اتفاقيات ومواعيد ولا أحد يلتزم في ليبيا.. متى تجرى الانتخابات؟

0
683
الانتخابات الليبية
الانتخابات الليبية

يأمل الليبيون أن تحدث انفراجة لأزمة بلادهم السياسية التي أمدت لعقد من الزمن وتجرى الانتخابات لاختيار رئيس ومجلس نواب وحكومة موحدة وإنهاء حالة الانقسام.

وخلال الأيام الأخيرة شهدت الساحة السياسية في ليبيا تطورات إيجابية بعد إعلان مجلس النواب الليبي إصدار قوانين الانتخابات التي أنجزتها لجنة 6+6 المشكلة من مجلسي النواب والدولة، والتي كانت أحد أهم العقبات في طريق إجراء الانتخابات.

إلا أن هذه التطورات الإيجابية اصطدمت بتغير موقف مجلس الدولة الاستشاري، الذي أعلن رفضه لإصدار قوانين واتهم مجلس النواب بتغيير ما اتفقت عليه لجنة 6+6 خلال اجتماعها في مدينة بوزنيقة المغربية في يونيو الماضي.

وبدلاً من استكمال المسار والعمل على تشكيل حكومة جديدة وتحديد موعد جديد للانتخابات، بدأت البلاد في دخول دوامة جديدة، ما بين مؤيد لإصدار قوانين الانتخابات من قبل مجلس النواب والفريق الآخر المؤيد لمجلس الدولة.

رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، خاطب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لإبلاغه بوفاء مجلس النواب بالتزامه وإصدار قوانين الانتخابات، والمطالبة بدعم الأمم المتحدة وحشد دعم دولي لاستكمال باقي المسار واختيار حكومة جديدة وتحديد موعد للانتخابات.

لم ترد الأمم المتحدة على رئيس مجلس النواب الليبي، لكن المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي طلب نسخة من القوانين الانتخابية، وحصل عليها بالفعل من مجلس النواب، وهو الآن يجري مشاورات لتقييمها وإمكانية تنفيذها على أرض الواقع.

ويرى مراقبون أن الكرة الآن في ملعب الأمم المتحدة، فإذا جاء تقييمها لقوانين الانتخابات إيجابيا ودعمت مجلس النواب، ستوفر الشرعية والدعم الدولي لاستكمال المسار واختيار حكومة جديدة وتحديد موعد جديد للانتخابات.

ولكن في حالة جاء تقييم الأمم المتحدة للقوانين سلبي، سيكون من الصعب تنفيذها لاسيما أن هناك أطراف ليبية غير موافقة عليها، وبالتالي سيلجأ المبعوث الأممي عبد الله باتيلي إلى تنفيذ مبادرته التي كان طرحها في وقت سابق ويشكل لجنة حوار لتعد قوانين الانتخابات وترسم خارطة طريق جديدة لإجرائها.

ويبقى السؤال المطروح على الساحة الليبية خلال السنوات الماضية، هل الانتخابات الليبية سترى النور قريباً أم أنها مجرد وهم ووعود كاذبة؟.

وخلال الـ5 سنوات الماضية أطلقت الكثير من الوعود لإجراء الانتخابية في ليبيا دون تنفيذ، وجميع من دعا لها لم يلتزم وأخلف بالوعد.

ففي مارس وديسمبر 2018، دعا رئيس المجلس الرئاسي السابق فائز السراج ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح على الترتيب إلى إجراء الانتخابات الرئاسية ولكن فشلت تلك الدعوات، واستمر الأمر حتى في ديسمبر 2019 كرر السراج دعوته لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وفي يونيو 2019 حاولت البعثة الأممية لدى ليبيا، ورئيسها آنذاك غسان سلامة إجراء الانتخابات ولكن محاولتها هي الأخرى فشلت.

وخلال ملتقى الحوار السياسي الذي عقد في نوفمبر 2020، اتفق الليبيون على خارطة طريق تبدأ باختيار سلطة تنفيذية وتوحيد المؤسسات الليبية وتنتهي بإجراء الانتخابات في ديسمبر 2021، إلا أنه تم تأجيلها بعدما أعلنت مفوضية الانتخابات عجزها عن إجراؤها في موعدها المحدد.

وفي مارس الماضي، اقترح المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، أن تعقد الانتخابات في شهر يونيو 2023، وذلك بعد عدة لقاءات أجراها مع مسؤولين ليبيين في الشرق والغرب، وكان المقترح وفقاً لتصريحاته أقرب إلى اليقين، بعد أن شعر أن الأجواء باتت مناسبة لعقدها، ولكنها لم تعقد في الموعد الذي اقترحه.

ويرى مراقبون أن الأحداث أثبتت أن النخب السياسية الممسكة بزمام الحكم في ليبيا مستفيد من الوضع الحالي الغير مستقر، ولا يمكن أن تتخلى طواعية لا عن السلطة ولا عن الامتيازات التي تتمتع بها عن طريقه، وهي لا تختلف في ذلك عن أمراء الحرب وقادة الميليشيات المسيطرين على الأرض، والذين لا يزالون بدورهم يلاعبون السياسيين ويبتزون السلطات التنفيذية في سبيل فرض خياراتهم التي تتنافى مع أسس الدولة المدنية وثوابت البناء الديمقراطي الحديث.

كما يرى المراقبون أن الانتخابات الحرة النزيهة لن تكون في مصلحة شبكات الفساد التي تغولت خلال السنوات الماضية وأصبحت الحاكم الفعلي في البلاد عبر تحالفها المتين مع المفروضين على مواقع القرار التنفيذي بإرادة المجتمع الدولي، ولا في مصلحة الجماعات المسلحة والميليشيات التي اتخذت شكل مؤسسات عائلية وشركات خفية الاسم وتحولت إلى أسس تنبني عليها اقتصادات محلية في الكثير من المناطق، سواء بالاعتماد على تهريب الوقود والسلع التموينية أو الاتجار بالبشر أو تجارة العملة أو غيرها من مصادر الكسب غير المشروع قانوناً والمباح والمتاح في ظل الواقع الفوضوي.