منظمة العفو الدولية: قوات الأمن والميليشيات في طرابلس استخدمت القوة المميتة لقمع اللاجئين

0
235
منظمة العفو الدولية

دانت منظمة العفو الدولية استخدام قوات الأمن والميليشيات الليبية في طرابلس القوة المميتة غير المشروعة وأنواعاً أخرى من العنف في عمليات اعتقال غير مسبوقة لأكثر من 5000 لاجئ، واحتجازهم في ظروف مروعة حيث يتفشى التعذيب والاعتداء الجنسي.

وقالت المنظمة في بيان اليوم الثلاثاء، إنه في 1 أكتوبر، اقتحم مسلحون من الميليشيات وقوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية الليبية، بشكل عنيف، المنازل والملاجئ المؤقتة في منطقة قرقارش في طرابلس، التي تضم عدداً كبيراً من اللاجئين والمهاجرين، وأطلقوا أعيرة من الذخيرة الحية، وأتلفوا ممتلكاتهم، وسرقوا أغراضهم الثمينة.

وأضافت، تم بعد ذلك نقل المهاجرين واللاجئين المروّعين، ومن بينهم العديد من المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلى مراكز الاحتجاز في طرابلس، حيث حُرموا من الوصول المنتظم والخصوصي إلى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والوكالات الإنسانية الأخرى، وتعرضوا للتعذيب، وغيره من ضروب المعاملة السيئة.

 وقالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، ديانا الطحاوي: “لدى القوات الليبية سجل مروّع في تعريض اللاجئين والمهاجرين لأهوال لا يمكن تصورها مع الإفلات من العقاب. إن استخدام القوة المميتة غير المشروعة للقبض على الآلاف من الرجال والنساء والأطفال العزل فقط على أساس عرقهم يعد مستوى متدنياً جديداً، ويظهر مدى ازدراء السلطات التام لحياة وكرامة اللاجئين والمهاجرين”.

وحثت الطحاوي، السلطات الليبية على الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفياً فقط على أساس وضعهم كمهاجرين، وفتح تحقيقات في جميع حوادث الاستخدام غير المشروع للقوة والتعذيب والعنف الجنسي. وفي غضون ذلك، يجب على السلطات ضمان معاملة المحتجزين معاملة إنسانية، واحتجازهم في ظروف تلبي المعايير الدولية، ومنحهم حق الوصول من دون عوائق إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والجهات الفاعلة الإنسانية الأخرى، من دون أدنى تأخير.

وذكرت منظمة العفو الدولية أنها تحدثت إلى الشهود والضحايا وأفراد أسرهم، واستعرضت عشرات مقاطع الفيديو والصور التي تبادلها الشهود، ونُشرت على الإنترنت، حول عملية المداهمة، ومراكز الاحتجاز. وفي حين لم تتمكن منظمة العفو الدولية من تحديد موقع مقاطع الفيديو بشكل مستقل، فقد تم التحقق من موقع الشهود الذين تمت مقابلتهم.

وفقاً لشهود العيان وتحليل مقاطع الفيديو، فإنه في الساعات الأولى من يوم 1 أكتوبر، وصل إلى قرقارش رجال مسلحون يرتدون زياً رسمياً يحمل شعارات وزارة الداخلية، وميليشياتان تابعتان لهما، وهما قوة دعم مديريات الأمن بالمناطق وجهاز الأمن العام والتمركزات الأمنية، واللذان وثّقت منظمة العفو الدولية دورهما في الانتهاكات بحق المهاجرين واللاجئين. وكان بعضهم يركب عربات مدرعة بأسلحة مثبتة، وأطلقوا الذخيرة الحية على لاجئين ومهاجرين عزل، عندما بدأوا في الاعتقال التعسفي لآلاف الأفارقة من أفريقيا جنوب الصحراء.

