شهدت الساحة الليبية تطورات جديدة بخصوص توزيع الثروة النفطية التي تمثل نحو 95٪ من إيرادات البلاد، وسط مخاوف من إعادة إغلاق إنتاج وتصدير إنتاج النفط من جديد.
البداية كانت مع إصدار مجلس النواب الليبي القرار رقم 49 لعام 2023، والذي ينص على تشكيل لجنة برئاسة رئيس مؤسسة النفط فرحات بن قدارة تتولى توزيع الثروة على المواطنين والاقاليم.
رئيس الحكومة الليبية المكلفة أسامة حماد، اجتمع مع رئيس مؤسسة النفط فرحات بن قدارة، بمقر رئاسة الوزراء في بنغازي، لبحث تطبيق قرار مجلس النواب وتشكيل اللجنة التي ستضم وزارة التخطيط والمالية والمصرف المركزي وهيئة الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة.
لكن بن قدارة، خرج في تصريحات صحفية أمس الثلاثاء ليعلن أن لقائه مع حماد، جاء لخفض التوتر والتصعيد واقناع الأطراف السياسية كافة بضرورة التفاهم علي آلية للإنفاق، مشيراً إلى أن اللقاء لا علاقة له بعمل مؤسسة النفط وهي تعمل تحت إشراف حكومة الوحدة التي عينت مجلس إدارتها وهذا الأمر غير قابل للشك.
وأكد بن قدارة، أن المؤسسة تعمل بدعم من حكومة الوحدة وتأمين وحماية على أعلى مستوى لعملياتها في الحقول والموانئ النفطية من قبل القوات المسلحة.
وذكر بن قدارة، أنه تم الاتفاق خلال اللقاء على التعاون بين كافة الأطراف وعدم التصعيد، مشيراً إلى عدم توقعه احتمال إغلاق النفط ولكن يجب العمل بجد لمنع الأسباب عبر آلية عادلة وشفافة للإنفاق، مؤكداً أنه لا مصلحة لأي طرف سياسي في الإغلاق لأن النتيجة عواقب كارثية علي المواطن و الدولة.
ولفت إلى أن استقرار إنتاج النفط أدى تعافي شبكة الكهرباء وسعر صرف الدينار وانتظام المرتبات ووفرة الوقود ويجب الحفاظ على ذلك.
الحكومة الليبية المكلفة ردت على تصريحات بن قدارة، وقالت في بيان أصدره رئيس مؤسسة الإعلام بالحكومة المكلفة من مجلس النواب محمد بعيو، إن حماد، وبن قدارة، في بنغازي لم يكن لغرض المجاملة أو تبادل الآراء والأفكار.
وأكد بعيو، أن اللقاء جاء من أجل الاتفاق على آلية دقيقة تضمن التوزيع العادل لإيرادات مبيعات النفط والغاز باعتبار المؤسسة الوطنية للنفط هي المسؤولة عن إنتاج وتصدير النفط والغاز وهي المؤتمن على إيراداته التي لا يمكن تركها رهينة للتبديد والإهدار والنهب والفساد من طرف الحكومة منتهية الولاية.
ولفت إلى أن اللقاء جاء لاعتبار بن قدارة، رئيساً للجنة المكلفة من قبل مجلس النواب المختصة بإعادة هيكلة الميزانية العامة، بما يضمن تحقيق المطالب الشعبية المتعلقة بالتوزيع العادل للثروة ومنع الفساد والإهدار وذلك من خلال وضع وتنفيذ الآليات المناسبة لتحقيق ذلك.
وأكد بعيو، في البيان أن الحكومة المكلفة اتبعت اللهجة القانونية السليمة وتحصلت على أحكام قضائية تمكنها من المحافظة على الإيرادات المتأتية من تصدير النفط والغاز وهما المصدر شبه الوحيد لتمويل الميزانية العامة، مضيفا أنه أصبح في إمكانها وبالقانون تكليف وتعيين حارس قضائي على حسابات المؤسسة الوطنية للنفط بالمصرف الليبي الخارجي، وحيثما وجدت.
وأشار بعيو، إلى أن الحكومة ستستمر في إجراءاتها القانونية بالخصوص، مؤكداً أن هذا ما جرى إبلاغه رسمياً ومباشرة لرئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط قرحات بن قدارة، من باب إعلامه وإخطاره وليس التشاور معه.
وأكد بعيو، أنه في حال عدم تمكين الحارس القضائي من مباشرة مهامه لدى المؤسسة الوطنية للنفط والمصرف الليبي الخارجي، فإن ايقاف إنتاج وتصدير النفط سيصبح الخيار الأخير حتى يعتدل ميزان الحق وتعود الأمور إلى نصابها.
وسبق أن تكررت عملية إيقاف إنتاج وتصدير النفط، سواء بشكل كلي أو جزئي، خلال السنوات الماضية في ظل ما شهدته ليبيا، كان آخرها خلال تولي حكومة الوفاق السابقة السلطة بعد إساءتها استخدام ثروات الليبيين.
واستخدمت حكومة الوفاق السابقة أموال الليبيين في شراء أسلحة من تركيا ودفع مرتبات المرتزقة السوريين الذين جلبهم الأتراك للقتال ضد الجيش الوطني الليبي، ما دفع الأهالي في نهاية المطاف إلى إيقاف النفط.
ويرى مراقبون حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد دبيبة، تسير على نهج حكومة الوفاق وتستخدم ثروات الليبيين في تمويل الميليشيات في غرب ليبيا، وعدم توفير الخدمات للمواطنين خاصة في شرق وجنوب البلاد.
كما أن حكومة الوحدة انتهت ولايتها بحسب الاتفاق السياسي الليبي، وبحسب إجراءات مجلس النواب الليبي الذي كلف حكومة غيرها في مارس 2022، لكنها رفضت تلك الإجراءات وتمسكت بالسلطة بالقوة.
ويؤكد المراقبون أن السبيل الوحيد لإجبار حكومة الوحدة على إتباع إجراءات مجلس النواب وتسليم السلطة بشكل سلمي، هو أيقاف النفط، لا سيما أن البلاد تحتاج إلى حكومة موحدة تسيطر على كافة التراب الليبي للإشراف على الانتخابات المزمع إجراؤها في نهاية العام الجاري.