17 فبراير.. هل أنقذ الناتو ليبيا أم سبب في تدميرها؟

0
368

تحل ذكرى أحداث 17 فبراير التي وقعت في ليبيا عام 2011 وأدت إلى سقوط النظام السابق بقيادة معمر القذافي.

تزامنت أحداث 17 فبراير في ليبيا مع ثورات الربيع العربي التي اجتاحت البلاد العربية عام 2011، إلا أنها اتخذت في ليبيا منحني آخر مع تدخل قوات حلف شمال الأطلسي الناتو.

فعقب بدء الأحداث، تحولت المظاهرات إلى معارك عنيفة وشكل الثوار في ليبيا مجموعات مسلحة وخاضوا مواجهات ضد قوات الجيش الموالي لمعمر القذافي.

ومع تصاعد أعمال العنف، أذنت الأمم المتحدة للمجتمع الدولي في 17 مارس، بالقيام بعمل عسكري بهدف حماية السكان، وهو ما شكل بالتالي دعماً لمعارضي القذافي، وبعد يومين فقط من القرار الأممي، بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الغارات الجوية ضد قوات القذافي، وفي 31 مارس، تولى حلف شمال الأطلسي الناتو قيادة العمل العسكري هناك.

وقامت قوات الناتو في العام 2011 بأكثر من 26500 طلعة جوية، منها 9700 طلعة قصف جوي، بالإضافة إلى طلعات ضرب لتحديد الأهداف ولم يستعمل السلاح في كل مرة.

كما دمرت أكثر من 5900 هدف بما فيها الأهداف العسكرية والمدنية، وأكثر من 400 مدفعية وقاذفات صواريخ، وأكثر من 600 دبابة أو عربة ومدرعة.

وبعد أشهر من تدخل حلف الناتو العسكري تمكنت قوات المعارضة في أكتوبر 2011، من السيطرة على مدينة سرت، وقتل المتمردون معمر القذافي، وانتشرت صوره الملطخة بالدماء في أرجاء العالم.

تقول الكاتبة والمحللة السياسية عفاف الفرجاني، إن قوات الناتو ارتكبت جرائم حرب في ليبيا خلال العام 2011، وعمدت إلى إغراق ليبيا بالسلاح وإتاحة المجال للمجموعات المتطرفة والإرهابية، مشيرة إلى أن العداء القديم لشخص القذافي منذ ثورة الفاتح كان أحد الأسباب.

وذكرت أنه تم الدفع بمجموعات موالية لواشنطن من أجل إحداث الفوضى، وكان من بين الأهداف السيطرة على ثروات ليبيا، وهو ما يفسره الوضع الراهن، الذي تمد فيه أنابيب الغاز إلى أوروبا دون حسيب ولا رقيب.

وتؤكد الفرجاني، أن هدف الغرب كان تدمير ليبيا من أجل السيطرة على ثرواتها عبر الأجسام الموالية، وهو ما قامت به الحكومات، وأخرها حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد دبيبة.

ورصدت جرائم حرب ارتكبتها قوات الناتو خلال تدخلها في ليبيا، ففي 8 أغسطس 2011، استهدفت غارة جوية لطائرات الناتو، منزلين بقرية ماجر، قتل على إثرها 34 شخصا، منهم 8 أطفال ومثلهم من النساء، بالإضافة إلى إصابة آخرين غيرهم.

وفي شهر أغسطس قتل 13 شخصاً مدنياً في غارة واحدة في بني وليد، وفي 15 سبتمبر 2011، قتل 56 مدنيا في مدينة سرت في عملية قصف مزدوج، كما قامت طائرات الناتو باستهداف عشرات المدنيين في منطقة العرقوب جنوب مدينة البريقة.

وقد أشار تقرير نشرته منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية في وقت سابق، إلى إحصائية جزئية لمن سقطوا من المدنيين جراء غارات وقصف قوات الناتو من تحالف معه في ليبيا سنة 2011، حيث أكد التقرير وفاة 72 شخصاً على الأقل في غارات جوية على أهداف وصفها بغير الواضحة.

وبعد سقوط نظام القذافي وتدمير الجيش الليبي بفضل تدخل الناتو، تمكنت الميليشيات بشتى أنواعها وتنوع انتماءاتها من التغلغل والنفوذ والسيطرة على البلاد، حتى أصبح في ليبيا أكثر من 300 ميليشيا مسلحة، إلى جانب التنظيمات الإرهابية كتنظيم داعش والقاعدة.

ورغم مرور 12 عاماً على أحداث 17 فبراير لا تزال الميليشيات تسيطر على غرب ليبيا، وتشكل الآن أكبر المعوقات لإعادة الاستقرار إلى البلاد.

المتحدث باسم الحركة الوطنية الليبية، ناصر سعيد، قال إن الغرب سعى خلال عام 2011 إلى إخراج ليبيا من المشهد لـ 50 سنة، والإبقاء عليها دولة فاشلة حتى لا تقوم بدورها في محيطها المغاربي والعربي، مشيراً إلى أنها ظلت دون سيادة منذ حينها، ويتحكم السفراء الأجانب في المشهد وإدارة الدولة.

ولفت إلى مشهد آخر يتمثل في السيطرة على المصرف المركزي الليبي، الذي يخضع لإدارة كاملة من بعض الدول الغربية والتي تبقي على الصديق الكبير على رأس المصرف منذ سنوات طويلة دون تغييره.

ويرى مراقبون أن حلف الناتو تعمد تدمير ليبيا في عام 2011 من خلال تدميره البنية التحتية في البلاد، وتدمير الجيش الليبي بزعم حماية الثوار، وهو ما أفسح المجال لسقوط البلاد في أيدي الميليشيات والتنظيمات المتطرفة.