“إنكشارية” أردوغان الجدد.. لماذ لا يحارب الأتراك بأنفسهم في ليبيا؟

0
169

قبل نحو 700 عام، أدرك السلطان مراد الأول، سلطان العثمانيين الثالث، خطورة الدفع بأبناء قوميته التركية في المعارك الطاحنة، التي شهدتها تلك الدولة الناشئة آنذاك، فدفعته الخشية على النسل التركي الأصلي للتفكير في إنشاء وحدات عسكرية لا تنتنمي للقومية التركية، ولكن كيف يضمن ولائهم للسلطان أولاً وللدولة ثانياً؟

قرر مراد عمل نظام جديد في الجيش التركي لتجنب خوض المعارك بشكل مباشر مع أعداءه، وبعد مشاورات مع معاونيه المقربين، قرر إنشاء وحدة تسمى بالإنكشارية، وهي وحدة من القوات الخاصة شديدة العنف تتبع السلطان مباشرة.

وليضمن مراد ولاء الإنكشارية، قرر تفعيل ما عرف بنظام “الدفشرية”، وهو نظام وحشي اعتمد على خطف الأطفال من أحضان أسرهم المسيحية بالقرى التي يستولون عليها، ويقومون بوضعهم في معسكرات صارمة يتعلمون فيها التصوف والقتال والولاء للسلطان فقط، وتلك الوحدات أغنت العثمانيين عن دخول معارك مباشرة مع أعدائهم، فكان الإنكشاريين في الصفوف الأولى يموتون من أجل السلطان.

وعلى غرار أجداده، اتبع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سياسية الحرب غير المباشرة، ويخشى دائما من إقحام جيشه “التركي” في معارك مباشرة خوفا من الموت، بل اعتمد على “إنكشارية جدد” يتبعونه متمثلين في آلاف المرتزقة ممن يقاتلون لأجل الأموال، كما أن البعض منهم يقاتل بعد أن وهمهم قادتهم بأن الجنة مصيرهم وأنهم يحاربون لأجل الدين.

جمع أردوغان المرتزقة من الدول الفقيرة أو التي تعاني من حروب طاحنة، أو من المناطق التي يفرض نفوذه عليها، أو البقاع التي تسيطر عليها مخابراته، فجمع منهم الآلاف ودفع بهم للقتال في ليبيا بدلا عن جيشه الرئيسي، حتى لو كلفه ذلك مليارات الدولارات.

خوف أردوغان من دخول حرب مباشرة في ليبيا، ظهر جليا بعد القصف الشديد الذي شهدته قاعدة الوطية العسكرية، والذي استهدف معداته العسكرية وأنظمة الدفاع الجوي والرادارات وبعض ضباطه وخبراءه العسكريين، فأخد خطوة للخلف، ودفع بمزيد من المرتزقة ومدهم بالسلاح والعتاد، فلم تتوقف طائرات الشحن المحملة بالأسلحة منذ “ضربة الوطية”.

مرتزقة أردوغان أو إنكشاريته الجدد، يحملون العديد من الجنسيات، فقد أرسل الآلاف من سوريا، والصومال، ثم وجه أنظاره إلى النيجر وتشاد واليمن، ومازال الرئيس التركي يبحث عمن ينوبون عن جنوده الأتراك في الحرب الليبية.