“تكرار للفشل”.. كم مبادرة غير ناجحة أطلقتها الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية؟

0
307

في خطوة يُنتظر أن تكون محورية ضمن المسار السياسي الليبي، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، تسلُّمها التقرير النهائي من اللجنة الاستشارية عقب استكمال مداولاتها، متضمناً توصيات وخيارات لمعالجة نقاط الخلاف بشأن الإطار الانتخابي في البلاد.

لكن هذه الخطوة أعادت إلى الأذهان سجلًا طويلاً من المبادرات الأممية التي لم تُكلل بالنجاح، ما يطرح تساؤلات جادة: هل تنجح هذه المبادرة أخيرًا أم تُضاف إلى سلسلة الإخفاقات السابقة؟

اللجنة الاستشارية، التي شُكّلت بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2755 لعام 2024، وضمت 20 شخصية ليبية من مختلف التخصصات، أنهت مهامها يوم الإثنين، وقدمت تقريراً يتضمن مقترحات يُفترض أن تُسهِم في حلحلة القضايا الخلافية، خاصة ما يتعلق بالمسار الدستوري وتنظيم الانتخابات العامة. وبلغ تمثيل النساء في اللجنة 35%، في سابقة تعكس اهتمام البعثة بالتنوع والتمثيل الشامل.

البعثة الأممية أشادت في بيانها بما وصفته بـ”المهنية والتفاني”، مؤكدة أنها بصدد مراجعة التوصيات تمهيداً لإجراء مشاورات جديدة مع الأطراف الليبية المختلفة، في إطار خارطة طريق تهدف إلى إجراء انتخابات وتوحيد المؤسسات العامة في ليبيا، كما وعدت بنشر الملخص التنفيذي للتقرير قريبًا، التزامًا بالشفافية.

لكن هذا المسار الجديد، الذي تراهن عليه البعثة، لا يمكن فصله عن سجل طويل من الجهود الأممية التي انتهت إلى طريق مسدود، بدءاً من اتفاق الصخيرات (2015)، إلى مؤتمرات برلين وباريس، ثم اتفاق جنيف العسكري والسياسي (2020)، وصولاً إلى مبادرة التوافق الدستوري (2022)، ومبادرات 2023 مثل دعم الانتخابات والحوار الليبي الخماسي، وجميعها لم تُسفر عن اتفاق دائم أو انتخابات مُنتظرة.

اليوم، ومع استمرار الانقسام بين حكومتين، وتباين المواقف بين المجلس الرئاسي والبرلمان، تتجدد الشكوك بشأن قدرة أي مبادرة، مهما بلغت قوتها التقنية، على تجاوز عقبات المشهد الليبي المتعثر، في ظل غياب الإرادة السياسية الموحدة.

ويرى بعض المحللين أن تركيبة اللجنة الاستشارية تمنح المبادرة فرصة أفضل من سابقاتها، خاصة إذا التزمت البعثة بدور الوسيط دون فرض أجندات خارجية.

في المقابل، يحذر آخرون من أن المعضلة الأساسية ليست فنية بل سياسية، إذ إن الأطراف المتنازعة تستخدم الحوار وسيلة لكسب الوقت وتعزيز نفوذها، لا لإيجاد حلول واقعية.

وبين التفاؤل الحذر والتشكيك المشروع، تترقّب الأوساط الليبية نشر خلاصات تقرير اللجنة الاستشارية، فيما يبقى السؤال الأهم: هل يمكن لمبادرة أممية جديدة أن تكسر حلقة الفشل المتكررة، أم أن الانقسام العميق سيظل عقبة أمام أي تسوية؟ الإجابة مرهونة بردود أفعال الداخل الليبي، وقدرته على انتزاع توافق حقيقي طال انتظاره.