خطوة لتجاوز الانقسام.. الجيش الوطني الليبي يمد جسور التواصل الأمني مع مصراتة

0
240

في تطور لافت على طريق رأب الصدع وتوحيد المؤسسة العسكرية، عقد رئيس الأركان العامة للجيش الوطني الليبي، الفريق أول ركن خالد خليفة حفتر، اجتماعًا موسعًا مع عدد من القيادات الأمنية والعسكرية في مدينة مصراتة، لبحث سبل تعزيز التنسيق الميداني وتشكيل قوة مشتركة لمكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.

الاجتماع، الذي وصفه مراقبون بأنه «خطوة عملية نحو توحيد الصف الوطني»، جاء استجابةً لدعوة القائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، بضرورة تجاوز الخلافات الداخلية والعمل على بناء شراكة أمنية ليبية خالصة، بعيدًا عن أي إملاءات خارجية.

وخلال اللقاء، تم الاتفاق على تشكيل قوة أمنية مشتركة تعمل في مختلف المناطق، إلى جانب وقف التصعيد الإعلامي الذي يهدد وحدة الصف الليبي، في إشارة واضحة إلى رغبة الجانبين في فتح صفحة جديدة من التعاون الوطني.

وأكد الفريق أول ركن خالد حفتر في كلمته أهمية الدور الوطني لمدينة مصراتة، معتبرًا أن أبناءها قادرون على المساهمة في استعادة الاستقرار وإعادة بناء الدولة، مشددًا على أن المرحلة القادمة تتطلب تغليب المصلحة العامة على الخلافات وتوحيد الجهود من أجل مستقبل ليبيا.

وأضاف أن “الليبيين الشرفاء لن يتخلّوا عن وطنهم مهما طال النضال”، مؤكدًا أن الحوار والتفاهم بين مختلف المكونات هو السبيل الوحيد للحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها.

من جانبهم، عبّر ممثلو مصراتة من القيادات الأمنية والعسكرية عن تقديرهم للخطوة التي تقوم بها القيادة العامة، مشيرين إلى أن هذه المبادرة تمثل “انطلاقة فعلية نحو مصالحة وطنية شاملة” تضع أسس التعاون الأمني وتفتح المجال أمام توحيد مؤسسات الدولة.

في السياق ذاته، شدد القائد للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، خلال لقائه مشايخ وأعيان المنطقة الوسطى، على أن “حلّ الأزمة الليبية يجب أن يكون ليبيًا خالصًا”، مؤكدًا أن القوات المسلحة ستظل “صمام الأمان الحقيقي لوحدة ليبيا واستقرارها”.

وأشار حفتر إلى أن القيادة العامة تدعم كل اتفاق وطني يهدف إلى جمع الليبيين تحت راية واحدة، بعيدًا عن التدخلات الخارجية التي “أثبتت فشلها في معالجة الأزمة الليبية”.

واختُتمت اللقاءات بالتأكيد على مواصلة عقد اجتماعات تنسيقية بين مختلف المكونات العسكرية والأمنية في الشرق والغرب، بما يعزز جسور الثقة، ويمهد الطريق نحو بناء مؤسسة عسكرية موحدة تحفظ أمن البلاد وتدعم مسار الاستقرار السياسي.

ويرى مراقبون أن هذا التقارب بين الجيش الوطني الليبي وقيادات مصراتة يشكّل منعطفًا مهمًا في المشهد الليبي، كونه يتجاوز البعد العسكري ليحمل دلالات سياسية أوسع، في وقت يشهد فيه الملف الليبي جمودًا في المسار التفاوضي وتعثرًا في جهود توحيد المؤسسات.

فالحديث عن قوة مشتركة بين طرفين لطالما مثّلا رمزين للانقسام، يُعدّ إشارة إلى إدراك متزايد لدى مختلف الأطراف بضرورة الانتقال من المواجهة إلى التنسيق، خصوصًا في ظل تصاعد التهديدات الأمنية والاقتصادية التي تواجه البلاد.

كما أن فتح قنوات التواصل مع مصراتة، التي تمثل ثقلًا سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا في الغرب الليبي، يعزز فرص بناء توازن وطني جديد يمكن أن ينعكس إيجابًا على جهود توحيد المؤسسة العسكرية وإطلاق مسار المصالحة الشاملة.

وبينما تبقى التحديات كبيرة أمام ترجمة هذا التفاهم إلى واقع عملي، فإن مجرد انعقاد اللقاء يُعدّ بحد ذاته مؤشرًا على تحول تدريجي في التفكير الاستراتيجي نحو تغليب منطق الدولة على منطق الصراع، ما قد يمهّد الطريق لمعادلة أكثر استقرارًا في ليبيا خلال المرحلة المقبلة.