قال الكاتب الصحفي الدكتور جبريل العبيدي، إن النظام الليبي السابق برئاسة معمر القذافي، رفض تسليم مواطنيه المتهمين في قضية لوكربي للقضاء الأمريكي، لكنَّه تفاوض بعد 10 سنوات حصار على التسليم لبلد محايد لضمانه إجراءات التقاضي.
وأوضح في مقالة بعنوان: “ليبيا: تسليم أبو عجيلة هل هو صفقة؟”، أن النظام الليبي السابق استطاع بالتفاوض أن يضمن أن تكون المحاكمة أمام القضاء الأسكتلندي في أرض محايدة، واختيرت هولندا مكاناً محايداً لعقدها.
وتساءل: “هل كان النظام الليبي السابق نظام «الطاغية» أكثر حرصاً على مواطنيه من حكومة فبراير (شباط) «الحرة»؟”.
واستطرد أن ذلك على العكس من حكومة دبيبة التي سلّمت مواطناً ليبياً لخصمه من دون أن تضمن له أبسطَ درجات التقاضي، في سابقة تاريخية لدولة تتخلَّى عن مواطنها، من دون ضمان التقاضي العادل، حتى سلامته الصحية، في مقابل (تسييل الأموال الليبية المجمدة في أمريكا) ضمن صفقة البقاء والتمدد في حكم الليبيين بالاستقواء بالاعتراف الأمريكي.
وأكد أن الأمر الذي يعدّ انتهاكاً للسيادة الليبية، حيث بدت أمريكا تناصر حكومة غير منتخبة، جاءت باتفاق سياسي، ألزمها أخذ الثقة من البرلمان الليبي المنتخب، ثم رفضت التسليم لحكومة بديلة منحها البرلمان الثقة، وهي حكومة “الاستقرار”، الأمر الذي جعل من واشنطن طرفاً في الصراع، وليس وسيطاً نزيهاً يمكن التعويل عليه في حل الأزمة والانسداد السياسي في ليبيا.
وأوضح أن فتحُ ملف لوكربي، بهذا الشكل، يعدّ صفقةً سياسية سوداء، تعقدها حكومة الوحدة الوطنية المنتهية الولاية، والمسحوبة منها الشرعية والثقة من قبل البرلمان الليبي الشرعي. فملف لوكربي تمَّ إغلاقه تماماً ضمن اتفاق ليبي – أمريكي وقّع عليه الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، عندما كان رئيساً للكونغرس حينها.
وأشار إلى أن الاتفاق نص على عدم فتح الملف أو المطالبة بأي شخصية من نظام العقيد القذافي بشأن هذا الملف الذي انتهى بالتعويضات بمليارات الدولارات لأسر الضحايا، بل طالت التعويضات أحد الكلاب التي كانت على متن الطائرة.
وجاء في المقال الذي نشرته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية: “أبو عجيلة محمد مسعود المريمي متهم أم بريء أم مدان، هذا يجب أن يكون حكم محكمة نزيهة، تتوفر فيها اشتراطات التقاضي العادل، لا أن يتم اختطاف مواطن من منزله من قبل ميليشيا من ميليشيات الدفع المسبق في طرابلس لتسلمه لفريق أمني أمريكي يعتقله على أرض ليبية، وينتظر خطاب تسليم من حكومة منتهية الولاية، ليكمل تجميل الملف قضائياً، ثم فجأة يمثل مواطن ليبي، لا يمتلك تأشيرة دخول الولايات المتحدة، أمام القضاء الأمريكي، ويجد نفسه وهو الطاعن في السن، والأمراض تنهك جسده، أمام عسكر وقضاة ووسائل إعلام، ولا يعرف كيف يخاطب ألسنتهم الأعجمية”.
وأردف: “بغضّ النظر عن التهمة الموجهة إلى المواطن الليبي أبو عجيلة، فإن قضية لوكربي انتهت فصولها بالحكم بعد إصرار ليبيا على ضمان محاكمة تتوفر فيها أبسط درجات التقاضي،
حتى لا تكون الكلمة للقضاء الأمريكي، الخصم وفق المنظور الليبي، خاصة أنه يعتمد نظام المحلفين في التقاضي”.
واستطرد: “علماً أن القضية كانت قد أصبحت رأياً عاماً، وبالتالي لا يمكن ضمان حياد المحلفين وعدم تأثرهم بالرأي العام الأميركي المشحون إعلامياً ضد ليبيا ونظام القذافي حينها.. اليوم تفاجأ الليبيون باختفاء الموطن الليبي أبو عجيلة”.
وتعجب: “ولو كان أبو عجيلة الفاعل وصانع القنبلة الافتراضي، كما تتهمه واشنطن، فمن حقّه إجراءات تقاضٍ عادلة، تضمن حقوقه. فالعدالة ليست فقط في جلب المتهم، كجلب الشاة إلى المسلخ. فتلك تتنافى مع أبسط حقوق الإنسان وسمو البشرية، التي يبدو أن المطامع والخبث السياسي لا يتعامل أو يعترف بها، ولهذا نتخوف من تحقيق العدالة عبر آليات غريبة عجيبة.. أبو عجيلة، بغضّ النظر عن براءته أو إدانته، يبدو أنه ضحية صفقة سياسية!”.