بعد تدخل البعثة الأممية.. هل حُسمت رئاسة مجلس الدولة لـ”تكالة”؟

0
223
خالد المشري ومحمد تكالة

أثار انتخاب محمد تكالة رئيسًا جديدًا للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والقانونية، بعد أن أطاح بخالد المشري في جلسة وُصفت بأنها “توافقية”، لكنها سرعان ما تحوّلت إلى ساحة خلاف حاد، خاصة مع إعلان عدد من الأعضاء نيتهم الطعن في شرعيتها، وتدخل بعثة الأمم المتحدة لدعم نتائجها.

الجلسة التي عُقدت يوم الأحد الماضي، شهدت حضور 95 عضوًا من المجلس الأعلى للدولة، بحسب ما تم بثه بشكل مباشر على الهواء. وأسفرت عن انتخاب محمد تكالة رئيسًا للمجلس، في عملية وصفتها البعثة الأممية بأنها جرت في “ظروف طبيعية وشفافة”، مؤكدة أن نسبة الحضور تمثل ثلثي الأعضاء، وهو ما يعكس – وفق تعبيرها – توافقًا واسعًا داخل المجلس.

بعثة الأمم المتحدة أعربت عن ترحيبها بالنتيجة، واعتبرتها خطوة إيجابية لكسر حالة الجمود السياسي التي عاشها المجلس خلال العام الماضي، داعية إلى إشراك الأعضاء الذين لم يحضروا الجلسة في المسار القادم، وتعزيز التوافق الداخلي بما يساهم في دفع العملية السياسية قُدمًا.

في المقابل، أعلن المكتب الإعلامي للرئيس السابق خالد المشري، أن عددًا من الأعضاء شرعوا في تقديم طعن رسمي أمام المحكمة العليا بدعوى “عدم شرعية الجلسة”، زاعمين أن الإجراءات خالفت اللوائح الداخلية، وأن بعض الأسماء أُدرجت في كشوف الحضور دون مشاركتها فعليًا في التصويت.

رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، سارع إلى تهنئة تكالة، مؤكدًا دعمه لما وصفه بـ”الالتزام بوحدة المجلس” و”تعزيز الاستقرار السياسي”، داعيًا إلى تنسيق أكبر بين المؤسسات تمهيدًا لإجراء الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية.

ويرى مراقبون أن هذا الانقسام داخل المجلس ليس جديدًا، بل هو امتداد لصراع طويل بين تيارين متنازعين على الشرعية والقرار داخل المؤسسة التشريعية، مشيرين إلى أن الجلسة الأخيرة جاءت بعد جهود مكثفة من لجنة مشتركة من الطرفين – عُرفت باسم “اللجنة العشرية” – بهدف تجاوز الانقسام والتوصل إلى آلية تضمن نزاهة التصويت واحترام اللوائح.

ويُرجّح خبراء قانونيون أن الطعن المقدم من معسكر المشري لن يُحدث تأثيرًا كبيرًا، لعدم وجود مخالفة دستورية صريحة، خاصة وأن النظام الداخلي للمجلس يسمح بانعقاد الجلسات بدعوة من 50 عضوًا على الأقل، بينما من دعا للجلسة الأخيرة يتجاوز عددهم 80 عضوًا.

ويرى بعض المراقبين أن استمرار المشري في رفض نتائج الجلسة ومحاولاته الطعن فيها يعكس تمسكه بالموقع، رغم ما وصفوه بتراجع تأثيره داخل المجلس، مؤكدين أن الشرعية تُستمد من تصويت الأعضاء وليس من الشخصيات.

وفي ظل هذا المشهد المعقد، يبقى السؤال مطروحًا: هل حُسمت رئاسة المجلس فعليًا لتكالة بدعم أممي وغطاء قانوني، أم أن جولة جديدة من الخلافات والطعون قد تعيد الملف إلى نقطة الصفر؟