تتفاقم مشكلة التغيرات المناخية في ليبيا يوماً تلو الآخر، وهي أزمة طغت إلى السطح بقوة بعد فيضانات درنة التي ضربت شرق البلاد سبتمبر الماضي.
ومؤخراً كشف تقارير، عن تفاقم معاناة مربي المواشي في ليبيا بسبب انحسار المراعي واندثار الغطاء النباتي وقلة المياه، الأمر الذي أدى إلى انخفاض إنتاج الحليب واللحوم.
وتعاني ليبيا من فترات الجفاف الطويلة والمتوالية، والتي أدت إلى نقص المياه اللازمة لري المراعي، مما أدى إلى هجرة الحيوانات إلى مناطق أخرى بحثاً عن الغذاء والماء.
ويواجه مربو المواشي صعوبات كبيرة في توفير الغذاء والماء للحيوانات، مما يهدد بقاء هذه المهنة في البلاد، في ظل مطالبات بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمساعدة مربي المواشي، من خلال توفير المياه ودعم إنتاج الأعلاف.
وتمثل المراعي مصدرًا مهمًا للغذاء والماء للمواشي، كما أنها توفر فرص عمل للعديد من الأشخاص في ليبيا.
وفي سبتمبر الماضي، كشف تقرير نشره الموقع الرسمي لمنظمة الصليب الأحمر، أوضح أن مجموعة World Weather Attribution، وهي مجموعة من العلماء مدعومة من الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، أجرت تحليل للبيانات المناخية والمحاكاة الحاسوبية لمقارنة المناخ كما هو اليوم، أي بعد زيادة حوالي 1.2 درجة مئوية من الاحتباس الحراري، مع مناخ الماضي.
ووجد العلماء أن تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري أدى إلى زيادة احتمال هطول الأمطار الغزيرة في شمال شرق ليبيا بما يصل إلى 50 مرة عما كان سيحدث في عالمٍ لا يعاني من تغير المناخ بسبب النشاط البشري، ووجدوا أيضاً أن الأمطار الغزيرة وصلت إلى 50% أكثر من معدلها في عاصفة ممطرة مماثلة في عالمٍ ما قبل تغير المناخ.
وبحسب التقرير، أوضح العلماء أنه حتى في عالمٍ “دافئ” بمقدار 1.2 درجة مئوية، فإن تساقط الأمطار في ليبيا كان متطرفًا. لقد كان حدثاً من المتوقع أن يحدث مرة واحدة فقط كل 300-600 عام. ومع ذلك، فإن هذه الوتيرة أعلى بكثير مما يمكن أن تكون عليه الحال في عالمٍ لم ترتفع فيه درجات الحرارة.
وأوضح التقرير أن هطول الأمطار وحده لم يجعل كارثة درنة حتمية، بحيث أن التأهب، وتقليل أعمال البناء في المناطق المعرضة للفيضانات، وتحسين إدارة البنية التحتية للسدود، لكانوا قد قللوا من التأثير الإجمالي للعاصفة دانيال. ومع ذلك، فإن التغير المناخي عاملاً هاماً في تسبب الظواهر الجوية المتطرفة وتفاقمها.
وقالت جولي أريغي، المديرة المؤقتة لمركز المناخ التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر والذي يضم باحثين يعملون على تقرير إسناد الطقس العالمي: “تُظهر هذه الكارثة المدمرة كيف تجتمع الظواهر الجوية المتطرفة التي يغذيها تغير المناخ مع العوامل البشرية لإحداث تأثيرات أكبر، حيث يتعرض المزيد من الأشخاص، والممتلكات، والبنية التحتية لمخاطر الفيضانات. ومع ذلك، هناك حلول عملية يمكن أن تساعدنا في منع هذه الكوارث من أن تصبح روتينية، مثل تعزيز إدارة الطوارئ، وتحسين التنبؤات القائمة على التأثير، وتحسين أنظمة الإنذار، وانشاء بنية تحتية مصممة لمناخ المستقبل.”