المنفي: نتطلع لدور فاعل للأمم المتحدة من خلال القيادة الجديدة لبعثتها في ليبيا

0
128

قال رئيس المجلس الليبي، محمد المنفي، في كلمته بالدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن الشعب الليبي أثبت للعالم بأنه نسيج واحد، متماسك كتماسك أرضه ومصيره المشترك، على الرغم من كل الجراحات والتحديات.

وأضاف أنه لازال الشعب الليبي يرسم بوعيه وتسامحه وروحه الوطنية خارطة الوطن الواحد، ويمنحنا نحن العزم والأمل، للمضي قدماً في تحقيق آماله وتطلعاته في بناء الدولة، ورسم مسارها في اتجاه السلام والاستقرار والازدهار.

وتابع: إن أحداث اليوم تستدعي صورة الماضي، فقد حارب جيش التحرير الليبي، الذي سبق تأسيسه تأسيس الدولة إلى جانب جيوش العالم الحر، واستحقت ليبيا بعد هزيمة النازية والفاشية استقلالها الكامل، الذي ولد من رحم الكفاح الوطني، واتفاق دولي وإقليمي، مهد الطريق أمام الآباء المؤسسين لبناء الدولة، ولم شتات الوطن، وإطلاق مسيرة التنمية والرفاه، التي خلقت من ليبيا في زمن قياسي مثالاً تنموياً يحتذى به.

وأشار إلى أن هناك موقفاً دولياً مشابهاً لذلك الموقف تجاه ليبيا، مازال اليوم بعيداً عن أفق الواقع، فالمصالح الفردية للدول المنخرطة في الشأن الليبي، وحروب الوكالة، وتضارب الرؤى حول الحل في ليبيا، لم تمنح الفرصة للخيار الوطني أن يتشكل.

ولفت إلى أن التدخل الدولي السلبي لا زال يرسم مسارات من الحلول المتناقضة، تدفع بالبلاد إلى أتون مواجهات مسلحة لا تستثني الأبرياء، وتقود إلى مواقف سياسية متصلبة، لا تقبل المقاربات الوسطية لجسر الهوة والشراكة في الوطن.

وأكد المجلس الرئاسي الليبي لازال ملتزماً بدوره الذي رسمه له الاتفاق السياسي الليبي، باعتباره السلطة السياسية العليا في البلاد، يمثل وحدتها محلياً ودولياً، ويضطلع بمهام القائد الأعلى للجيش الليبي، بالإضافة إلى مهمته السامية في قيادة جهود المصالحة الوطنية الشاملة، تمهيداً لانتقال سلمي وديمقراطي للسلطة، عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة.

كما عبر عن شكره للاتحاد الإفريقي على تعاونه معنا من أجل إطلاق مشروع المصالحة الوطنية الذي يمثل الأساس الأهم لدعم كافة المسارات للوصول إلى الاستقرار والسلام المنشود.

وذكر أن: مسؤولياتنا تحتم علينا أن نعمل في مسار وطني متوازن وغير منحاز، على الرغم من محاولات بعض الأطراف السياسية جرنا إلى دائرة الصراع السياسي، والذي نعمل بكل جد وحزم لأن نجد له الحلول لا أن ننخرط فيه.

كما أشار إلى أن المجلس الرئاسي يتابع بحرص شديد، جولات الحـوار بين مجلسي النواب والأعلى للدولة، التي لم تفض بعد إلى أي إتفاق حول القاعدة الدستورية اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ولازال المجلس الرئاسي يؤكد أن هذه الحوارات لا ينبغي أن تستمر من دون حدود زمنية، وأنه على استعداد تام للتدخل من أجل الخروج بالعملية السياسية من طريقها المسدود متى ما استلزم الأمر ذلك.

