اعتمد مجلس الأمن الدولي قرارًا جديدًا يقضي بتمديد تفويض عملية “إيريني” لمدة 6 أشهر إضافية، وهو قرار يفتح باب التساؤل مجددًا حول جدوى العملية الأوروبية التي وُلدت قبل خمسة أعوام بهدف منع تدفق السلاح إلى ليبيا، لكنها حتى الآن لم تغيّر واقعًا تتكدس فيه الأسلحة وتتوسع فيه شبكات التهريب دون توقف.
وجاء التمديد بتصويت 13 دولة وامتناع روسيا والصين، في مشهد يعكس الانقسام القديم ذاته حول فعالية الآلية، وهو ما بدا واضحًا من خلال المواقف التي أعقبت الجلسة. فرنسا التي شاركت في إعداد القرار رأت أن استمرار التفويض ضروري لدعم جهود السلام، مؤكدة أن العملية تعمل بشكل “مهني وفعال”، وأن فرض الحظر يظل عنصرًا أساسيًا لاحتواء أي اشتباكات قد تتفجر، خصوصًا في مناطق حساسة حول العاصمة طرابلس. لكن هذا الخطاب الأوروبي بدا بعيدًا عن القراءات الروسية والأفريقية التي رأت أن “إيريني” تحولت إلى آلية شكلية لا تمنع شيئًا فعليًا على الأرض.
روسيا التي امتنعت عن التصويت قالت بشكل مباشر إن العملية لم تحقق أهدافها، وإن ليبيا ما زالت “غارقة بالأسلحة”، منتقدة تركيز التفويض بيد الاتحاد الأوروبي دون مشاركة أوسع من أطراف محايدة، ومعتبرة أن حجم التهريب المستمر ينفي أي حديث أوروبي عن النجاح. الموقف ذاته حملته مجموعة A3+ التي وإن صوّتت لصالح القرار، إلا أنها عبّرت بصراحة عن أسفها لعدم تحقيق العملية نتائج ملموسة، مؤكدة أن عمليات التفتيش التي تجاوزت الألفين لم تؤدّ إلى تراجع حقيقي في تدفق السلاح، وأن طرق التهريب الأكثر نشاطًا تتم من خارج نطاق “إيريني”، سواء جوًا أو برًا.
كما سلّطت المجموعة الضوء على ملف موازٍ لا يقل خطورة، وهو تهريب الوقود الذي تسبب في خسائر تُقدر بـ20 مليار دولار بين 2022 و2024، وهو ملف يدخل ضمن المهام الموسعة للعملية لكنه لم يشهد أي تراجع، مما زاد الشكوك حول قدرة “إيريني” على تقديم نتائج تتناسب مع حجم التحديات.
ورغم توسع مهام العملية منذ انطلاقها عام 2020 لتشمل مكافحة تهريب النفط، وتدريب خفر السواحل، وجمع معلومات حول شبكات الاتجار بالبشر، إلا أن مؤشرات استمرار تدفق السلاح، وغياب أي تأثير رادع، جعلتها محل انتقاد متكرر داخل ليبيا وخارجها. بعض الأطراف الليبية ترى أن العملية مجرد واجهة دبلوماسية تسمح للدول الكبرى بإظهار التزامها بالاستقرار، بينما تستمر بعض القوى في دعم حلفائها بالسلاح بطرق لا تطالها الرقابة الأوروبية.
ومع كل تمديد، يتجدد السؤال نفسه: لماذا يواصل مجلس الأمن تجديد تفويض آلية لا تحقق نتائج واضحة؟ الإجابة تبدو متشابكة، بين رغبة أوروبية في الحفاظ على نفوذها في المتوسط، وغياب آلية بديلة قادرة على مراقبة كل المنافذ الليبية، واستمرار التعقيدات الجيوسياسية التي تجعل أي تحرك أكثر جرأة أمرًا صعبًا في ظل تضارب مصالح القوى الدولية.
ويرى خبراء في الشأن الأمني الليبي أن “إيريني” لم تُصمم لتكون آلية حاسمة بقدر ما هي أداة سياسية لضبط إيقاع الصراع دون تغييره فعليًا. ويشير محللون دوليون إلى أن تركيز العملية على البحر فقط يجعلها بلا أنياب حقيقية، لأن معظم عمليات نقل السلاح تتم عبر الجو والحدود البرية. في حين يؤكد باحثون في السياسات الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي يستخدم العملية كمنصة للحفاظ على حضوره الأمني في المتوسط، أكثر من كونها أداة ناجعة لفرض الحظر، وأن استمرار التجديد يعكس غياب الإرادة الدولية، وليس نجاح المهمة نفسها.
- لماذا يجدد مجلس الأمن تفويض “إيريني” رغم فشلها في منع تهريب السلاح إلى ليبيا؟

- الحويج يبحث أنشطة المنظمة الدولية للهجرة في بنغازي

- الدبيبة يتابع مع الطرابلسي خطط تأمين الوقود وتعزيز الاستقرار الأمني في ليبيا

- ليبيا.. المنفي يبحث مع محافظ المركزي مستجدات الملف الاقتصادي وخطط تعزيز الاستقرار النقدي

- وزير النفط الليبي يبحث مع السفير البريطاني سبل تعزيز التعاون بين البلدين





