انتفضت ليبيا بكل أطيافها، كبيرها وصغيرها، ضد ما فعلته حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، من خلال تسليمها للمواطن الليبي بوعجيلة مسعود، للولايات المتحدة الأمريكية، على خلفية اتهامه في تفجيرات لوكربي، حتى المؤيدين لتلك الحكومة، كانوا يرون أن تسليمه يدا بيد للغرب أمر مبهم وغير مفهوم.
لم تتوقع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد دبيبة أن تكون ردة الفعل بهذا الشكل، حالة من الرفض العام لما حدث، بل واعتبروه أمرا لا علاقة له بالأعراف ولا القوانين الدبلوماسية، وإنما يعكس تخبط حكومة دبيبة وبحثها عن حليف قوي يضمن بقائها في السلطة مهما كان الثمن ومهما كانت الوسيلة.
وبعد مرور عدة أيام على تلك الواقعة المشينة، تصمت حكومة دبيبة تماما، وترفض التعليق وكأن على رأس كل أعضاءها الطير، لأنهم بكل تأكيد أضعف من ردة الفعل وموجات الغضب الشديدة التي يمكنها وببساطة أن تطيح بها من السلطة.
القبائل الليبية موقفها كان واضحا، رفض تام، ووصف لما حدث بأنه خيانة، بل وخيانة عظمى تستوجب محاسبة مرتكبها حسابا عسيرا، حتى يرتدع من سولت له نفسه وتنازل عن سيادة وهيبة وطنه وشعبه بهذه السهولة,
قبائل فزان، أصدرت بيانا، طالبت فيه حكومة الوحدة بالإفراج المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم اللواء عبد الله السنوسي، واللواء عبد الله منصور، واللواء منصور ضو، وأمهلتها 72 ساعة مهددة باتخاذ إجراءات لتحريرهم.
وأشارت قبائل فزان في بيانها إلى عملية تسليم المواطن أبو عجيلة مسعود، للسلطات الأمريكية، لافتة إلى أنها انتهاك صريح لحقوق الإنسان ووسمة عار على جبين كل مواطن ليبي.
وقالت إن عملية تسليم أبو عجيلة، كانت عملية اختطاف تمت وسط تجاهل تام من قبل جميع الجهات ذات العلاقة وعلى رأسها الحكومة الحالية منتهية الولاية وجميع الحكومات التي سبقتها وعدم تنفيذها لقانون العفو العام الصادر من قبل مجلس النواب بتاريخ 28/7/2015 الذي يعتبر السلطة التشريعية لدولة ليبيا.
وطالبت قبائل فزان من الجهات المختصة والمجتمع الدولي التدخل الفوري لإطلاق الأسرى المسجونين ظلماً وبهتاناً قبل فوات الأوان.
ولفتت إلى أنها كانت سباقة إلى السلم ولم شمل ليبيا والسعي إلى المصالحة الوطنية ولكنها اليوم تحذر كل من له علاقة وخاصة أمراء السجون، مطالبة إياهم بتحكيم لغة العقل والاستجابة إلى هذا المطلب الشعبي.
وهددت القبائل بأنها ستضرب بيد من حديد لتحقيق الهدف وفك أسر السجناء، وأعطت مهلة أقصاها 72 ساعة إذا لم تفتح أبواب السجون وعلى مصراعيها سوف تفعل كل ما تراه واجب لتخليص أبنائهم من الظلم المستبد الذي طالهم.
وقبائل ورفلة أيضا، كانت على الموعد، فقد أعلنت رفضها رفضا تاما ما حدث، وقالت: “في سابقة خطيرة وخطوة تنم عن خيانة والتواطئ لأهل الوطن، وبعد أن بيع التراب وبيع البحر، يأتي الدور ليتم بيع البشر، وكل هذا يأتي من أجل أن تبقى رموز الخيانة في السلطة، متعهدة لأسيادها بالتنازل عن أي شئ، مهما بلغت قيمته”.
وأضافت: “ففي صفقة موسومة بالعار والتنازل عن السيادة والكرامة قامت عصابة من المتآمرين ممن يسمون أنفسهم بأنهم حكومة الوحدة الوطنية، والوحدة براء منهم والوطنية أبعد ما تكون عنهم، بعد الكفر على الإيمان، وبأوامر من رئيسها، يختطف مواطن ليبي من بيته تحت جنح الظلام بأسلوب وطريقة مروعة تنتهجها عصابات المافيا وميليشيات الإجرام، وتسلمه طوعية للاستخبارات الأمريكية بتهمة تورطه في قضية لوكيربي، التي تمت تسويتها منذ أكثر من عقد من الزمن، فبأي زمن بإمكانه أن يغسل هذا العار؟”.
وتابعت: “أي سيادة بقت لهذا الوطن الذي طال هوانه وإهانته، مصاب جلل، أن يُسلم المواطن للكافر مقابل هواجس البقاء في السلطة، وأي سلطة، السلطة المشوهة بدماء الليبيين، ومرض أطفالهم وشيوخهم وتعاسة مهاجريهم، أي قيمة تنتظر أيها المتآمر على شعبك وبلدك خدمة للمؤامرة”.
وقالت: “المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة، يرفض رفضا تاما لكل ما يصدر عن هذه الحكومة يخص الشأن الخارجي وما يتعلق بالسيادة الليبية، وخصوصا تسليم المواطن بعجيلة مسعود المريمي”.
من جانبها استنكرت قبيلة القذاذفة تسليم المواطن الليبي بوعجيلة مسعود للولايات المتحدة واعتبرته نوعًا من القرصنة وانتهاكًا لسيادة القانون الليبي.
وأدانت القبيلة في بيانها المصور “كل من أمر أو اشترك أو ساهم في هذه الجريمة” معتبرها تصرف انتهازي لا يصدر عن أمة متحضرة.
وأضافت أن محاكمة بوعجيلة انتهاك لمبدأ سمو الاتفاقيات على التشريعات الوطنية، ويُعد خيانة عظمى نُحمل القائمين عليه المسؤولية الجنائية.
وطالبت السلطات الأمريكية بالإفراج عنه والالتزام باتفاقية التسوية التي تغلق باب المطالبات عن أي أفعال ارتكبت من الطرفين قبل عام 2006.