هل أصبحت البعثة الأممية “وصية” على تطلعات وآمال الليبيين؟

0
306
عبد الله باتيلي
عبد الله باتيلي

تسبب إعلان المبعوث الأممي الخاص عبدالله باتيلي، تشكيل لجنة توجيه رفيعة المستوى في ليبيا، مع اعتماد إطار قانوني وجدول زمني ملزم لإجراء الانتخابات في 2023، في إثارة حالة من الجدل على الساحة الليبية، حول طبيعة التعامل مع الأزمة.

واعتبر الليبيون أن البعثة الأممية خرجت من إطار وسيط للحل إلى وصي على الليبيين، وهو ما ظهر في كلام باتيلي أمام مجلس الأمن واعترض عليه مجلس النواب والحكومة المكلفة.

يقول الباحث أحمد عليبه، بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بمصر، في قراءة له بعنوان: “هل يتحول دور البعثة الأممية في ليبيا من “الوساطة” إلى “الوصاية”؟ إن مبادرة باتيلي تعيد تشكيل الأزمة الليبية بصورة أخرى، بدلاً من حلها.

وحدد “عليبه”، مجموعة من التحديات التي تواجه الطرح الذي أعلنه باتيلي، أولها افتقار المبادرة للمشروعية وفقاً لقرار التفويض الأممي لولاية البعثة: حيث ينص آخر قرار أممي بشأن ولاية البعثة الأممية في ليبيا 2570 (أبريل 2021) على 11 بنداً تحدد مهام البعثة، والتي تشير إلى تعزيز العملية السياسية في ليبيا من خلال الحوار بين الأطراف، كما تشير إلى دور الدعم والتنسيق فيما بينهم، بالإضافة إلى التنسيق والتعاون بين الجهات الدولية والمنظمات الفاعلة، وفيما يتعلق بمبادرة باتيلي تحديداً يشير البند الخامس إلى “دعم المراحل اللاحقة من العملية الانتقالية الليبية، بما في ذلك العملية الدستورية وتنظيم الانتخابات”، وبالتالي فإن حدود الدور هو لوجستي يتعلق بتقديم الدعم للعملية الدستورية وتنظيم الانتخابات، وليس إنشاء الكيانات التي تتولى هذه المهمة، على حساب مصادرة أدوار المؤسسات القائمة.

وأضاف: “بالإضافة إلى  التحديات التي تفرضها نتائج السوابق والخبرات الليبية: وأقربها في هذا الصدد دور لجنة الحوار الوطني، والتى لم تسفر عن تقديم منجز في القضايا التي سيحيلها باتيلي إلى اللجنة الجديدة، خاصة ملف “القاعدة الدستورية” والانتخابات، حيث أفضت نتائج عمل لجنة الحوار، بل واللجنة القانونية التي انبثقت عنها، إلى تقديم أربعة سيناريوهات مختلفة في كل مرة ولم يتم حسمها وعاد الأمر إلى المؤسسات المعنية، وهي مجلسي النواب والدولة، مرة أخرى، وبالتالي فإن تشكيل لجنة فوقية تصادر دور المجلسين، رغم حالة الإحباط السائدة بسبب عدم القدرة على تحقيق اختراق في الإشكاليات العالقة في القاعدة الدستورية، سيعيد الأزمة إلى المربع الأول، بل ما قبل المربع الأول من الخلاف، فاللجنة التي سيتم تشكيلها لن تكون منتخبة على الأرجح على خلاف لجنة الحوار الوطني.

كذلك هناك معضلة من سيضع إطار عمل وآلية تشكيلها، إضافة لعدم وضوح من أين يمكن أن تبدأ اللجنة عملها، هل ستضع قاعدة دستورية كاملة، في الوقت الذي قطع فيه مجلسا النواب والدولة شوطاً طويلاً في حوار القاهرة.

وبحسب الباحث، فإنه من بين التحديات أيضاً التي عرضها الباحث، تباين المواقف الدولية والإقليمية حيال المبادرة: سبق مبادرة باتيلي في مجلس الأمن لقاء للمجموعة الدولية للاتصال بشأن ليبيا (2+2+P3) والتي تضم كلاً من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا ومصر وتركيا، كما شاركت كل من الإمارات وقطر، بالإضافة إلى المبعوث الأممي باتيلي، في واشنطن، لمناقشة تطورات الملف الليبي وتحديداً المستجدات المتعلقة بإجراء الانتخابات.

واستطرد: “مع ذلك، فإن ما تسرب عن اللقاء لا يشير إلى توافق جرى فيه على خطة عمل محددة، أو حتى طرح مبادرة باتيلي للنقاش، وبالتالى طرحت المبادرة بشكل مفاجىء ومن دون تنسيق على مستوى مجموعة الاتصال”.

كذلك، فإن النقاش الذي جرى على طاولة مجلس الأمن، يؤكد على فرضية التباين، فواشنطن على سبيل المثال أيدت المبادرة مباشرة، وعلى الأرجح كانت تعرف تفاصيلها قبل عرضها، بينما عارضتها موسكو، وهو سياق كان متوقعاً، من زاوية عدم التوافق الروسي- الأمريكي التقليدي في هذا الملف، ومع ذلك عرض المندوب الروسي وجهة نظر تتعلق بأن الاستعجال في العملية الانتخابية بالإضافة إلى التلميح لهندسة العملية بدون توافق محلي واستبعاد بعض الأطراف كالنظام السابق لا يصب في صالح العملية السياسية، وفي حين تحتاج خطة باتيلي إلى قرار من مجلس الأمن فمن الواضح أن روسيا ستضع “فيتو” على صدوره إن لم تضمن تحقق شروطها في الخطة.

ويرى مراقبون أن المبادرة قد خرجت من سياق الوساطة إلى الالتفات حول الجهود الليبية وبالتالي الخروج من حل ليبي – ليبي، إلى حل أممي برعاية أطراف دولية، وبالتالي إعادة الأزمة إلى ما قبل العقد الماضي.