في إحاطتها لمجلس الأمن.. المبعوثة الأممية: استمرار الانقسامات يهدد استقرار ليبيا واقتصادها

0
225

قدمت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة بعثة الدعم في ليبيا، هانا تيتيه، اليوم الخميس، إحاطتها الأولى أمام مجلس الأمن الدولي بشأن تطورات الوضع في ليبيا، مؤكدة أن الحكومة الانتقالية الحالية لم تعالج التحديات الأساسية التي تواجه البلاد، محذرة في الوقت نفسه من أن استمرار غياب ميزانية موحدة قد يؤدي إلى انهيار اقتصادي.

تيتيه قالت في كلمتها أمام مجلس الأمن، إن المشاورات التي أجرتها مع مختلف الأطراف الليبية منذ وصولها إلى ليبيا في فبراير الماضي كشفت وجود توافق على ضرورة إطلاق عملية سياسية جامعة تنهي الإجراءات الأحادية وتوحد المؤسسات وتعيد الاستقرار، لكنها نبهت إلى أن هناك تبايناً في الرؤى بشأن الحلول، حيث يرى بعض الليبيين أن تشكيل حكومة موحدة جديدة هو الحل الأمثل، بينما يعتقد آخرون أن ذلك مجرد تمديد غير مباشر لفترة انتقالية استمرت قرابة 15 عاماً.

وأكدت المبعوثة الأممية أن الإرادة السياسية تظل هي العامل الحاسم لتجاوز الأزمة، مشيرة إلى أن الانتخابات وحدها ليست كافية بل يجب أن تكون جزءاً من إطار سياسي شامل يعزز مؤسسات الدولة ويوحدها ويضع نهاية حقيقية للمرحلة الانتقالية.

وفي سياق حديثها عن المسار الانتخابي، أوضحت تيتيه أن اللجنة الاستشارية تضع حالياً اللمسات الأخيرة على تقريرها بشأن النقاط الخلافية المتعلقة بالعملية الانتخابية، مشيرة إلى أن التقرير سيُعرض بنهاية أبريل ما لم يحدث أي تأخير، مؤكدة أن البعثة ستعتمد هذا التقرير كأساس لتحديد الخطوات التالية نحو توافق سياسي بين الليبيين.

وفي الشأن الاقتصادي، أكدت تيتيه أن غياب ميزانية موحدة عمّق الانقسامات داخل ليبيا وفاقم تدهور الاقتصاد الكلي، متسببا في تراجع قيمة العملة المحلية، وتضخم الأسعار، وعجز في النقد الأجنبي، مشيرة إلى أن بعثة الأمم المتحدة تعمل مع خبراء اقتصاديين على تحديد الإصلاحات المطلوبة لضمان الاستدامة المالية وحماية استقرار المؤسسات.

كما شددت على ضرورة التزام جميع الأطراف الليبية بحماية المؤسسات الرقابية، مثل ديوان المحاسبة، وعدم إخضاع قرارات تعيين أو إقالة قياداتها لأي صراعات سياسية، مع احترام الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات عام 2015.

وأشارت المسؤولة الأممية إلى أن قرار وقف معاملات النفط الخام مقابل الوقود منذ مارس الماضي يعد تطوراً إيجابياً لتعزيز الشفافية، لكنها دعت الحكومة الليبية إلى ضمان تمويل واردات الوقود في الوقت المناسب بما يتناسب مع الطلب المحلي، مضيفة أن مقترحات عدد من الأطراف الليبية بإجراء مراجعة مالية من قبل شركات دولية كبرى لمؤسسات الدولة، قد تساهم في سد ثغرات الإدارة المالية ومعالجة أوجه القصور.

وبشأن الأوضاع الأمنية، لفتت تيتيه إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2020 لا يزال صامداً بشكل عام، إلا أن ليبيا لا تزال تشهد توتراً أمنياً متقلباً، في ظل تحشيدات عسكرية متكررة وتنافس مسلح على السيطرة في العاصمة طرابلس ومحيطها، إلى جانب تصاعد التوترات في الجنوب بسبب إعادة هيكلة قوات الجيش الوطني الليبي، ما تسبب في مواجهات عنيفة في منطقة القطرون.

وأكدت أن الوضع الأمني سيظل هشاً ما لم تتوفر إرادة سياسية حقيقية لتوحيد القوات العسكرية والأمنية تحت إطار وطني مشترك.

وتطرقت تيتيه إلى أهمية دعم الشركاء الدوليين والإقليميين للعملية السياسية في ليبيا، كاشفة عن قيامها بجولة شملت الجزائر ومصر وتونس وتركيا لبحث السبل الممكنة لكسر الجمود السياسي.

وأكدت أن استمرار الوضع الراهن يشكل تهديداً مباشراً لوحدة ليبيا واستقرارها الإقليمي، مشيرة إلى أنها ستواصل بحث تعزيز آليات التنسيق الدولي لدعم العملية السياسية.

وحذرت تيتيه أيضاً من استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا، مشيرة إلى أن الانقسام المؤسساتي وفر بيئة خصبة للإفلات من العقاب، ولفتت إلى تصاعد خطاب الكراهية ضد المهاجرين واللاجئين، مما أدى إلى مظاهرات واعتقالات جماعية وأعمال عنف، مطالبة بوقف فوري لهذه الممارسات، وتأمين المجال الإنساني لضمان وصول المنظمات الدولية والإنسانية إلى المحتاجين.

كما شددت على ضرورة احترام القانون في عمليات الاعتقال والإفراج عن المحتجزين تعسفياً، داعية السلطات الليبية إلى ضمان المحاكمات العادلة وإنهاء ظاهرة الاحتجاز التعسفي، التي وصفتها بأنها واسعة النطاق في البلاد.

وعلى صعيد حقوق المرأة، أشادت تيتيه بمبادرة خبراء ليبيين لوضع مشروع قانون لحماية النساء من العنف، مشيرة إلى أن القانون أُقرّ من قبل لجنة التشريع بمجلس النواب في يناير الماضي، داعية المجلس إلى الإسراع في اعتماده بشكل نهائي، باعتباره خطوة مهمة نحو توفير حماية قانونية واجتماعية للنساء الليبيات.

وفي ختام إحاطتها، شددت تيتيه على أن الإفراط في إنفاق الموارد في غياب ميزانية موحدة يعرض الاقتصاد الليبي لخطر الانهيار، مشيرة إلى أن ليبيا تملك من الموارد ما يكفي لتوفير الاستقرار والرفاهية لشعبها، لكنها بحاجة لإرادة سياسية موحدة وخطة واضحة تعالج الانقسامات وتضع أسس دولة ديمقراطية تلبي طموحات الليبيين.

وأكدت أن بعثة الأمم المتحدة ستواصل دعم ليبيا في مسار إنهاء المرحلة الانتقالية وبناء مؤسسات موحدة قادرة على قيادة البلاد نحو انتخابات وطنية، مشيرة إلى أن المجتمع الدولي مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى للاتفاق على خطة موحدة تدعم تطلعات الشعب الليبي وتحقق استقراره السياسي والاقتصادي.