عطاءات توريد الأدوية.. هل تورط نائب رئيس حكومة الوحدة في إدخال أدوية فاسدة للسوق الليبي؟

0
330

تواصل حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد دبيبة، تعزيز وترسيخ الفساد في مؤسسات الدولة، ولم يسلم القطاع الصحي من الصفقات المشبوهة، حتى لو تسبب الأمر في وفاة الكثير من الليبيين.


قطاع الأدوية، أحد أهم القطاعات في المجال الصحي في ليبيا، في ظل الانهيار المتفاقم الذي يعاني منه القطاع المتهالك على مدار سنوات، ويعول عليه الليبيين في صد الأوبئة المتزايدة على مدار السنوات الأخيرة، وآخرها التهاب السحايا.


وتسبب فساد لجنة العطاءات بوزارة الصحة والتي يرأسها نائب رئيس الحكومة رمضان بوجناح، وزير الصحة المكلف، في إدخال أدوية مغشوشة إلى السوق الليبي، في ظل فوضى العطاءات وترسيتها لصالح شركات بالأمر المباشر.


رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، أحمد حمزة، قال إن هناك كارثة تُرتكب في حق الليبيين، مضيفاً في منشور على فيسبوك: “كارثة أخرى تضاف إلى سلسلة الكوارث التي ترتكب في حق هذا الشعب المسكين وهي جرائم تطال حق الرعاية الصحية والحق في الدواء وحق الغداء الصحي، وهي كارثة الأدوية المغشوشة، بمعني التي لا تنطبق عليها المواصفات القياسية الليبية وأدنى أنواع الأدوية بعد برومات البوتاسيوم”.


وتسائل رئيس اللجنة الوطنية: “فهل من وقفه قبل فوات الأوان، واستمرار القتل البطئ للشعب الليبي؟”.


الأمر أشار له رئيس الهيئة الوطنية للإعلام السابق، محمد عمر بعيو، في منشورات متتالية على صفحته بفيسبوك، وكشف عن وقائع فساد تحت عنوان: “عطاء توريد الأدوية تخريب الصحة تهريب المال.. المجرمون يسوقونكم إلى الموت وأنتم تنظرون”.


كتب السبت الماضي، إنه قبل يومين تمكن من الإطلاع على النسخة النهائية من عطاء توريد الأدوية، الذي تم الانتهاء منه وأصبح جاهزاً للتنفيذ، وتوقيع العقود والتكليفات وفتح الاعتمادات المستندية أو أوامر الدفع، للشركات التي تمت الترسية عليها، وفق الأصناف الدوائية المحددة في كراسة العطاء وأسعار الأصناف وكمياتها، ونِسب توزيع كل صنف منها على الشركات الموردة، وتبلغ قيمة العطاء نحو مليار دينار ليبي أي ما يعادل تقريباً 200 مليون يورو”.


وتابع بعيو: “المحضر المذكور مكتوب في أعلى كل صفحة من صفحاته الـ 55 [اللجنة الفنية (617) لمراجعة العطاء العام 2019/1 نتائج الترسية بعد المراجعة الفنية 2022 المحضر الأول – عطاء الأدوية المركزية 2019/1 وموقع من أعضاء لجنة المراجعة وعددهم 5 أعضاء، ومعتمد ومختوم من المهندس رمضان أحمد أبوجناح، نائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية… وهو لا علاقة له إطلاقاً بإدارة الصحة، بل إنه لا يمتلك أي خبرة في الإدارة ولا القيادة”.


واستطرد: “لولا فساد وسوء تأسيس حكومة الدبيبة على الصفقات المشبوهة والتسويات الفاسدة، ما كان له ولا لغيره من عديمي الكفاءة أن يصلوا إلى تلك المناصب العليا، التي شغلوها دون حق ولا استحقاق ولا كفاءة ولا جدارة، ولا أي شيء سوى ترتيبات القذارة والرشاوى والحقارة”.


أوضح رئيس الهيئة السابق، أن ما تسمى اللجنة الفنية أو لجنة المراجعة التي اعتمدت المحضر الأول نهائياً وأحالته للوزير المزعوم الذي اعتمده ليبدأ تنفيذه، ليست هي لجنة العطاءات فتلك لجنة أخرى وقصة أخرى، لكنها لجنة تم تشكيلها بعدما رفض ديوان المحاسبة الموافقة على محضر لجنة العطاءات، وبعدما تدخل النائب العام لإيقاف نتائج أعمالها والتحقق منها”.


وتابع: “لجنة المراجعة التي لا أدري من أين جاءوا بأعضائها ومعظمهم ليسوا من ذوي الاختصاص ولا الخبرة العملية في توريد الأدوية، ولا في أصول العطاءات والمناقصات، لكنهم كما يبدو من أسماء بعضهم جيء بهم لترضية بعض مراكز القوى وأصحاب القرار”.


أشار بعيو، إلى وجود ما أسماها “عصابة الجريمة المنظمة” تتحكم في قطاع الصحة، ومحمية من بعض الميليشيات وبعض الأجهزة الأمنية الرسمية، وتُدار بالأساليب والعقلية الميليشاوية… وهي التي تفرض على الوزراء والوكلاء ما تريد وما به تستفيد”.


وأكد أن مافيا الأدوية ليست مقتصرة على عهد دبيبة فقط، بل يحدث منذ سنوات، وأحد وزراء صحة ما بعد فبراير الدكتور (ص ع) يقبع في السجن الآن بعدما سرق وهرب، وظن أنه نجا من القصاص والعقاب، لكن يد النائب العام طالته بعد ثمان سنين من هروبه إلى مالطا، بل إن تخريب قطاع الصحة بجميع مشتملاته ومؤسساته بدأ منذ ما يزيد عن 30 سنة”.


وأفاد أن الدولة الليبية كانت تضع اشتراطات معينة للدواء، وتفرض ما يسمى المواصفات الليبية في الأدوية، ولا تستوردها إلا من مصادرها الأصلية الأوروبية والأمريكية المتقدمة، خاصة أدوية السكر وضغط الدم والقلب وأمراض المناعة والأورام والمخ والكِلى والكبد وأمراض الدم والتطعيمات ومستلزمات الجراحة”.


وكشف بعيو عن وقائع فساد تعلق بمجموعة من الأدوية الفاسدة الموجودة في السوق الليبي، منها: دواء هيبارين (HEPARIN)، وهو دواء لمرضى غسيل وزارعة الكلى، ومن خصائصه منع الجلطات القاتلة لدى المرضى.


وفق بعيو، فإنه تم توزيع كميته المخصصة في العطاء المعتمد على ثلاثة شركات، أحداها شركة سانوفي الفرنسية المعروفة، التي كان سعرها (0.250 يورو أي ربع يورو للوحدة الواحدة تعادل تقريبا 1.30 دينار)، أعطيت نسبة 20% من الكمية.


ونفس الدواء تقدمت فيه شركة بلجيكية مجهولة، ربما تكون شركة تجارية من خلال شركة الإنماء لتوريد الأدوية وهي شركة فاسدة مملوكة لصندوق الإنماء الإقتصادي، رفعت عليها إدارة الصندوق دعوى ولا تعترف بإدارتها، بسعر (1.285 يورو أي 6.5 دينار ليبي للوحدة) أي 5 أضعاف سعر شركة سانوفي، وتم ترسية العطاء على الشركة الأخيرة بتوريد ما نسبته 60% من الكمية.