وأخبر الشهود منظمة العفو الدولية أنهم شاهدوا ما لا يقل عن ثلاثة رجال يتعرضون لإطلاق النار ويسقطون على الأرض جثثاً هامدة. ووفقاً لـ بيان أدلت به جورجيت غانيون، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة والمنسقة المقيمة للشؤون الإنسانية في ليبيا، فقد لقي رجل واحد على الأقل مصرعه، بينما أصيب 15 شخصاً بطلقات نارية. ويُعدّ استخدام الذخيرة الحية ضد أشخاص غير مسلحين، لا يشكلون أي تهديد وشيك للحياة، أو إصابتهم، انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، ويمكن أن يشكل حرماناً تعسفياً من الحق في الحياة.

 وقال الشهود إن المسلحين قد استهدفوا الناس على أساس عرقهم وأخبر رجل، تمكن من الفرار، منظمة العفو الدولية: “اعتقلوا كل من هو أسود البشرة”. وأخبرت امرأة منظمة العفو الدولية أنها عندما حاولت إظهار وثيقة تسجيلها في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مزقها رجل مسلح قبل أن يعتقلها ويأخذها إلى مركز احتجاز يديره جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، وهي إدارة مسؤولة في وزارة الداخلية لمراقبة الهجرة.

 كما أخبر مهاجرون ولاجئون منظمة العفو الدولية أن رجالاً مسلحين قاموا بضربهم وركلهم ونهب منازلهم وسرقة أموالهم وممتلكاتهم. وأفادت النساء بأن رجالاً مسلحين قاموا بالتحرش بهن أثناء المداهمة.

وأصدرت وزارة الداخلية بياناً، زعمت فيه أن عملية المداهمة جزء من “خطة لمهاجمة المخابئ الإجرامية” المستخدمة “لتوزيع المخدرات والخمر وإيواء المهاجرين غير الشرعيين” وأعلنت عن خطط لترحيل “المهاجرين غير الشرعيين” المعتقلين.

وقد زار رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد دبيبة، قرقارش بعد المداهمة، زاعماً أن الهدف من العملية كان “تنظيف المنطقة من الخمر والمخدرات والدعارة”. ولم يشر إلى وقوع إصابات أو وجود خطط لإجراء تحقيق.

ومنذ عملية المداهمة، نفذت قوات الأمن والميليشيات مزيداً من الاعتقالات للاجئين والمهاجرين من مختلف أنحاء طرابلس.

قدرت الأمم المتحدة أنه تم اعتقال ما يصل إلى 5000 مهاجر ولاجئ منذ عملية المداهمة، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع المتردية بالفعل في مراكز الاحتجاز التابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية.

 وقام حراس وميليشيات جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، الخاضعون اسمياً لوزارة الداخلية، بتعريض المحتجزين منذ المداهمة التي تمت في الأول من أكتوبر/تشرين الأول للانتهاكات والمعاملة السيئة والاعتداء الجنسي. وأفاد محتجزون وأفراد عائلاتهم بأنهم تعرضوا للضرب والركل بالعصي وأعقاب البنادق. ويُظهر مقطع فيديو، تم تلقيه في 3 أكتوبر/تشرين الأول، من أحد مراكز الاحتجاز، وحللته منظمة العفو الدولية، رجالاً يرتدون ملابس مموهة يضربون المعتقلين ويجبرونهم على الركض والجلوس القرفصاء.

وأخبرت امرأة محتجزة، في مركز المباني التابع لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، منظمة العفو الدولية أن الحراس الذكور اعتدوا جنسياً على عدة فتيات ونساء. وقالت محتجزة أخرى في مركز احتجاز شارع الزاوية إنها أُجبرت على التعري أمام حراس رجال قاموا بعد ذلك بتفتيشها والتحرش بها.

وأظهرت مقاطع الفيديو من مركزي احتجاز المباني وشارع الزاوية، على حد سواء، وجود عنابر مكتظة وقذرة للغاية. ويظهر أحد مقاطع الفيديو سقوط محتجز أرضاً، بينما شوهد آخرون يقرعون الباب للحراس لإنقاذه.

 وقال المحتجزون أيضاً إن حراس جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية لم يزودوهم بالطعام الكافي أو الماء النظيف، وأُجبروا على التبول والتغوط داخل العنابر التي احتُجزوا فيها. وقالت امرأة محتجزة في مركز المباني لمنظمة العفو الدولية إنها وأطفالها كانوا يشربون ماء المرحاض.

