت البنية التحتية.

وقررت النيابة العامة، في سبتمبر، رفع الدعوى الجنائية في مواجهة المسؤولين الـ16 عن حادثة فيضان درنة، معظمهم في إدارة الموارد المائية والسدود، ومن بينهم رئيس صندوق إعمارها. 

وشملت لائحة الاتهامات الموجهة إلى مسؤولين بهيئة الموارد المائية إساءة إدارة مهماتهم الإدارية والمالية، وإسهام أخطائهم في مدينة درنة. 

ووجه لعضو اللجنة المالية المكلفة بتنفيذ مخطط إعمار المدن المتضررة من الفيضانات الإهمال في اتخاذ وسائل الحيطة من الكوارث، وتسببه في خسائر اقتصادية لحقت ليبيا.

وكشفت تحقيقات النيابة، التي بدأت في سبتمبر الماضي، سداد مسؤولي إدارة الموارد المائية مبالغ مالية لشركة أرسيل التركية للإنشاءات، لتأهيل السديْن، على الرغم عدم تناسب المبالغ المالية التي حصلتها مع أعمالها المنجزة، وثبوت إخلالها بالالتزامات المتولدة عن العقد. 

واقعة فساد أخرى تحدثت عنها تقارير إعلامية عن محاولة تهريب 8500 كيلوغرام من الذهب عبر مطار مصراتة، وتداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي الليبية تسجيلات صوتية تتعلق بواقعة تهريب كميات كبيرة من الذهب عبر مطار مصراتة. 

وتحتوي هذه التسجيلات على مكالمات بين كل من رئيس جمرك مطار مصراتة، العميد فتحي مخلوف، والقيادي في قوة العمليات المشتركة، أبوالقاسم الصمدي، تشير إلى تورط الطرفين في واقعة التهريب، والتنسيق فيما بينهما في ترتيب عمليات التهريب، وتواطؤ هيئة الرقابة الإدارية فيما يتعلق بالواقعة.

كما شهدت المصارف الليبية قضايا فسادة كبرى، أعلن عنها مكتب النائب العام في كافة المدن والمناطق الليبية ففي يناير، تقرر حبس مدير سابق لفروع مصرف الصحارى في المنطقة الجنوبية بتهمة اختلاسه 30 مليوناً و500 ألف دينار. ولم يكد يمر شهران، وتحديدا في مارس الماضي، حتى كشف مكتب النائب العام تفاصيل اختلاس 375 ألف دينار من أموال فرع مصرف الجمهورية بالظهرة، ليقرر النائب حبس ثلاثة من موظفي المصرف.

وفي نهاية العام 2023، وتحديدا في ديسمبر، تزايدت أعداد قضايا الفساد المصرفي، إذ قرر النائب العام حبس رئيس مجلس إدارة ومدير عام سابقين ومسؤول الفرع الرئيس لمصرف الإجماع العربي بتهمة الفساد المالي، وكذلك مسؤول الحسابات الجارية في فرع مصرف الجمهورية – جنزور الشرقي بتهمة تحصيل 1.3 مليون دينار عبر تزوير بيانات صرف رواتب.

كما تقرر حبس مدير فرع المصرف الريفي في طرابلس بتهمة تسهيل الاستيلاء على مليون و300 ألف يورو. كما تقرر حبس مسؤول الخزانة في فرع مصرف الجمهورية بعين زارة بتهمة خصم 296 ألفاً و500 دينار بناء على استعمال صكوك مصرفية نسبت زورا إلى أحد عملاء المصرف، ثم تعمد إخفاء تلك الصكوك بغية تعقيد تتبع الإجراءات المتعلقة بها.

وفي أكتوبر ونوفمبر الماضيين، أصدرت محكمة جنايات طرابلس حكمين، أحدهما بالسجن عشر سنوات لمسؤول قسم الحسابات الجارية في فرع مصرف الوحدة – المعمورة بالزاوية بتهمة إساءة استخدام سلطته، وتزوير وثائق مالية. كما أصدرت المحكمة نفسها حكما آخر بسجن مسؤولين في مصرف الجمهورية – فرع بالأشهر في تاجوراء، لمدد تتراوح ما بين سنة و30 شهراً، بتهمة اختلاس أكثر من 1.8 مليون دينار من حساب أحد عملاء المصرف.

وكان للبعثات الدبلوماسية نصيباً من وقائع الفساد، أبرزها ما كشفه تسريب صوتي نُسب إلى السفيرة الليبية في بلجيكا أمل الجراري، في أغسطس الماضي، استدعى أمر من النيابة العامة الليبية بحبسها احتياطياً بتهمة الفساد.

كذلك رقيب سابق على إدارة المال العام في الملحقية الصحية ببعثة ليبيا لدى إيطاليا تم توقيفه بتهم تتعلق بالتصرف في مليون و921 ألفا و50 يورو دون مبرر قانوني في يناير الماضي، وكذلك حبس المراقب المالي السابق في بعثة ليبيا لدى تونس احتياطيا، لمخالفته قواعد وضوابط إدارة المال العام في مارس الماضي.

كما شملت أوامر الحبس القائم بأعمال المراقب المالي السابق في بعثة ليبيا لدى مصر، أبريل الماضي، وذلك على خلفية اتهامه بإلحاق الضرر الجسيم بالمال العام، ومخالفته قواعد وضوابط إدارته، وكذلك حبس المراقب المالي المنسَّب إلى بعثة ليبيا لدى الهند بتهمة الاختلاس عن طريق تكرار بيانات صرف رواتبه.

وفي بعثة ليبيا لدى الأرجنتين كانت تهمة الانفراد بإدارة الحسابات المصرفية في انتظار القائم بالأعمال هناك، بينما اختتم العام بحكم إدانة رئيس بعثة دولة ليبيا لدى أوغندا، ومسؤول ضبط الشؤون المالية في البعثة، خلال الفترة الممتدة من العام 2013 حتى العام 2017 من قِبل محكمة الجنايات بطرابلس.

ومن بين قضايا الفساد، تقرر حبس رئيس مجلس إدارة شركة أكاكوس للخدمات النفطية احتياطيا في مارس الماضي بتهمة الفساد، وكذلك رئيس لجنة إدارة شركة مبروك للعمليات النفطية بسبب تعاقده مع شركة أجنبية على الرغم من انتفاء الحاجة إلى التعاقد.

وفي يناير الماضي، تقرر حبس مسؤول الإدارة العامة للتسويق الدولي بالمؤسسة الوطنية للنفط، ومدير الإدارة العامة للتزويد والنقل البحري بشركة البريقة لتسويق النفط على ذمة التحقيقات في وقائع توريدهما كميات من الوقود غير مطابقة للمواصفات القياسية الليبية.

كذلك تقرر حبس مدير تنفيذي سابق بشركة خدمات الطرق السريعة للخدمات النفطية في طرابلس احتياطياً على ذمة وقائع اختلاس منقولات مملوكة للشركة تبلغ قيمتها 250 ألف دينار.