نشاط للنائب العام الليبي في كشف الفساد.. فمتى يحاكم الحيتان الكبيرة؟

0
130

نشاط ملحوظ لمكتب النائب العام الليبي في الآونة الأخيرة، فلا يمر يوم إلا وتسمع عن إحالة مسؤولين سابقين إلى التحقيق في وقائع فساد، أو إحالة مسؤولين “صغار” في سفارات أو بنوك لاتهامهم بالاختلاس أو السرقة أو غيرها من التهم، ولاقت تلك الأخبار تفاعلا كبيرا من قبل المتابعين.

نشاط النائب العام وفريقه يُحمد بكل تأكيد في ظل السعي وراء بناء دولة خالية من الفساد والفاسدين، وبعد سنوات من العناء والشقاء والتلاعب على أيادي أرباب الفسدة، ولكن على الرغم من ذلك النشاط، إلا أنه يبقى منقوصاً، أو أنه يتم توجيهه بالكامل إلى فئة دون الأخرى.

ديوان المحاسبة الليبي، أطلق تقريره السنوي قبل بضع أسابيع، فنزل كالصخرة الصلبة في ماء راكد، وهز أرجاء ليبيا، بعدما كشف وقائع فساد بالأرقام، ارتكبتها حكومة الوحدة الوطنية المنتهية الولاية والعديد من المؤسسات الهامة التابعة لها، وعلى الرغم من الدقة التي ذكر بها الديوان المخالفات، لم تحال أي منها إلى النائب العام.

اقتصر نشاط النائب العام الليبي على وقائع فساد صغيرة، لا تقارن بما ذكره تقرير الديوان، ولعل أبرز القضايا التي تم التحقيق فيها على مدار أسبوعين، كانت حبس مدير مصرف الجمهورية فرع صرمان، في واقعة اختلاس، وحبس مسؤولين بمصرف الوحدة العجيلات بتهمة الاختلاس أيضا.

كما أمر النائب العام أيضا حبس المراقب المالي ببعثة ليبيا لدى قطر وسلفه بتهمة الاستيلاء على المال العام، بالإضافة إلى حبس القائم بأعمال البعثة الليبية بجنوب أفريقيا، وغيرهم من العاملين بالسفارات الليبية بالخارج، سواء كانوا في الخدمة أو ممن انتهت خدماتهم.

لنعود إلى تقرير ديوان المحاسبة الليبي مرة أخرى، فقد جاء ملما بكافة وقائع الفساد الكبرى التي ارتكبتها حكوم عبد الحميد دبيبة ومؤسساتها، ذاكرة كافة حيتان الفساد الكبار في تلك الحكومة على رأسهم عبد الحميد دبيبة نفسه وديوانه، فضلا عن محافظ مصرف ليبيا المركزي وغيرهما.

وأظهرت بيانات ديوان المحاسبة في التقرير السنوي 2021، أن حجم الإنفاق على الطوارئ ارتفع من 3 مليارات و526 مليونا و969 ألف دينار العام 2020 إلى 6 مليارات و490 مليونا و874 ألف دينار العام 2021، وباب الطوارئ، هو باب استحدثته حكومة الوفاق لتبرير نفقاتها غير الشرعية.

وأفاد التقرير السنوي للديوان عن العام 2021 بأن مجلس الوزراء بحكومة الوحدة الوطنية أصدر 170 قرارا على قوة باب الطوارئ، والتي بموجبها جرى تخصيص مبالغ لعدد من الجهات المستفيدة.

وأشار إلى أن القانون المالي للدولة أجاز بموجب المادة 17 تخصيص أموال بالميزانية لأغراض الطوارئ، إلا أنه اشترط عدم استعمالها إلا في مواجهة حالة طارئة مفاجئة لا تحتمل التأخير تكون غير واردة ببنود الميزانية.

ولاحظ الديوان تخصيص 10 ملايين دينار لصالح شركة الخدمات العامة طرابلس لغرض تطوير مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، مع أنها ليست من الجهات الممولة من الخزانة العامة، ولا يتصف الغرض المذكور بالطابع الاستعجالي أو الطوارئ في أوجه التخصيص.

وأشار تقرير الديوان، إلى أن تمويل حسابات ديوان مجلس الوزراء بمبلغ 6 ملايين دينار لتغطية مصاريف وفواتير احتياجات أساسية وعاجلة دون بيان حالة الطوارئ التي واجهت ديوان رئاسة مجلس الوزراء وتعد استثنائية ولم تمر بها الجهات الأخرى.

بالإضافة إلى تمويل حسابات ديوان وزارة المواصلات بمبلغ 90 مليونا و347 ألفا و620 دينارا لصيانة الطائرات المملوكة لشركة الخطوط الجوية الليبية والخطو الأفريقية، وتحويل مبلغ للشركة الليبية الأفريقية القابضة كسلفة لدعم الشركة، لافتا إلى أن محل ذلك الباب الثالث (مخصصات وزارة المواصلات) من بند تشغيل المطارات والمناولة.

ولفت إلى تحويل مبالغ من حساب الطوارئ وفقا لقاعدة الإنفاق الاثني عشري استنادا إلى قرارات صادرة عن رئيس مجلس الوزراء منفردا وبدون عرض من وزارة المالية أو إقرار من مجلس الوزراء، وفقا لأحكام المادة 17 من قانون المالي للدولة.

ورصد التقرير تخصيص مليار و75 مليونا و458 ألفا و900 دينار لوزارة الشؤون الاجتماعية خصما من الباب الخامس لتغطية علاوة الزوجة والأبناء المقررة بموجب قانون رقم 27 لسنة 2013 بشأن تقرير منحة الزوجة والأبناء بدلا من الباب الرابع الخاص بالدعم

ومن خلال مقارنة كشف أذونات الصرف لحساب الطوارئ الصادر عن إدارة الخزانة مع كشف أذونات التمويل المُعد من قبل قسم التمويل بإدارة الميزانية تبين أن عددا من أذونات الصرف الخاصة ببعض الجهات جرى إصدارها دون أذونات تمويل، مع تكرار تمويل بعض الجهات بسلف خصما من السيولة المودعة بحساب الطوارئ فضلا عن عدم تسوية السلف السابقة.

المخالفات لا تتعلق بدبيبة وحدة، فنائب رئيس حكومة الوحدة عن الجنوب، رمضان أبوجناح، أنفق على سكن ومصاريف في فندق راديسون بلو (المهاري) نحو 337 ألف دينار.

وتضمن التقرير مخالفات عديدة أيضاً لوزارات حكومة الوحدة ، مثل إنفاق وزارة التعليم العالي 155 ألف دينار لشراء هواتف آيفون 13 برو ماكس لموظفين بالوزارة.