 وقد وثقت منظمة العفو الدولية سابقاً كيف يقوم حراس جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، وأفراد الميليشيات، بشكل معتاد، بتعريض المهاجرين واللاجئين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وظروف الاحتجاز القاسية واللاإنسانية، والابتزاز والسخرة في مركزي احتجاز المباني وشارع الزاوية.

نتيجة عمليات المداهمة، اختبأ العديد من المهاجرين واللاجئين في طرابلس، أو أصبحوا بلا مأوى، حيث لم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم خوفاً من الاعتقال، أو بسبب تدمير منازلهم أثناء الهجوم. وأصدرت مديرية أمن طرابلس بوزارة الداخلية بياناً في 4 أكتوبر/تشرين الأول، يدعو أصحاب العمل وأصحاب العقارات إلى تسجيل العمال الأجانب. وذكرت صفحة التواصل الاجتماعي لبلدية حي الأندلس، التي تضم قرقارش، أنّ السلطات قد أخلت حوالي 7000 “مهاجر غير شرعي”.

 وإثر عملية المداهمة، ذهب العشرات من المهاجرين واللاجئين إلى المركز المجتمعي النهاري للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في طرابلس للمطالبة بالحماية، والحصول على المأوى. وقال شخصان لمنظمة العفو الدولية إنه في 5 أكتوبر/ تشرين الأول، أمرهما رجال يرتدون ملابس عسكرية بالمغادرة و تعدوا عليهما بالضرب. وقد فحصت منظمة العفو الدولية مقطع فيديو يتسق مع هذه الادعاءات. وقالت امرأة اختبأت بعد عملية المداهمة لمنظمة العفو الدولية: “كل ما نريده هو الأمن، ولا يمكننا حتى الخروج لشراء الطعام أو العمل، فأطفالنا يتضورون جوعاً”.

اللاجئون والمهاجرون عالقون في ليبيا، في غياب سُبل آمنة للخروج. علّقت السلطات الليبية عدداً من رحلات الإجلاء من ليبيا في عام 2021. وفي هذا العام، عاد 1311 مهاجراً فقط إلى بلدانهم الأصلية من خلال برامج المنظمة الدولية للهجرة، بينما تمت إعادة توطين 212 لاجئاً فقط في أماكن أخرى. وتعلم منظمة العفو الدولية أنه كان من المقرر إجلاء امرأة وطفلين، على الأقل، من ليبيا، من بين المعتقلين خلال عملية المداهمة، ولكن تم تأجيل رحلتهم إلى أجل غير مسمى.

على الرغم من الأدلة الدامغة على وقوع الانتهاكات المروعة ضد اللاجئين والمهاجرين في ليبيا، قام الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، ولا سيما إيطاليا، على مدار سنوات، بمد خفر السواحل الليبي بقوارب وتدريبات وأشكال أخرى من الدعم، حفزت ومكنت خفر السواحل الليبي من منع المهاجرين واللاجئين من عبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، وإعادتهم إلى الاحتجاز التعسفي إلى أجل غير مسمى في ظروف تهدد حياتهم. منذ عملية المداهمة التي تمت في قرقارش، اعترض خفر السواحل الليبي ما لا يقل عن 645 شخصاً في عرض البحر، وأعيدوا إلى مراكز احتجاز جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية.

وتحث منظمة العفو الدولية الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء على تعليق أي تعاون مع ليبيا على وجه السرعة بشأن الهجرة ومراقبة الحدود. ويجب عليهم التأكد من أن أي تعاون مستقبلي مشروط بإنهاء السلطات الليبية لسياسة الاحتجاز التعسفي للمهاجرين واللاجئين، وإجراء التحقيق الفعال في الانتهاكات ضدهم. كما يجب على الاتحاد الأوروبي، والدول الأعضاء فيه، فتح ممرات آمنة وقانونية للوصول إلى أوروبا، وخاصةً عن طريق توفير عدد كافٍ من أماكن إعادة التوطين، وسُبل الحماية البديلة لآلاف الأشخاص الذين يحتاجون للحماية في ليبيا.