مبادرات بلا فائدة ووجود دون تأثير.. ما دور البعثة الأممية في ليبيا؟

0
420
البعثة الأممية في ليبيا

مبادرات عديدة وتصريحات رنانة وجولات مكوكية للمبعوث الأممي عبد الله باتلي وفريقه الأممي، والهدف المعلن لكل ذلك هو الوصول إلى حل للأزمة وفك الجمود الذي سيطر على الحياة السياسية في ليبيا، إلا أن كل تلك الخطوات كالذي يجري في مكانه، لا فائدة منها، بل في بعض الأحياة تؤجج الصراع.

وعلى الرغم من تعاقب المسؤولين الأممين الذي تولوا بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، في محاولة للوقوف على أسباب الأزمة والمساعدة بشكل فعال وحقيقي في حلها، وتقديم التسهيلات اللازمة للحكومات لتحسين أدائها السياسي، من أجل الوصول تمهيد الطريق لانتخابات رئاسية وبرلمانية، إلا أنها أخفقت بشكل لا شك فيه في مهمتها.

البعثة الأممية في ليبيا، وبعد سنوات من العمل دون جدوى، وجهت إليها اتهامات في العام الماضي، بالتواطئ والتملص من الإشراف على تشكيل حكومة جديدة تقود البلاد إلى بر الأمان، خاصة بعد أن انتهت ولاية حكومة الوحدة الوطنية، بعد فشلها الساحق في كل الملفات وعلى رأسها ملف الانتخابات والتمهيد لها.

وحينها، خرجت تقارير تفيد بأن المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، يخطط للإعلان عن خارطة طريق تتضمن تشكيل حكومة جديدة.

لتخرج البعثة في بيان رسمي لها، وتُكذب تلك التقارير، وتصفها بـ “أخبار كاذبة” تهدف إلى إرباك العملية السياسية الجارية، وإحداث خلط بشأن دور بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الذي لا يتمثل في فرض وصفة للحل وإنما يقضي بتشجيع ودعم حل ليبي – ليبي.

وفي يونيو من العام الجاري، أصدرت الأمم المتحدة نتائج أعملها خلال عام 2022، كشفت خلاله عن المشروعات التي قامت بها المؤسسات والمكاتب التابعة لها في ليبيا، حيث عددت مهامها وإنجازاتها، لتتوقف عند البعثة الأممية، التي لم تقدم أي تقدما ملحوظا منذ توليها تواجدها في البلاد.

واكتفت الأمم المتحدة ببعض الكلمات الإنشائية عن نشاطها السياسي ودورها في الحياة السياسية الليبية، كتيسير الحوار بين الجهات السياسية الفاعلة، والمجتمع المدني وفاعلين ليبيين من مختلف أرجاء البلاد، لدعم مسار السلام المستدام وإجراء انتخابات وطنية ذات مصداقية.

وقالت إنها قدمت الدعم الفني من قبل الأمم المتحدة في المجالات الدستورية والقانونية والانتخابية لفائدة المؤسسات المعنية بالانتخابات والجهات الفاعلة الرئيسية على المستويين المحلي والوطني؛ لتعزيز المصالحة الوطنية الشاملة والقائمة على الحقوق، دعمت الأمم المتحدة الحوارات الليبية الداخلية.

وفي يوليو الماضي، اتهمت للجنة الليبية المشتركة (6+6) المكلفة من مجلسي النواب والدولة بإعداد مشروعات قوانين الاستفتاء والانتخابات العامة، البعثة الأممية بأنها تحاول فرض إملاءات في الشأن الليبي.

كما اتهمت اللجنة، بشكل صريح، المبعوث عبدالله باتيلي بمحاولة تغليب طرف على آخر ودعمه، داعية البعثة في الوقت نفسه إلى دعم خارطة الطريق المعروضة على المجلسين، ودعم توحيد المؤسسات عبر تشكيل حكومة موحدة، وأن كتاب البعثة الأممية بشأن القوانين الانتخابية التي أعدتها اللجنة يتضمن مطالبات حملت صيغة الواجب والمطلوب، واشتراط الدعم مقابل الأخذ بما ورد.

وحينها اعتبرت اللجنة مضمون كتاب البعثة ناسفا للتعديل الدستوري وللقوانين الانتخابية، وأشارت إلى عدم ارتياحها للمواقف السياسية لرئيس البعثة الأممية إزاء أطراف الصراع السياسي القائمة حاليا، ومحاولة تغليب طرف على آخر ودعمه، مما أسهم في تعميق حالة الانقسام السياسي، وتدهور الوضع الأمني، واستمرار حالة الفساد، وعرقلة الوصول إلى دولة المؤسسات والقانون.

كما اتُهمت البعثة الأممية لدى ليبيا ومن ورائها الدول الغربية الكبرى، بالانحراف عن مسار مهمتها الموكلة ومحاولة عرقلة توافق الليبيين حول إجراء الانتخابات، وذلك بعد أن حذرت البعثة في بيان لها من أي إجراءات أحادية الجانب أو محاولة لتقويض تطلعات الليبيين إلى إجراء انتخابات وطنية، رداً على إعلان مجلس النواب الليبي اعتماد خارطة الطريق المقترحة من لجنة 6+6.

فبعد بيان البعثة برفضها تلك الخطوة، خرج بيان مشترك من سفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة لدى ليبيا أعلنت فيه دعمها لجهود باتيلي، لإشراك جميع المؤسسات الليبية وأصحاب المصلحة الرئيسيين، بناءً على عمل لجنة 6+6 من خلال معالجة جميع العناصر المتنازع عليها في الإطار الانتخابي بالترتيب، لجعلها قابلة للتنفيذ، وتأمين الاتفاق السياسي الشامل الضروري.

وكأن البعثة والدول الغربية على وجه التحديد، جاءت لتعقيد الأمور وتوسيع الفجوة بين المؤسسات الليبية وتعطيل الخطوات المؤدية لاستقرار الحياة السياسية في البلاد.

ورغم كل تلك الإخفاقات، مازالت البعثة الأممية تحمل في جُعبتها العديد من المبادرات غير القابلة للتنفيذ، حيث أجرى المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، اتصالا هاتفيا برئيس مجلس الدولة الاستشاري، محمد تكالة، أطلعه فيها على تفاصيل مبادرة جديدة للبعثة، سيتم طرحها خلال الفترة المقبلة على الساحة السياسية.

لم تظهر ملامح المبادرة الأممية الجديدة حتى الآن، وهو ما يجعلنا نطرح السؤال الأهم، هل تنجح تلك المبادرة، أم سيكون مصيرها كمصير سابقيها، أدراج مكتب البعثة في طرابلس؟