تحيي ليبيا اليوم الأربعاء، الذكرى الـ74 لاستقلالها، في مناسبة وطنية تستحضر مسيرة نضال طويلة خاضها الليبيون لنيل السيادة وإنهاء عقود من الاحتلال، لكنها تأتي هذا العام وسط واقع سياسي منقسم وأزمات اقتصادية وأمنية ما تزال تلقي بظلالها على المشهد العام، في ظل تعثر المسار الانتخابي واستمرار الانقسام المؤسسي.
ويعود تاريخ استقلال ليبيا إلى 24 ديسمبر 1951، حين أعلن الملك إدريس السنوسي، من شرفة قصر المنار في بنغازي، قيام الدولة الليبية المستقلة، تتويجًا لكفاح وطني بدأ منذ الغزو الإيطالي عام 1911، واستمر عبر مراحل متعددة من المقاومة السياسية والعسكرية حتى صدور قرار الأمم المتحدة في نوفمبر 1949 القاضي بمنح ليبيا استقلالها.
وشهدت ليبيا عبر تاريخها محطات مفصلية، إذ خضعت لسيطرة الدولة البيزنطية حتى الفتح الإسلامي عام 647 ميلاديًا، لتصبح لاحقًا جزءًا من الدولة الإسلامية في عصورها المختلفة، قبل أن تدخل تحت الحكم العثماني عام 1551، الذي استمر حتى الاحتلال الإيطالي في مطلع القرن العشرين.
ومع اندلاع الحرب الإيطالية العثمانية عام 1911، بدأت مرحلة الاستعمار الإيطالي التي واجهها الليبيون بمقاومة شرسة قادها عدد من الرموز الوطنية، أبرزهم عمر المختار، الذي قاد حركة الجهاد ضد الاحتلال حتى إعدامه عام 1931، دون أن تنكسر إرادة الليبيين في مواصلة النضال.
وخلال الحرب العالمية الثانية، تحولت ليبيا إلى ساحة صراع دولي، حيث تمكن الحلفاء من إخراج القوات الإيطالية عام 1943، لتدخل البلاد مرحلة جديدة من الاحتلال البريطاني في طرابلس وبرقة، والفرنسي في فزان، وهو ما قوبل برفض شعبي واسع، تُوّج بإعلان استقلال إمارة برقة عام 1949، ثم قرار الأمم المتحدة باستقلال ليبيا الموحدة. وفي هذا السياق، انسحبت القوات الأجنبية من الأراضي الليبية في 24 ديسمبر 1951، ليُعلن قيام الدولة الليبية المستقلة ذات السيادة، ويصبح هذا التاريخ رمزًا للوحدة الوطنية والانتصار لإرادة الشعب.
غير أن ذكرى الاستقلال هذا العام تحل في ظل استمرار حالة الانقسام السياسي وتعثر إجراء الانتخابات، إلى جانب وجود حكومتين متنافستين، إحداهما في غرب البلاد برئاسة عبد الحميد الدبيبة وتحظى باعتراف دولي، والأخرى في الشرق برئاسة أسامة حماد والمدعومة من مجلس النواب والقيادة العامة، ما أسهم في تعميق حالة الانسداد السياسي وإطالة أمد المرحلة الانتقالية.
وفي موازاة ذلك، أكدت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا هانا تيتيه، في بيان بمناسبة الذكرى، التزام بعثة الأمم المتحدة بدعم ليبيا في مسارها نحو السلام والاستقرار، داعية القادة الليبيين إلى تجاوز الانقسامات السياسية والعمل على توحيد المؤسسات، وتهيئة الظروف لإجراء انتخابات حرة وشاملة تعكس إرادة الشعب.
من جانبه، جدد مجلس النواب الليبي تعهده بمواصلة العمل لترسيخ دعائم الدولة وصون وحدتها، معتبرًا ذكرى الاستقلال محطة وطنية خالدة جسدت إرادة الليبيين في نيل الحرية وبناء الدولة ذات السيادة.
وفي السياق ذاته، أكد رئيس الحكومة الليبية المكلفة أسامة حماد أن ذكرى الاستقلال تمثل التزامًا وطنيًا باستكمال مشروع الدولة، مشددًا على ضرورة احترام الإرادة الوطنية ورفض التدخلات الخارجية، ومؤكدًا دعم إجراء الاستحقاقات الانتخابية وتمكين الليبيين من اختيار ممثليهم.
وبين استحضار أمجاد الماضي وتحديات الحاضر، تبقى ذكرى الاستقلال محطةً لتجديد الأمل لدى الليبيين في تجاوز الانقسام واستعادة الدولة، وتحقيق تطلعات الشعب في الأمن والاستقرار والوحدة، بما يليق بتضحيات الأجيال التي ناضلت من أجل حرية ليبيا وسيادتها.
- ليبيا.. لجنة وزارة الداخلية تباشر التحقيق في حادث سقوط طائرة “الحداد”

- ليبيا في ذكرى الاستقلال الـ74.. تاريخ نضال وواقع سياسي منقسم

- بمناسبة ذكرى الاستقلال.. مجلس النواب الليبي يجدد تعهده بترسيخ دعائم الدولة وصون وحدتها

- أردوغان يعزي الدبيبة في ضحايا حادث تحطم طائرة “الحداد” بأنقرة

- السفارة الأمريكية تعزي في وفاة “الحداد” ومرافقيه وتشيد بجهوده لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية





