اجتماعات ومصالحات وهدن في 2020.. “الوفاق” عام من الاتفاقات المنقوضة

0
207

مبادرات ومحاولات للصلح والمصالحة، شهدها عام 2020، لحل الأزمة الليبية، وإلقاء حجر في المياه الراكدة من أجل إنهاء حالة الاقتتال التي تشهدها البلاد منذ عدة سنوات، وعلى الرغم من كل تلك المحاولات من قوى إقليمية ودولية لإنهاء الصراع، إلا أنه في كل مرة تَنقض حكومة الوفاق وعودها بوقف إطلاق النار والتوقف عن التلويح بالاشتباك والقتال.

ومن المعروف للجميع، أن حكومة الوفاق بجميع أعضاؤها، لا يتحركون أو يقدمون على خطوة، إلا بتحريض وحث من أنقرة، هناك حيث يقبع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي لم يدخر جهدا من أجل إحباط أي محاولة للصلح في الأراضي الليبية، ولم يتوقف أيضا عن إرسال مرتزقته من كافة البقاع لإشعال الصراع كلما هدأ.

فعلى مدار العام المُنصرم، أُطلقت العديد من المبادرات والمؤتمرات، التي كانت تهدف بشكل عملي لإنهاء الصراع الليبي، وترك السلاح والانخراط في المباحثات والحوارات السياسية، وكان دائما شرط إخراج المرتزقة الأجانب من ليبيا، هو محور الخلاف، فكانت حكومة الوفاق رافضة على الدوام على إخراج المرتزقة السوريين من الأرض الليبية.

بدأ عام 2020، بمؤتمر برلين، وهو المؤتمر الذي ضم الأخصام داخل ليبيا، وجميع الدول الفاعلة في الشأن الليبي، وعلى رأسهم مصر وتركيا، وتم التأكيد على الحل السلمي وتنحية الصراعات المسلحة جانبا، وأفرز المؤتمر مع عُرف بمخرجات مؤتمر برلين، وهي بنود ملزمة للطرفين بضرورة الالتزام بالحلول السلمية، ولكن تركيا كان رأي آخر.

أردوغان الذي حضر المؤتمر، وتظاهر موافقته على مخرجاته وبنوده، بل وأبدى رغبته وتأييده للحل السلمي في ليبيا، لم يُمهل المؤتمر كثيرا حتى أرسل طائراته المُسيرة بالتزامن مع إرسال المرتزقة والعتاد العسكري المتواصل من خلال جسرين إحداهما جوي والأخر بحري، لتتغير المعادلة العسكرية، بعدما أكد الجيش الوطني الليبي التزامه بمخرجات مؤتمر برلين ونَفذ ما وعد به.

اقرأ أيضاً

تقرير استقصائي لل”بي بي سي”: أردوغان أرسل آليات ومعدات عسكرية إلى ليبيا بعد مؤتمر برلين

فَتحت حكومة الوفاق موانئ الغرب الليبي ومطاراته، للطائرات التركية، لتنتهك بذلك قرار حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، والذي فرضه مجلس الأمن للحد من الصراعات المسلحة وتسليح المرتزقة، في تعد واضح من الأتراك على القرار وتخطي للعملية إيريني، التي أطلقها الاتحاد الأوروبي لمنع نقل السلاح إلى ليبيا.

اندلعت الاشتباكات والصراعات بعدما نقضت حكومة الوفاق وحليفها التركي وعدهما، حتى أعلنت مصر عن إطلاق مبادرة للحل السلمي، مُنبثقة من مخرجات مؤتمر برلين، وأطلقت عليه “إعلان القاهرة”، أكدت من خلاله على وحدة وسلامة الأراضي الليبية واحترام كافة الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وطالبت القاهرة في إعلانها باستكمال أعمال مسار اللجنة العسكرية 5+5 بجنيف برعاية الأمم المتحدة، وإعادة سيطرة الدولة على كافة المؤسسات الأمنية ودعم المؤسسة العسكرية المتمثلة في الجيش الوطني الليبي، ومكافحة الإرهاب وهو ما رفضته حكومة الوفاق تماما، وأعلنت عدم التزامها بأي شئ في هذا الإعلان، بل واعتبرت مصر تتدخل في الشأن الليبي.

استمرت حكومة الوفاق في تجاوزها لكل مبادرات السلام والصلح التي أطلقت، حتى وصلت الاشتباكات إلى سرت والجفرة، وهو ما دفع مصر لإعلان خط أحمر يبعد عدة كيلومترات عن المنطقتين، وهَددت بالتدخل مباشرة حال تخطيه، في محاولة منها لوقف القتال، وإعطاء الفرصة للحلول السياسية.

اقرأ أيضاً

السيسى: سرت والجفرة خط أحمر وسنتدخل لحماية أمننا القومي إذا طلب الليبيون

أُجبرت حكومة الوفاق والأتراك، على الالتزام بالخط الأحمر الذي حددته مصر بالتعاون والتنسيق مع الجيش الوطني الليبي، لفتح المجال أمام الحوار، خاصة بعد أن دَمر الطيران الليبي المعدات التركية المتمثلة في منصات الدفاع الجوي والرادارات الحديثة التي أرسلها أردوغان لقاعدة الوطية الجوية بعد إعلان الخط الأحمر بساعات، بالإضافة إلى تصدي قوات الجيش الليبي لمحاولات عدة لاختراق ذلك الخط.

استمر الالتزام بالخط الأحمر والتوقف عن القتال، حتى أعلنت اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في جنيف، وقف إطلاق النار، والدخول في مرحلة جديدة من المفاوضات بين طرفي الصراع، ووضع إعلان اللجنة عدة شروط ملزمة للطرفين أبرزها طرد المرتزقة الأجانب وإلغاء الاتفاقات التي أبرمت خلال الفترة الماضية.

وكعادة حكومة الوفاق، أعلنت موافقتها على تلك الاتفاق من ناحية، ومن الناحية الأخرى أعلن رجال فائز السراج في كل وسائل الإعلام، استمرار تواجد المرتزقة الأجانب واستمرار العمل بالاتفاقيات التي أبرمت مع الجانب التركي، وعلى رأسها الاتفاقات العسكرية والاقتصادية، وهي البوابة التي تسمح لتركيا بالتدخل المباشر في الشأن الليبي.

وحتى يومنا هذا، تستمر مطارات وموانئ غرب ليبيا، في استقبال المعدات العسكرية والمرتزقة الأجانب، بعد تدريبهم في تركيا على حمل السلاح، لإحداث أزمة جديدة، خاصة بعد أن رصد الجيش الوطني الليبي خلال الأيام الماضية تجمعات للمرتزقة والميليشيات على أبواب مدينة سرت.