توحيد الحكومة والمؤسسات العسكرية.. هل ينهي أزمة الهجرة غير الشرعية في ليبيا؟

0
196
الهجرة

تُعدّ قضية الهجرة غير الشرعية في ليبيا من أكثر الملفات تعقيداً وتشابكاً، إذ تتداخل فيها الأبعاد الأمنية والسياسية والاقتصادية والإنسانية، إلى جانب المصالح الإقليمية والدولية التي تجعل من معالجتها أمراً يتجاوز حدود القرار الوطني.

ليبيا بحكم موقعها الجغرافي الممتد على أكثر من 1900 كيلومتر من السواحل المطلة على البحر المتوسط وحدودها البرية الواسعة مع 6 دول إفريقية، أصبحت إحدى أهم محطات العبور الرئيسية للمهاجرين غير الشرعيين من إفريقيا إلى أوروبا، ما جعلها في قلب أزمة إنسانية وأمنية متصاعدة منذ تسعينيات القرن الماضي.

أمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا عبد المنعم الحر، قال إن ملف الهجرة من الملفات الشائكة التي لا يمكن معالجتها إلا في ظل حكومة ومؤسسة عسكرية موحدة، مشيراً إلى أن الدولة بحاجة إلى تغيير سياساتها المبنية على المقاربة الأمنية والخوف من التوطين، نحو سياسات تقوم على أهداف ومصالح مشتركة بين مكونات المجتمع الليبي.

الحر، يرى أن هذا التوجه من شأنه أن يفعّل دور المجتمع الدولي المتقاعس عن إيجاد حلول حقيقية لمشكلة لا تخص ليبيا وحدها، بل تمس الأمن الإنساني في المنطقة والعالم، موضحاً أنه من دون ذلك ستبقى المنظمات الدولية تنأى بنفسها عن تحمل المسؤولية وتلقي باللوم على الحكومة الليبية.

ويرى مراقبون أن أوضاع المهاجرين داخل ليبيا تمثل جانباً مظلماً للأزمة، إذ تتعدد الأطراف المتداخلة فيها بين جهات محلية وأخرى دولية، بينما تتزايد الدعوات الشعبية لترحيل المهاجرين دون تمييز بين فئاتهم القانونية أو الإنسانية، في ظل تقارير تتحدث عن انتهاكات يتعرض لها الكثير منهم، تشمل الاستغلال والابتزاز وسوء المعاملة في مراكز الإيواء أو أثناء محاولات العبور إلى أوروبا.

وتتجاوز خطورة الظاهرة بعدها القانوني لتشمل آثاراً إنسانية جسيمة، من غرق الآلاف في عرض البحر إلى ما يتعرض له المهاجرون من تعذيب واتجار بالبشر. كما أن التبعات الاقتصادية والأمنية تضع الدولة الليبية أمام تحديات متراكمة، أبرزها استنزاف الموارد العامة وتفاقم الاقتصاد الموازي وتهديد السلم الاجتماعي نتيجة تصاعد معدلات الجريمة واحتكاك المهاجرين بالمجتمعات المحلية.

ويؤكد مراقبون أن الحل لا يمكن أن يكون أمنياً فقط، بل يجب أن يقوم على مقاربة شاملة تعيد بناء مؤسسات الدولة وتوحد القرار السياسي والأمني، بالتوازي مع تعاون دولي جاد يتجاوز مرحلة التصريحات إلى الفعل الميداني عبر دعم قدرات ليبيا في ضبط الحدود وتفكيك شبكات التهريب والاتجار بالبشر، إلى جانب ضمان احترام حقوق الإنسان للمهاجرين وفق المعايير الدولية.

في نهاية المطاف، تبقى أزمة الهجرة غير الشرعية في ليبيا اختباراً لقدرة المجتمع الدولي على معالجة القضايا العابرة للحدود بواقعية وإنصاف، واختباراً لليبيا نفسها في بناء دولة قوية قادرة على حماية حدودها ومصالحها دون التفريط في إنسانيتها.