وعلى الصعيد الاقتصادي فإن المجلس الرئاسي الليبي يدعم كل الجهود التي أفضت إلى استئناف إنتاج النفط والغاز من كافة مناطق ليبيا، لما في ذلك من مصلحة وطنية واستقرار للأسواق الدولية، التي تشهد ضغوطات كبيرة على الاقتصادات المستهلكة للطاقة، غير أنه ومن منطلق دوره الوطني المتوازن، يحرص المجلس الرئاسي الليبي على إدارة شفافة وعادلة لعوائد النفط، ثروة كل الليبيين، بشكل يُحيّــدُ المال العام عن الصراع السياسي، ويضمن توظيفه لمصلحة جميع الليبيين في مختلف مناطق البلاد، دون تمييز سياسي أو جغرافي، الأمر الذي في حال إنجازه قد يخفف من حدة الصراع الدائر على السلطة التنفيذية، ويوفر بيئةً أكثر استقراراً ومُلاءَمةً للتحول الديمقراطي المنشود.

وأكد أن المجلس الرئاسي الليبي ينظر بإيجابية إلى الدور الذي تقوم به الأمم المتحدة في ليبيا على الرغم مما شابه من تباطؤ في الآونة الأخيرة.

وعبر عن التطلع إلى دور فاعل للأمم المتحدة من خلال القيادة الجديدة لبعثتها ونحثُها على مباشرة العمل الجاد لدعم حلولٍ وطنيةٍ جامعة لما تمر به البلاد من انسداد سياسي، فتح الطريق أمام المغامرات والمبادرات الفردية، ويكاد أن يعصفَ بكل الإنجازات السياسية التي تحققت من خلال الحوار الليبي، الذي رعته منظمة الأمم المتحدة في ليبيا.

ودعا إلى إعادة الزخم إلى المسار الاقتصادي، أحد المساراتِ الثلاثةِ لمؤتمر برلين، الذي أُهملت مخرجاتهُ فيما يتعلقُ بالشفافيةِ والعدالةِ في إدارةِ المواردِ النفطيةِ، وضبط الإنفاق العام، وتوجيهِهِ لمستحقيه، والحد من سطوة الفساد.

وقال إن العالم اليوم يقف على أعتاب وضع دولي، يُعيد إلى الأذهانِ مأساةَ البشريةِ في مطلع القرنِ العشرين، بعد أن اعتقد الجميع بأن أخطاء الماضي لن تتكرر، وقد حان الوقت لأن ينطق الضمير الإنساني بكلمة السلام، ويقف العالم بأسرهِ إلى جانب المبــادئِ الدوليــةِ، التي أقرتها منظمةُ الأممِ المتحدة لاحترام مبدأ سيادة الدول، وحل النزاعات بالطرق السلمية، واحترام الجوار، وعدم زعزعةِ أمنِ الشعوب.

ودعا إلى احترام حق الشعوب في الاستخدامات السلميةِ للطاقةِ النووية، بحسب المعايير والإجراءاتِ التي تُقِرُّها الوكالةُ الدوليةً للطاقةِ الذرية، وباعتبار أن بلادي على خط المواجهة الأول.

كما دعا إلى إعادة اللحمة الدولية لمكافحة الإرهاب، الذي لايزال تهديداً قائماً لكل دول العالم، لا يستثني عرقاً أو ديانة أو حضارة، وتلتزم بلادي بكامل واجباتها ضمن المجهود الدولي لتجفيف منابعه ووقف تمدده.

وأكد التزام ليبيا الدائم بدعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، ووقف الاستيطان والاعتداء، واحترام القرارات الدولية بالخصوص.

وقال إن الشعب الليبي إذ يقف دقائق الصمت في يوم الشهيد، ذكرى استشهاد عمر المختار بطل المقاومة ضد المستعمر، الذي تعاودنا ذكراه في هذا الشهر، فإنه يستلهم من كفاح أجداده الصبر والإصرار على حقوقه، و من حكمة آباءه المؤسسين التسامحَ لبناء الوطن، وسوف تسطر ذاكرتُهُ الوطنية دواوين المرحلة، تدرس منها للأجيال القادمة مواقف من ساندوه عند حاجته، ومسالك من أساؤوا إليه في محنته، وعبثوا بأمنه وبمقدراته وبنسيجه الاجتماعي، وستعود ليبيا بجوارها العربي، وعمقِها الإفريقي، وفضائها الأوروبي، همزة وصل للحضارات، وبوتقةً اقتصاديةً تلتقي فيها مصالح العالم بأسره، وسيدرك الجميع عندها حجم الضرر الذي وقع، ليس على مقدرات الشعب الليبي فحسب، بل على مصالح كامل جوارنا وعمقنا وفضاءنا الدولي.