تحل علينا اليوم الذكرى الثامنة لعملية الكرامة، وهي كانت اسماً على مسمى، فهي كانت العملية التي استهدف إعادة الكبرياء الوطني في ليبيا أمام عدوه الحقيقي، الإرهاب والتطرف، بعد قتال ضاري بين قوات الجيش الوطني الليبي، والجماعات المتطرفة.
أَبَى جيش ليبيا الوطني، أن يترك بلاده ضحية بين أنياب الإرهاب الأسود، فكان له كلمته، التي كشر بها عن أنيابه، فأذاق الإرهابيين بأس أبناء ليبيا الحقيقيين، فانطلقت عملية الكرامة صباح يوم الجمعة الموافق 16 مايو 2014 في مدينة بنغازي بأوامر القائد العام للجيش الليبي، المشير خليفة حفتر.
بإطلاق عملية الكرامة، دخلت ليبيا مرحلة جديدة من الصمود في وجه الإرهاب، خاصة بعد سلسلة الاغتيالات التي طالت النشطاء الإعلاميين والسياسيين والحقوقيين ورجال المؤسسة العسكرية والشرطة.
بنغازي مدينة الصمود والكبرياء، شهدت ما لم تشهده أي مدينة في ليبيا قبل عملية الكرامة، من عمليات التفجير والاغتيالات والذبح والحرق والسطو والخطف، كما سجلت العديد من العمليات الانتحارية الإرهابية التي أودت بحياة العشرات من المدنيين الأبرياء، فكان ذلك تمهيدا لصحوة الجيش الليبي الرافض لما يحدث في بلاده.
ولعل “السبت الأسود” ببنغازي، في 8 يونيو 2013، وهو أحد الحوادث الأليمة التي شهدتها البلاد قبل عملية الكرامة، حينما استهدفت ميليشيات درع ليبيا في بودزيرة حشود المتظاهرين، الذين خرجوا ليطالبوهم بمغادرة المدينة وترك مقرها وتسليمها للقوات الخاصة.
رفض الإرهابي وسام بن حميد مطالب المتظاهرين، وأمر رجاله بإطلاق وابل من الرصاص ضد المتظاهرين السلميين، ما أدى إلى سقوط نحو 40 قتيلاً و154 جريحاً.
بارك الشعب الليبي، عملية الكرامة، فكانت بمثابة طوق النجاة لهم، بعدما أحاطهم الإرهاب من كل النواحي، وتحولت حياتهم إلى جحيم، يحكمهم مجموعة من الجهلاء ممن يحملوا السلاح، ويتشدقون بالدين وهم أبعد ما يكونون عنه.
تركزت العمليات العسكرية بداية في مدينة بنغازي، تلتها مدينة درنة التي اختطفها الإرهابيين لسنوات معدودة، سجل خلالها الجيش الوطني مواقف خالدة في ذاكرة الليبيين، والانصياع للشعب الليبي.
وانتهت العملية العسكرية بتطهير الشرق الليبي والمنطقة الجنوبية، وتأسيس مؤسسة الجيش الوطني وإعادة تفعيل الأجهزة الأمنية التي أنهت حالة الفوضى التي شهدتها العديد من مدن عقب ثورة فبراير، والقضاء على تحالفات الجماعات الإرهابية وعلى رأسها مجلسي شورى ثوار بنغازي ومجاهدي درنة واللذين ضما مقاتلي داعش والقاعدة وأنصار الشريعة ودرع ليبيا وغيرهم.
وحققت الكرامة انتصارات كبيرة، على رأسها تحرير مدينة بنغازي، في 5 يوليو 2017، والذي صار تاريخاً يحتفل فيه الليبيون بتحرير المدينة من قبل الإرهابيين، الذين تمترسوا بداخلها لسنوات عدة، منذ أحداث 17 فبراير 2011.
حينها قال القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر: “تزف إليك اليوم قواتك المسلحة بشرى تحرير مدينة بنغازي من الإرهاب، تحريراً كاملاً غير منقوص، وتعلن انتصار جيشك الوطني في معركة الكرامة ضد الإرهاب، نصراً مؤزراً من عند الله عز وجل، لتدخل بنغازي ابتداء من اليوم عهداً جديداً من الأمن والسلام والتصالح والوئام والبناء والعمار والعودة إلى الديار، بعد أن كسرنا قيود القهر والذل وحواجز الخوف والرعب التي سعى الإرهاب إلى بنائها في نفوسنا، لتحل محلها مشاعر الطمأنينة والسرور والأمل والثقة بالنفس، ونرسم معاً بإرادتنا الحرة طريقنا نحو المستقبل”.
واستطرد: “المعركة كانت شرسة للغاية وقدم خلالها الجيش الليبي مئات من الشهداء والجرحى، حيث نشبت في أكتوبر 2014، مع مقاتلي مجلس شورى ثوار بنغازي، بدعم من غرفة عمليات ميليشيات ثوار ليبيا ودرع ليبيا، كنتيجة مباشرة لخسارة قوات ثوار بنغازي وحلفائها في هجومهم على مطار بنينا، مما سمح لقوات الجيش الوطني الليبي من تنظيم صفوفهم والهجوم في عمق بنغازي”.