اليوم الاثنين، احتفت مواقع قطرية وليبية إخوانية، بتوقيع اتفاقية تعاون أمني ولوجيستي بين قطر وحكومة الوفاق، في الدوحة، ضمن فعاليات زيارة وزيرا خارجية الوفاق محمد سيالة والداخلية فتحي باشاغا.
وعلى مدار سنوات عكفت الإدارة القطرية، متمثلة في تنظيم الحمدين، في دعم التنظيمات والميليشيات المتطرفة في ليبيا، مالياً ولوجيستياً بداية من 2011، وإسقاط نظام معمر القذافي واغتياله.
مذكرة التفاهم الأمنية بين داخلية الوفاق والداخلية القطرية، قيل إنه تم توقيعها في مجال مكافحة الإرهاب والمخدرات وغسيل الأموال، لكن على أرض الواقع هناك تنسيق بين الطريق في آليات دعم الإرهاب ونشره في ليبيا، وآليات ضمان بقاءه.
الغريب في الاتفاقية الأمنية التي تم توقيعها هو تأسيس قاعدة معلوماتية للإرهابيين وإتاحة تبادل المعلومات بين البلدين، على الرغم من أن تركيا حليفتهم الثالثة لديها قاعدة بيانات كاملة بأسماء المرتزقة السوريين والعناصر الإرهابية من تنظيمي (داعش والقاعدة) في ليبيا، والذين تم نقلهم على دفعات منذ ديسمبر الماضي، حتى تجاوز عددهم أكثر من 18 ألف مرتزق.
الدور القطري لدعم الإرهاب في ليبيا بدأ مبكراً، فهي من سلحت عناصر الميليشيات الإجرامية في ليبيا على مدار سنوات الفوضى عبر رجالها في ليبيا والدوحة ذاتها، وكان على رأسهم زياد بلعم وقادة الجماعة الليبية المقاتلة.
ونظرت قطر لإرهابها في ليبيا بالتنسيق بين الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والذي يرأسه يوسف القرضاوي- المدرج على قوائم الإرهاب في مصر- ودار الإفتاء الليبية حين كان يرأسها الصادق الغرياني.
وعبر الجماعة المقاتلة وتحديداً المتطرف المسؤول الشرعي السابق للجماعة الليبية المقاتلة، سامي الساعدي، حيث كان بمثابة منسق خاص بين دار الإفتاء في طرابلس ورجال الجماعات المتطرفة في بنغازي وعلى عضو تنظيم القاعدة رأسهم أحمد الحرابي، وزياد بلعم المرتبط أيضاً بعلاقة مصاهرة مع الساعدي، وبما ينسق العمليات العسكرية والتحالف بين تنظيمات القاعدة وداعش والإخوان في ليبيا.
وكشفت تقارير ليبية عن علاقة سامي الساعدي و”بلعم” بقطر ودورها في توفير الدعم الطبي واللوجيستي للجماعات الإرهابية في ليبيا، وتنسيق الساعدي مع المسئولين القطريين وسفره الدائم إلى الدوحة بتأشيرة دخول صادرة عن مؤسسة عيد آل ثاني الخيرية- المدرجة على قوائم الإرهاب بدول المقاطعة العربية. رافقه فيها نجل عضو تنظيم القاعدة عبد الرحمن نزيه الرقيعي.
ومثل الدور القطري انتهاكاً صريحاً لقرار مجلس الأمن رقم 1373 لعام 2001، ولجنة مكافحة الإرهاب الدولية المنبثقة عنه، والذي يلزم جميع الدول بمنع وقمع تمويل الأعمال الإرهابية، والامتناع عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم الصريح أو الضمني إلى الكيانات أو الأشخاص الضالعين في أعمال إرهابية.
ولم يقتصر الدعم القطري المفضوح للإرهاب على المتطرفين، بل تواصل مع وصول حكومة الوفاق للسلطة عبر اتفاق الصخيرات 2015، ليصير الدعم بين مؤسسات رسمية في كلا الدولتين، ليعطيه غطاءً شرعياً، كذلك الحال مع تركيا.
ودخل الدعم التركي القطري للإرهاب في ليبيا مرحلة جديدة، مع انتصارات الجيش الوطني الليبي وتحرير المدن الليبية، وصولاً إلى مشارف العاصمة طرابلس، لتسارع الدوحة وأنقرة بتقديم دعم لوجيستي وعسكري، عبر اتفاقيات –لم يعترف بها البرلمان الليبي السلطة الشرعية- بين رجب أردوغان وفايز السراج، في نوفمبر 2019، برعاية وتمويل قطري.
ومنذ ذلك التاريخ، فتحت تركيا خط طيران بين طرابلس وإسطنبول، تنقل من خلاله مئات المرتزقة السوريين، من المقاتلين التابعين لأنقرة في سوريا، ومن بينهم نحو 2500 داعشي (من أصل تونسي) علاوة على آخرين، لمعاونة ميليشيات الوفاق في حربها ضد الجيش الوطني الليبي.
ولم يقتصر الدعم على ذلك، بل دفعت تركيا بعشرات الآليات العسكرية والمدرعات (لميس) والطائرات المسيرة، في محاولة لقلب موازيين القوى في ليبيا، مستغلة حظر توريد الأسلحة المفروض على الجيش الليبي.
ورغم هذا الكم من التنسيق وشرعنة الإرهاب، أعلنت وزارة الداخلية الليبية توقيع اتفاق أمني مع نظيرتها في الدوحة، بدعوى مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال، في وقت عطل فيه اتفاق وقف إطلاق النار الدائم والموقع في جنيف، الخميس الماضي، كافة الاتفاقيات العسكرية، وهو ما لم تقبل به الوفاق وحليفاتها قطر وتركيا.