ليبيا تنفق 7.9 مليار دينار على الصحة في 2025.. لماذا تستمر معاناة المرضى؟

0
108

يتصاعد الجدل في ليبيا حول واقع القطاع الصحي، وسط تساؤلات متزايدة عن مدى انعكاس المليارات التي تُنفق سنويًا على الخدمات المقدمة للمواطن، وما إذا كانت بالفعل تُترجم إلى تحسينات ملموسة أم تضيع في دوائر الإنفاق غير الرشيد والفساد. ورغم أن بيانات مصرف ليبيا المركزي تظهر أن الإنفاق الصحي خلال الأشهر الإحدى عشرة الأولى من عام 2025 تجاوز 7.9 مليار دينار، إلا أن معاناة المرضى ما تزال مستمرة في ظل نقص الدواء وتدهور مستوى العلاج.

وتكشف بيانات المصرف إنفاق أكثر من 1.3 مليار دينار تحت بند دعم الدواء، في وقت لا يحصل فيه المواطن على احتياجاته إلا عبر الصيدليات التجارية وبأسعار مرتفعة ودون رقابة حقيقة، فيما تجاوز الإنفاق على العلاج بالخارج 600 مليون دينار لصالح فئة محدودة من المنتفعين. وتثير هذه الأرقام تساؤلات حول دور جهاز الإمداد الطبي الذي استحوذ على أكثر من 1.7 مليار دينار، رغم اعتباره لدى مراقبين قناةً للهدر لا ينعكس أداؤها على تحسين الخدمات داخل المستشفيات.

وفي السياق ذاته، تجاوز الإنفاق على المرتبات والتسيير والتنمية 4.2 مليار دينار، من دون ظهور نتائج ملموسة على أرض الواقع، ما يدفع شريحة واسعة من المواطنين للعلاج في المصحات الخاصة داخل ليبيا، بينما يلجأ من يملك القدرة المالية إلى السفر لدول الجوار مثل تونس ومصر، في حين يحصل أصحاب النفوذ على فرص العلاج في أوروبا على حساب المال العام، ويبقى غير القادرين الأكثر تضررًا من تراجع الخدمات.

ويفاقم الصورة السلبية تراجع ليبيا إلى المركز 116 من أصل 197 دولة في مؤشر الصحة العالمي لعام 2025، وهو ما يعكس اتساع الفجوة بين حجم الإنفاق والنتائج الفعلية على مستوى جودة الخدمات والرعاية. وكانت لجنة الصحة والبيئة بمجلس النواب قد دعت الشهر الماضي النيابة العامة والأجهزة الرقابية إلى فتح تحقيق شامل في أداء الجهات المسؤولة عن ملف العلاج، مؤكدة أن البيروقراطية وتعقيد الإجراءات تسببا في وفاة مرضى ظلوا في انتظار قرارات لم تصدر.

أمام كل ذلك، يتواصل السؤال حول مكمن الخلل الحقيقي داخل القطاع الصحي: هل تكمن المشكلة في سوء الإدارة وغياب الشفافية، أم أن منظومة الصحة في ليبيا تحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة تعيد ترتيب الأولويات وتضمن أن تُصرف المليارات لصالح المريض لا لصالح شبكات الهدر والفساد؟