“نعلم أن خفر السواحل الليبية يعني الاتجار بالبشر والاغتصاب والتعذيب والقتل”..تصريح واقعي، أدلى به القيادي في الحزب الديمقراطي الإيطالي، ماتيو أورفيني، اعتراضاً على دعم روما للكيان المتورط في انتهاكات حقوق الإنسان.
في 16 يوليو من الشهر المنتهي، أقر البرلمان الإيطالي، بعد تصويت في مجلس النواب، إعادة تمويل البعثات الدولية العاملة في الخارج لعام آخر، بما فيها تلك في ليبيا.
وحظى القرار بموافقة 401 نائب، وامتناع عضو واحد عن التصويت، بينما رفضه 23 نائبا ضمن الائتلاف الحاكم ينتمون إلى حزب (أحرار ومتساوون) بأقصى اليسار وبعض برلمانيي الحزب الديمقراطي، وفق ما قالت وكالة الأنباء الإيطالية “آكي”.
البرلماني الإيطالي قال خلال الجلسة: “قبل سنوات قليلة كان بإمكاننا التظاهر بعدم المعرفة. اليوم لا، نعلم أن خفر السواحل الليبي يعني الاتجار بالبشر والاغتصاب والتعذيب والقتل.. إن تمويله يعني تمويل من يقتل ومن يغتصب ومن يعذب”.
تصريحات أورفيني كشفت عن خلاف كبير حول دعم خفر السواحل الليبية، حيث طالب مجموعته البرلمانية: “أقول هذا لمجموعتي البرلمانية: مطالبتهم في نص القرار بأن يتصرفوا بشكل جيد، ليس إصلاح بل مجرد نفاق كبير.. حسنا أن نبقى في ليبيا ولكن لحل المشاكل لا تسليح أولئك الذين يخلقونها ومن أجل الدفاع عن الضعفاء وليس من يعذبهم”.
الوضع على أرض الواقع سيء للغاية، فقبل 3 أيام، أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، عن مقتل 3 مهاجرين بالرصاص على الساحل الليبي، وطالبت بفتح تحقيق حول الحادث، بعد أيام من الإعلان عن تخوّفها من تردّي أوضاع آلاف المهاجرين غير النظاميين في ليبيا، وتعرّضهم للهلاك.
وبشكل دوري يعلن خفر السواحل الليبية التابع لوزارة داخلية الوفاق، التي يرأسها فتحي باشاغا، عن إعادة مهاجرين من البحر، إلى ميناء طرابلس البحري، ليتم توزيعهم على مراكز الإيواء في العاصمة.
وفي 29 مايو، وقع حادث أكثر مرارة، حين قتل 30 مهاجراً في بلدة مزدة، الواقعة جنوب غرب العاصمة طرابلس الخاضعة لسيطرة ميليشيات الوفاق، رداً على مقتل أحد مهربي البشر الليبيين.
ورغم أن الوفاق أعلنت في بيانها أن أحد المشتبه بضلوعهم في عمليات الاتجار بالبشر مقيم ببلدة مزدة، قُتل على يد مهاجرين غير شرعيين أثناء عملية تهريبهم، فقام أهالي المجني عليه برد فعل انتقامي، فقتلوا 26 مهاجرا من بنغلادش و4 أفارقة، إلى جانب جرح 11 مهاجرا آخرين نقلوا إلى المستشفى، وأنها فتحت تحقيق في ذلك، إلا أنه وبعد مرور أكثر شهرين لم تخرج تلك التحقيقات.
كل ذلك زاد من حالة السخط الإيطالي حول دعم خفر السواحل الليبي مؤخراً، وصلت حد خروج مظاهرات في العاصمة الإيطالية روما، للمطالبة بوقف تمويل خفر السواحل الليبي ومراكز الاعتقال التي تديرها حكومة الوفاق الليبية.
وبحسب وكالة الأنباء الإيطالية “نوفا” فإن عشرات المتطوعين من منظمة ميديترانيي، ومنظمة العفو الدولية، والعديد تدفقوا للتظاهر في ساحة سان سيلفسترو بروما، ضد تمويل خفر السواحل ومراكز الاعتقال الليبية التي تديرها حكومة طرابلس، بدعم من بعض الدول الأوروبية.
وتتفاقم حالة السخط حول حجم التمويل الإيطالي لخفر السواحل الإيطالي، ففي تقرير نشرته وكالة “نوفا” الإيطالية، أمس الأربعاء، حول حجم التمويل الموجه لخفر السواحل الليبي، قال إن من القضايا الأكثر إثارة للجدل في الملف الليبي بجانب انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد وخاصة في مراكز الاعتقال، هو غياب مراقبة رصد الأموال المدفوعة في خزائن طرابلس على مدى السنوات الماضية سواء من إيطاليا وأوروبا.
وأوضح التقرير أن الأموال الإيطالية انتهت في أيدي المهربين والميليشيات، التي تقوض الاستقرار في ليبيا منذ عام 2011 وتربح من الاتجار بالبشر، ومنذ عام 2017 أنفقت روما نحو 784.3 مليون يورو في ليبيا منها 213.9 مليون يورو على المهام العسكرية، وفقا لما نقلته الوكالة.
وأضاف التقرير أن الأموال زادت عاماً بعد عام بهدف مزدوج هو وقف وصول المهاجرين وزيادة النفوذ الإيطالي في ليبيا، بخصوص تدريب ودعم خفر السواحل الليبي فقد زادت الأموال من 3.6 مليون يورو في عام 2017 إلى 10 ملايين متوقعة في عام 2020.
و لإيطاليا 4 بعثات عسكرية نشطة في ليبيا: “بعثة الدعم الثنائية إلى ليبيا”، و”دعم خفر السواحل الليبي”، و”بعثة الأمم المتحدة في ليبيا”، و”بعثة مراقبة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي”، بالإضافة لكونها عضواً في العملية العسكرية إيريني، لفرض حظر توريد الأسلحة إلى أوروبا.
وتتعاون حكومة الوفاق مع عناصر متورطة في الاتجار بالبشر، وأبرزها أحمد الدباشي وشهرته العمو، وعبد الرحمن ميلاد “البيدجا”- أحد أفراد حرس السواحل الليبي، والمطلوب على قوائم مجلس الأمن الدولي لتورطه في عمليات إغراق مراكب هجرة غير شرعية وقتل الكثير.