تجدد الخلافات.. البرلمان الليبي يقرر إنشاء محكمة دستورية ببنغازي ومجلس الدولة يعترض

0
344

عادت الخلافات من جديد لتدق أبواب مجلسي النواب والدولة الليبيان بعد التقارب والتوافق الغير معتاد الذي حدث بينهما في الآونة الأخيرة.

واليوم الثلاثاء أقر مجلس النواب الليبي قانون إحداث محكمة دستورية عليا في مدينة بنغازي، تكون بديلة عن الدائرة الدستورية في المحكمة العليا بطرابلس.

وينص القانون على إنشاء محكمة دستورية تتكون من 13 عضواً يعينهم البرلمان في أول تشكيل للمحكمة، على أن تحال كل الطعون المرفوعة أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا إلى المحكمة الدستورية الجديدة بمجرد صدور قانون تشكيلها.

كما ينص القانون على أنه لا يجوز الطعن بعدم دستورية القوانين إلا من رئيس البرلمان أو رئيس الحكومة أو 10 نواب أو 10 وزراء.

إلا أن مجلس الدولة الاستشاري أعلن رفضه للقانون وأصدر بيان طالب فيه مجلس النواب بالتراجع عنه، مهدداً باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تنفيذه.

وأكد مجلس الدولة في بيانه على ضرورة احترام مبدأ الفصل بين السلطات واستقلالية السلطة القضائية، مشيراً إلى أن ما صدر عن مجلس النواب يعد مساساً بالأساس الدستوري لهذه السلطة المستمد من دستور 1951 الذي ينص في المادة 43 منه على أن السلطة القضائية تتولاها المحكمة العليا والمحاكم الأخرى التي تصدر في حدود الدستور وفق القانون.

ولفت إلى أن أي تعديل على هيكل هذه السلطة لا يكون إلا من خلال دستور مستفتى عليه من الشعب الليبي، أو تعديل دستوري متوافق عليه بين الأطراف السياسية الليبية وفق ما يقرره الاتفاق السياسي.

ودعا مجلس الدولة، مجلس النواب، إلى التراجع عن إصدار هذا القانون، لأنه جاء مخالفاً للأساس الدستوري للسلطة القضائية ومخالفاً للاتفاق السياسي، وإلا فإنه سيتخذ الإجراءات اللازمة لمنع تنفيذه، داعياً السلطة القضائية إلى الامتناع عن تطبيقه.

وتختص الدائرة الدستورية في ليبيا بالفصل في القضايا والطعون ذات الجانب الدستوري والقانوني، والقضايا والخلافات حول القوانين والتشريعات والقرارات التي تصدر عن السلطتين، التنفيذية والتشريعية، وأيضاً أي مخالفة أو طعن في الإعلان الدستوري.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة من الممكن أن تشعل الخلافات من جديد بين مجلسي النواب والدولة بعد التوافق الذي حدث بينهما في الآونة الأخيرة، كما ستقحم القضاء في التجاذبات السياسية الحالية.

وأمس الاثنين، أعلن مجلس الدولة الاستشاري عن توافق أعضائه على الذهاب في خطوط متوازية للاتفاق مع مجلس النواب حول القاعدة الدستورية وآلية اختيار أعضاء المناصب السيادية، إضافة إلى إجراءات آلية توحيد السلطة التنفيذية.

كما أكد رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، منذ أيام، أن هناك توافق بينه وبين رئيس المجلس الاستشاري خالد المشري، على إعادة تكوين المؤسسات السيادية التابعة لمجلس النواب، وسيتم الفصل في هذا الأمر خلال الأيام القادمة، بالإضافة إلى تكوين سلطة واحدة في ليبيا.

وفي أغسطس الماضي قررت المحكمة العليا في ليبيا إعادة تفعيل الدائرة الدستورية المجمدة منذ عام 2016، في خطوة اعتبرها بعض المراقبين قراراً صائباً سيسهم في حل الخلافات القانونية والدستورية بين أطراف النزاع السياسي، خصوصاً في ما يتعلق بالجدل الانتخابي، بينما رآها آخرون بداية لمرحلة جديدة من الخلافات التي سيجر إليها القضاء، كما ستطيل انتظار الليبيين للانتخابات حتى يتم الفصل فيها.

وكان عضو مجلس النواب الليبي عبد المنعم العرفي، أوضح في تصريحات صحفية في وقت سابق، بأن إنشاء محكمة دستورية عليا في بنغازي يعود لأمرين أولهما هو إبعاد تلك الدائرة الهامة من القضاء عن مقر المحكمة في طرابلس الواقعة تحت سيطرة الميليشيات المسلحة، وثانيهما أن يكون هناك توزيع عادل للمؤسسات على كافة أرجاء ليبيا وعدم تركيزها في طرابلس.

وأشار إلى هناك مخاوف من أن تكون الدائرة الدستورية التي أعيد افتتاحها مؤخراً في طرابلس تحت سيطرة وتحكم الميليشيات سيقود لإصدار قرارات معينة أو منع أي قرار، لافتاً إلى القرار الصادر عن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في طرابلس عام 2014 والقاضي بحل البرلمان الليبي، والذي جاء تحت فوهات بنادق المليشيات المسلحة.