على الرغم من بعض الخطوات السياسية، التي اتخذت على مدار السنوات التي شهدت فيها ليبيا نزاعا وصراعا قويا على السلطة، إلا أنه مع مرور الوقت، تعود الأمور لما كانت عليه، إلى نقطة الصفر، خاصة وأن العاصمة الليبية، مازالت تسيطر عليها جماعة الإخوان بنفوذها وتحالفها مع الحكومة الحالية في طرابلس.
وعام 2022، شهد العديد من الأحداث والتطورات على المستوى السياسي، ففي الوقت الذي تجتمع فيه القوى السياسية داخليا وخارجيا من أجل إيجاد حل للأزمة الحالية في ليبيا، فتحت حكومة الوحدة الوطنية أبواب الغرب إلى المتطرفين والمطاردين والمطلوبين دوليا في جرائم متعلقة بالإرهاب.
وجدت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد دبيبة، في هؤلاء الحليف الآمن، في ظل سيطرتهم على الجماعات المسلحة والميليشيات، التي هي في الأساس السبب الحقيقي لاستمرار تلك الحكومة حتى الآن في السلطة، وبالتالي سمحت لأسماء معينة بدخول البلاد بعد مغادرتهم لها من سنوات.
فأول من عاد إلى ليبيا، بعد أن كان يمكث في تركيا آمنا مطمئنا، باعتبارها ملجأ لجماعة الإخوان والجماعات المرتبطة بالإسلام السياسي، هو مفتي ليبيا المعزول من منصبه، الصادق الغرياني، فعاد إلى ليبيا، وعادت معه فتاواه وأراءه المتطرفة، لتعود حالة شحن الأجواء من جديد.
الصادق الغرياني، أحد أذرع الفساد في ليبيا، استغل مكانته الدينية عند أتباع جماعة الإخوان المسلمين وبث سمومه في عقولهم، فأصبحوا مُغيبين بفضل ما يقوله، ودعا بشكل مباشر إلى حرب أهلية، حينما طلب من الليبيين قتل جنود وضباط الجيش الوطني الليبي، وفتح باباً نهى عنه الله ورسوله، وهو باب الفتنة.
يعتبر الصادق الغرياني، أحد أكثر الأشخاص خطورة في ليبيا، وكان سببا رئيسيا فيما وصلت إليه ليبيا الآن، وهو كان أحد المحرضين المتسببين في سنوات من الحرب التي شهدتها تلك البلاد، بل وطالت فتاواه دول أخرى، فدعا للتظاهر ضد النظام في مصر، وطالب بإسقاطه، ليضمن بذلك ظهيرا أخر يدعم تياره المتطرف في ليبيا.
أما عودة زعيم ما عُرفت بـ “الجماعة الليبية المقاتلة”، والمصنفة تنظيما إرهابيا، عبد الحكيم بلحاج إلى ليبيا، بعد غياب دام لسنوات، أثارت جدلا واسعا وتساؤلات، بشأن الدور الذي يمكن أن يلعبه في هذه المرحلة المفصلية التي تعيشها البلاد، على وقع انقسام سياسي ومؤسساتي واتهامات وتهديدات متبادلة بين المعسكرات المتنافسة.
بلحاج الذي من المفترض أن تتم محاكمته على لاتهامه في قضايا متعلقة بالإرهاب، رغب في ممارسة الحياة السياسية في ليبيا، ففور وصوله، دعا في بيان إلى الحوار ودعم المسار السلمي للخروج من الأزمة الراهنة.
وقال بلحاج إنه سيواصل عقد لقاءات مع كافة الفاعلين بالقضية الليبية بعيدا عن أي مصالح سياسية متعلقة بتقاسم السلطة، أو تهديد وحدة الليبيين، وهو بمثابة إعلان عن عودة مرتقبة لهذه الشخصية الجدلية للمشهد والنشاط السياسي.
أما عن ملف بلحاج، فهو أحد أبرز القيادات الليبية المطلوب اعتقالها من قبل مكتب النائب العام الليبي، ووجهت له تهم ارتكاب جرائم وزعزعة أمن واستقرار البلاد، وهو مدرج منذ 2017 على قائمة الإرهاب للدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، وكذلك على قائمة البرلمان الليبي.
والشخصية الثالثة، هو خالد الشريف، وكُنيته أبوحازم الليبي، وهو قيادات الجماعة الليبية المقاتلة، استخدمته قوى خارجية من أجل تنفيذ أجندتها في ليبيا، والسيطرة على المناصب الهامة في غرب ليبيا والعاصمة طرابلس.
عاد خالد الشريف إلى ليبيا قادما من تركيا، برفقة عدد من العناصر المتطرفة من قيادات مجلس شورى الجماعة الليبية المقاتلة الفارين من مدن بنغازي ودرنة قبل سنوات، وذلك للإشراف على العمليات العسكرية داخل الأراضي الليبية.
وفور عودته إلى ليبيا، كشفت مصادر عن أن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، كلفه بقيادة جهاز الاستخبارات التابع لها خلفاً لعبد القادر التهامي الذي أعلنت حكومة السراج وفاته بأزمة قلبية في ذلك الوقت.
وخالد الشريف أحد أخطر الإرهابيين في ليبيا، لانتمائه لتنظيم القاعدة وارتكابه جرائم في حق الشعب الليبي، وهو قيادي بارز فيما يسمى الجماعة الليبية المقاتلة، الموالية لتنظيم القاعدة التي يتزعمها الإرهابي عبد الحكيم بلحاج المقيم في تركيا.
كما أنه متهم بالإشراف المباشر على نقل الأسلحة والدعم المالي للجماعات الإرهابية فترة توليه منصب وكيل وزارة الدفاع الليبية عقب أحداث عام 2011، قبل إقالته من منصبه عام 2014، بعد اتهامه بتزويد الميليشيات الإرهابية بالعاصمة طرابلس بالسلاح، ودعمه المباشر لأنصار الشريعة في بنغازي والقاعدة في درنة.