اقتصاد ليبيا.. الأمور تزداد تعقيداً بفضل الانقسام والحرب الروسية الأوكرانية

0
453
ارتفاع أسعار الخبز والدقيق في ليبيا
ارتفاع أسعار الخبز والدقيق في ليبيا

يوماً تلو الآخر تزيد أعباء الليبيين الاقتصادية في ظل حالة الانسداد السياسي التي تسيطر على الأوضاع، يدفع ثمنها المواطن وحده، درجة أنه لم يعد يتحمل كم الأعباء والمصاريف وسوء الخدمات.

فالوضع الاقتصادي الليبي تسيطر عليه حالة كبيرة من السوء، فبحسب البنك الدولي تتعقد عملية الإنفاق الحكومي، وتقل الخدمات العامة ويتعرقل تمويل المشاريع الإنمائية.

وفي تقرير بعنوان “الآفاق الاقتصادية المتوقعة في ليبيا خلال الأشهر المقبلة”، سلط البنك الضوء على مساعي الدولة للتعامل مع ثلاث أزمات متزامنة، وهي الحرب الأهلية وتداعيات جائحة كورونا، والأزمة الروسية – الأوكرانية.

وعلى الرغم ازدياد الأوضاع سوءً قال البنك إن الاقتصاد الليبي جنى مجموعة من المزايا خلال الفترة الماضية بفضل ارتفاع أسعار النفط وتعديل سعر صرف الدينار.

ولفت إلى أن ميزان المالية العامة اتخذ مساراً عكسياً، إذ تحول من عجز يساوي 1.64 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2020 إلى فائض بنسبة 6.10 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2021، وذلك بفضل القفزة التي سجلها إنتاج النفط وأسعاره، وانخفاض سعر الصرف، حيث إن الكثير من النفقات، واصة الأجور، مقومة بالدينار، في حين أن 98 % من الإيرادات في العام 2021 كان مصدرها النفط المقوم بالدولار، وفق البنك.

وارتفع الإنفاق الحكومي بالدينار بنسبة 87 % في العام 2021 مع ارتفاع الإنفاق في جميع الفئات أو البنود الرئيسية للميزانية. إلا أنه، ونظرًا لانخفاض سعر الصرف منذ يناير 2021، انعكس ذلك إلى انخفاض بنسبة 44 % في الإنفاق بالدولار، بحسب التقرير.

وأكد البنك الدولي أن توقعات الإنفاق الحكومي للعام 2022 تتميز بحالة عدم اليقين، ففي ظل عدم اعتماد الميزانية، تقوم حكومة الوحدة المنتهية بالإنفاق على البنود الأساسية من أجور ومرتبات موظفي الخدمة المدنية، والتحويلات الاجتماعية، والدعم استناداً إلى قاعدة 1/12 مع قدر محدود من المساءلة والشفافية.

ولفت إلى أن موافقة مجلس النواب أخيراً على ميزانية حكومة باشاغا من الضغط على مصرف ليبيا المركزي فيما يتعلق بتحويل الأموال إلى الحكومتين المتنافستين، وأيضاً تراجع عائدات النفط وقرار الاحتفاظ بالإيرادات في حساب المؤسسة الوطنية للنفط بالمصرف الليبي الخارجي يحد من قدرة السلطات على تمويل النفقات.

ومع تحسن الوضع الاقتصادي الليبي بفضل أسعار النفط، يظل حجم الدين العام في ليبيا كبيرأً، يشير البنك إلى أنه يمكن إدارته طالما تواصل إنتاج النفط وتصديره؛ مع الإشارة إلى انخفاض الإنتاج إلى ما دون مليون و200 ألف برميل خلال الأسبوع الجاري.

وفي نهاية العام 2021، قدِّر حجم الدين العام المحلي بمبلغ 156 مليار دينار، وهو ما يمثل 83 % من الناتج المحلي الإجمالي.

وتحدث البنك الدولي عن تسجيل كل من الميزان التجاري وميزان الحساب الجاري في ليبيا انتعاشاً في العام 2021 وأوائل العام 2022 بفضل تعافي صادرات وإيرادات النفط.

وفي 2021 تضاعفت صادرات ليبيا أكثر من ثلاثة أضعاف مع ارتفاع أسعار النفط العالمية وانتعاش أحجام صادرات النفط بعد رفع الحصار الذي تم فرض في العام 2020 على محطات التصدير.

وعلى الرغم من مضاعفة واردات السلع مقارنة بالعام 2020، تشير التقديرات إلى أن الميزان التجاري سجل فائضاً بنسبة 7.21 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2021 (مقارنة بعجز قدره 7.14 % في 2020).

وعكس الحساب الجاري مساره، حيث تحول من عجز بنسبة 3.15 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2020 إلى فائض بنسبة 1.21 % في العام الماضي. وتكشف البيانات المتعلقة بتجارة السلع لشهري يناير وفبراير من العام الجاري فائضاً تجارياً قدره 3.5 مليار دولار.
وتشير التقديرات إلى أن مستوى الاحتياطات الليبية لا يزال مريحًا للغاية، ووصل في العام الماضي عند حدود 46 شهًرا من الواردات

وأرجع البنك الدولي الفضل في ذلك إلى تواصل تدفق الدولار على شكل عائدات تصدير النفط، وتخفيض سعر الصرف في يناير 2021، مما قلص الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والسعر في السوق السوداء بشكل كبير.

وظل السعر الرسمي مستقراً نسبياً طوال العام 2021، لكن ضغوط خفض قيمة العملة بدأت تزداد، حيث شهد الدينار انخفاضًا بنسبة 4.7 % منذ تعديل سعر الصرف؛ فيما تتواصل أزمة السيولة في ليبيا، مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية على الأسر والشركات.

ويقول البنك إنه في حال تمكنت ليبيا من الحفاظ على مستويات إنتاج النفط وصادراته أو زيادتهما في مجمل العام الجاري مقارنة بالعام الماضي، أو على الأقل تجنب وقف الإنتاج والتصدير لفترات طويلة، فقد تستفيد من الارتفاع الكبير في أسعار النفط العالمية، مما سيترجم إلى نمو اقتصادي قوي وإيرادات مالية أعلى وتدفق للعملة الأجنبية، الأمر الذي يؤثر إيجابًا على كل من الميزان التجاري وميزان الحساب الجاري وميزان المالية العامة.

وتبقى المخاطر عالية، حسب البنك الدولي، ويتمثل الخطر السلبي الرئيسي في احتمالات الانزلاق مجددًا إلى مربع العنف والصراع المسلح. كما يشكل تفشي فيروس كورونا أو ظهور متحورات جديدة خطرًا آخر، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى مزيد الاضطرابات في سلاسل التوريد وزيادات أكثر حدة مما هو متوقع في أسعار المنتجات الزراعية.

وبالتالي فإنه مع ارتفاع أسعار النفط العالمية تزداد أسعار السلع المستوردة، مما يؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين. ويفترض البنك أن يؤدي ذلك إلى تراجع الاستهلاك وتفاقم مشكلة الأمن الغذائي.