حكومات متعاقبة والفاسد في منصبه.. لماذا ظل الصديق الكبير على رأس مصرف ليبيا المركزي حتى الآن؟

0
187

على مدار نحو 12 عاماً تعاقبت على ليبيا نحو 11 حكومة، لم تستطع واحدة إقصاء غول الفساد المترسخ في مكانه منذ أكتوبر 2011.

محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، باق في منصبه رغم قرارات عدة من قبل مجلس النواب بإقصاءه، ومحاولات حكومية لتعيين بديل بما يضمن الحفاظ على ثروات الليبيين، التي نهبها الكبير وساعد ميليشيات وخونة في نهبها، وهو ما يؤكد المحاولات المستمية للإبقاء عليه.

وعلى مدار السنوات الماضية تعاقبت 11 حكومة على إدارة شؤون البلاد، اثنتين منها لم يعترف بهما دولياً.

البداية كانت في 24 نوفمبر عام 2011 أدت حكومة عبد الرحيم الكيب، اليمين الدستورية بتكليف من المجلس الانتقالي الليبي، لتكون أول حكومة بعد ثورة 17 فبراير.

وأعلن الكيب، عقب ثلاثة أشهر من الإطاحة بالقذافي، عن تشكيل حكومته معتمداً فيها على الكفاءات من مختلف مناطق ليبيا، لتنهي بذلك مهام «المكتب التنفيذي» الذي ترأسه الراحل الدكتور محمود جبريل، وعين خلال فترته الصديق الكبير في أكتوبر من نفس العام.

واستمر الصديق الكبير في عهد حكومة علي زيدان التي تولت في 14 نوفمبر 2012 بشكل رسمي خلفاً للكيب، واستمر في إدارة شؤون البلاد مع تصاعد أعمال الاقتتال وتنامي دور الميليشيات المسلحة بالعاصمة، وهو ما ممكن الصديق الكبير من ترسيخ سلطاته حيث دخل في تمويل ميليشيات متطرفة وعناصر إرهابية.

وفي 11 مارس 2014 صوت المؤتمر الوطني العام بحجب الثقة عن حكومة زيدان وتكليف وزير الدفاع عبد الله الثني بمهام رئيس الحكومة لحين انتخاب رئيس وزراء جديد، ولكن بقى الصديق وانقسم مصرف ليبيا وسيطرت جماعة الإخوان المسلمين على مجلس إداراته.

وفي عام 2014 أصدر البرلمان الليبي قراراً بإعفائه من منصبه واختار علي الحبري بديلاً له، إلا أن الصديق الكبير رفض قرار البرلمان وظل متمسكا بمنصبه بالمخالفة للقانون الليبي، لتنتهي مدته القانونية في 2016، إلا أنه رفض تسليم مهامه ليظل على رأس المصرف مستنزفا لثروات الليبيين، على الرغم من صدور قرار البرلمان الليبي في ديسمبر 2017 بتعيين محمد الشكري.

واستمر الحال هكذا حتى الآن، في ظل وجود حكومتين (الوحدة) يرأسها عبدالحميد دبيبة والثانية (المكلفة) يرأسها أسامة حماد.

ودعمت جماعة الإخوان الكبير في منصبه محافظاً لمصرف ليبيا، ليظل مسيطرا عليه لسنوات حتى تتحكم في أموال الليبيين، وتورط منذ توليه المنصب في الكثير من قضايا الفساد، إذ أنه متهم بإهدار إيرادات ليبيا المودعة في المصرف الليبي المركزي وتوزيعها على الميليشيات في صورة اعتمادات، وتمويل التنظيمات الإرهابية.

ومع مجرد الإعلان عن مرشح بديل للصديق الكبير يتم إقصاءه، وتلفيق القضايا له، فعلى مدار أيام تم القبض على وزير المالية السابق فرج بومطاري بعد ترشيحه لمنصب محافظ مصرف ليبيا.

وفي ظل إدارة الصديق الكبير، فقدت ليبيا منذ عام 2011 أكثر من 27 طناً من الذهب، وحجب المصرف البيانات عن مجلس الذهب العالمي منذ عام 2014 الأمر الذي يعد كارثة.

استناداً إلى إحصاءات نشرها مجلس الذهب العالمي، فإن احتياطي الذهب في ليبيا بلغ في 2014 نحو 116.64 طناً، منخفضاً من 143.82 طناً عام 2011، وهو ما يعني اختفاء 27.18 طناً.

وتورط الصديق الكبير في وقائع فساد بالجملة، وانهيار كبير في الاقتصاد الليبي كشفته الأرقام على مدار الـ 12 عاماً الماضية. فبمقارنة بين عامي 2011 و2022 يلاحظ الفرق، في عام 2011، بلغ الاحتياطي الأجنبي 120 مليار دولار – بسعر دولار 1.25 دينار- واحتياطي الذهب نحو 144 طناً، بمعدل بطالة 15%، بدخل فرد يصل 6000 دولار سنوياً.

وفي عام 2022 بلغ الاحتياطي الأجنبي 84 مليار دولار – بسعر دولار 5 دينار، واحتياطي الذهب 116 طن – وفق آخر ما أعلن في 2014- وارتفعت البطالة لـ 19% ودخل الفرد سنوياً انخفض إلى 3500 دولار.

وفي فبراير 2021، كشفت مؤسسة غلوبال ويتنس البحثية في تقريراً لها عن فساد الصديق الكبير، خلال فترة توليه منصب محافظ المصرف المركزي، مؤكدة تعرض ليبيا لخسارة ملايين الدولارات سنوياً بالاحتيال في استعمال منظومة الاعتمادات المستندية المسيرة من طرف مصرف ليبيا المركزي تحت إدارة الصديق الكبير.