في ظل انسداد سياسي مزمن وتعثر متكرر للمسارات الانتخابية والدستورية، عاد ملف “الحوار المهيكل” الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى واجهة المشهد، باعتباره محاولة جديدة لكسر الجمود وإعادة فتح أفق التسوية.
وأثار هذا المسار، منذ انطلاق جلساته الأولى في طرابلس، تساؤلات واسعة حول طبيعته وحدود مخرجاته، وما إذا كان يمثل مجرد منصة تشاورية موسعة أم بوابة لترتيبات سياسية أعمق قد تعيد رسم الخريطة المؤسسية القائمة.
وتشير تقارير سياسية متطابقة إلى أن البعثة الأممية تتعامل مع “الحوار المهيكل” كأحد مكونات خارطة طريق أوسع أُحيلت إلى مجلس الأمن، وتهدف إلى تجاوز الانقسام المؤسسي عبر مقاربة شاملة تشمل السياسة والاقتصاد والأمن والحوكمة.
في المقابل، يرى محللون ليبيون أن توقيت إطلاق هذا الحوار، وسياق النقاشات الدائرة داخله، يوحيان بإمكانية توظيفه لإعادة طرح صيغ انتقالية تتجاوز الأجسام الحالية أو تعيد ترتيب العلاقة بينها، خاصة مع عودة الحديث عن ما يُعرف بـ”الخيار الرابع”.
وبحسب مراقبين، فإن هذا الخيار لا يُعد مجرد تعديل إجرائي، بل تصوراً لإعادة تأسيس المشهد السياسي برمته، عبر مسار تأسيسي مشروط بتسوية سياسية مسبقة، تتضمن توافقاً على أساس دستوري مؤقت، وتشكيل سلطة تنفيذية موحدة بولاية زمنية واضحة، وتهيئة البيئة القانونية والفنية لإجراء انتخابات تشريعية.
ويذهب محللون إلى أن إعادة طرح هذا المسار تعكس إدراكاً دولياً ومحلياً بفشل الأدوات التقليدية في إنهاء الأزمة، مقابل السعي إلى «حل شامل» يعالج جذور الانقسام بدل الاكتفاء بإدارة أعراضه.
في هذا السياق، يبرز الجدل حول كيفية اختيار المشاركين في “الحوار المهيكل” ومدى تمثيلهم الحقيقي لمختلف القوى الاجتماعية والسياسية، فبينما تؤكد البعثة أن عملية الاختيار استندت إلى ترشيحات من بلديات ومؤسسات وأحزاب، إضافة إلى طلبات فردية، وبناءً على معايير الكفاءة والقدرة على الحوار، يشكك ليبيون في شفافية التطبيق العملي لهذه المعايير، معتبرين أن الإشكالية لا تكمن فقط في وجود قواعد مكتوبة، بل في آليات تنفيذها وتوازن التمثيل الجهوي والسياسي.
وقدم البيان الصادر عن بعثة الأمم المتحدة حول مخرجات الجلسات الافتتاحية للحوار صورة أكثر وضوحاً عن الأولويات المطروحة، فقد خلصت المشاورات إلى توصيف الأزمة الليبية باعتبارها أزمة سياسية في جوهرها، تتجلى في انقسام مؤسسي وتعدد سلطات متنافسة وغياب سلطة تنفيذية موحدة ذات شرعية وطنية، وهو ما انعكس سلباً على الاقتصاد والأمن ومستويات الحوكمة.
وأكدت النتائج التي أعلنتها البعثة، أن توحيد المؤسسات يشكل المدخل الأساسي لأي تسوية مستدامة، إلى جانب تشكيل حكومة واحدة مرتبطة بجدول زمني واضح وموازنة موحدة.
وشددت المشاورات على أن الانتخابات تمثل أساساً للحوكمة وليست مساراً منفصلاً عن الحل السياسي، مع ضرورة أن تحظى الحكومة المقبلة بتفويض محدد، ومعايير شفافة في التعيينات، وآليات رقابة فعالة، مع تركيز مرحلي على تحسين الخدمات والاستقرار الاقتصادي والتحضير للاستحقاقات الانتخابية.
كما لفتت إلى استمرار النظرة الجهوية في التمثيل السياسي، مع التأكيد على أهمية إشراك النساء والشباب بصورة عادلة.
واقتصادياً، ربطت المخرجات بين تدهور الأوضاع المعيشية والانقسام السياسي واستحواذ المؤسسات وتفشي الفساد وتدخل التشكيلات المسلحة، داعية إلى أجندة إصلاح تركز على الحوكمة والشفافية والمساءلة، وتنويع الاقتصاد ودعم القطاعات غير النفطية.
أما أمنياً، فقد اعتبرت نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها أولوية لا غنى عنها، وبناء مؤسسات عسكرية وأمنية موحدة خاضعة للسلطة المدنية.
وسط هذه الصورة، يبقى السؤال مفتوحاً: هل ينجح “الحوار المهيكل” في التحول من منصة نقاش إلى رافعة فعلية لتسوية سياسية جامعة، أم ينتهي إلى إضافة مسار جديد إلى قائمة المبادرات غير المكتملة؟ الإجابة – كما يراها الليبيون – ستتوقف على مدى وضوح سقف هذا الحوار، وقدرته على إنتاج توافق وطني حقيقي، دون القفز على إشكاليات الشرعية أو إعادة تدوير الأزمة بأدوات مختلفة.
- ليبيا.. المنفي يبحث مع رئيسة المنظمة الدولية للهجرة سبل مكافحة شبكات الاتجار بالبشر

- “الحوار المهيكل” حلقات نقاشية أم آلية للحل.. هل تشهد الأزمة الليبية انفراجة مرتقبة؟

- المنفي يطالب محافظ المصرف المركزي بتقرير عن توزيع السيولة في 2025

- غوتيريش يدعو لإنهاء الاحتجاز التعسفي ليبيا وحماية اللاجئين السودانيين

- حكومة الوحدة الوطنية تبحث تسريع تنفيذ المشروعات الحيوية في الزنتان

- بعثة الأمم المتحدة تطرح مخرجات “الحوار المهيكل” وتحدد أولويات الحل السياسي في ليبيا

- استطلاع أممي: 86% من الليبيين مستعدون للمشاركة في الانتخابات بشكل فوري

- أجواء معتدلة اليوم الأربعاء وأمطار متوقعة على غرب ليبيا مساء الخميس

- النيابة الليبية تكشف واقعة تزوير 24 رقماً وطنياً بمدينة المرج وتحبس المتورطين

- رئيس مجلس لنواب يبحث في فرنسا دعم الانتخابات وحل الأزمة الليبية

- المنفي يبحث مع النائب العام سبل ضمان استقلالية السلطة القضائية في ليبيا

- وزير الداخلية الليبي يبحث تعزيز التعاون مع المنظمة الدولية للهجرة

- صدام حفتر يلتقي وفداً من قبيلة المغاربة ببنغازي

- ليبيا.. حكومة الوحدة ترحب بـ”الحوار المهيكل” وتعلن عن تعديلات وزارية

- وزير الخارجية المصري يؤكد لمستشار الرئيس الأمريكي دعم بلاده للتسوية السياسية الشاملة في ليبيا




