تواجه المرأة الليبية واقعاً متناقضاً بين تحقيق إنجازات ملموسة في مجالات السياسة والمجتمع المدني، وبين استمرار التحديات القانونية والاجتماعية التي تعرقل تمكينها الكامل.
فرغم تعيين سيدات في مناصب وزارية وانتخاب أول عميدة بلدية، وارتفاع نسبة مشاركة النساء في الانتخابات البلدية، إلا أن العوائق لا تزال قائمة، من العنف الممنهج ضد المرأة إلى المحاولات الرامية إلى فرض قيود جديدة على حرياتها، مثل مقترح إنشاء شرطة “الأخلاق”.
هذا التباين يعكس صراعاً مستمراً بين تطلعات المرأة نحو دور أكثر فاعلية، وبين واقع تفرضه الظروف السياسية والمجتمعية، مما يجعل مسألة تمكين المرأة في ليبيا رهينة لمدى قدرة المؤسسات على دعم حقوقها وحمايتها من الانتهاكات المتزايدة.
وفي ظل هذا التناقض، بحثت قبل أيام وزيرة الدولة لشؤون المرأة في حكومة الوحدة الوطنية، حورية الطرمال، بالممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا، هانا تيتيه، آليات تعزيز برامج تمكين المرأة بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار.
وتناول اللقاء، آليات دعم حقوق المرأة وتمكينها في مختلف المجالات لضمان تكافؤ الفرص وتعزيز دورها في مواقع صنع القرار، والتأكيد على التزام الأمم المتحدة بدعم الجهود الليبية لتعزيز حضور المرأة في مراكز القيادة.
وتعمل حكومة الوحدة على تنفيذ برامج لدعم الشابات وتمكينهن في مختلف مناطق ليبيا، حيث شهد أكتوبر الماضي اجتماعًا للجنة قيادة مشاريع إنشاء مراكز تدريب ودعم الشابات في ست بلديات، وهي زوارة، يفرن، الجفرة، بني وليد، ترهونة، ومرزق.
وشهدت الانتخابات البلدية في مرحلتها الأولى مشاركة نسائية منخفضة إذ لم تتجاوز 30% من إجمالي الناخبين المسجلين، لكنها أسفرت عن فوز الزائرة الفيتوري المقطوف كأول عميدة بلدية، محققة بذلك إنجازاً نوعياً لمسار المرأة الليبية في الحياة السياسية.
وعبرت الفيتوري لصحيفة الشاهد الليبية، أثبتت الفيتوري أن المرأة الليبية قادرة على كسر القيود الثقافية والموروثات المجتمعية التي لطالما وقفت عائقاً أمام طموحات النساء في الوصول إلى مناصب قيادية.
وتصف الفيتوري في حوارها لصحيفة الشاهد الليبية، شعورها بالفخر الكبير بعد تحقيق هذا الإنجاز، معتبرةً أنه انتصار للديمقراطية وأمل جديد للنساء في ليبيا لإثبات قدراتهن السياسية والمجتمعية، وترى أن فوزها يشكل نقطة تحول رئيسية، تمنح المرأة الليبية الثقة الكاملة لتحقيق تطلعاتها السياسية والمشاركة الفاعلة في الانتخابات.
وتحدثت الزائرة الفيتوري المقطوف، عن انطباعها حول فوزها بالمنصب والتحديات التي سوف تواجهها في أداء مهامها ومدى تأثير انتخابها لعمادة بلدية زلطن على مشاركة المرأة الليبية في السياسة والتصويت لها في الانتخابات.
وأشارت الفيتوري إلى الحاجة الماسة لتعاون شامل من جميع الأطراف المعنية، وضرورة توفير بيئة داعمة تساعد المرأة على تحقيق طموحاتها السياسية. وتؤكد على أهمية رفع الوعي المجتمعي بدور المرأة في تشكيل السياسات العامة وضمان تمثيلها في مواقع صنع القرار.
وأكدت نائبة المبعوث الأممي إلى ليبيا، في إحاطتها أمام مجلس الأمن في أغسطس 2024، أن زيادة عدد المقاعد المخصصة للنساء في انتخابات المجالس البلدية تشكل خطوة مهمة لزيادة تمثيل المرأة في الحكم المحلي؛ ومع ذلك، هناك حاجة إلى المزيد من التدابير الاستباقية حيث تواجه النساء العديد من العقبات، بما في ذلك الترهيب والعنف عبر الإنترنت والهجمات اللفظية وغيرها من العقبات التي تثنيهن عن التسجيل كمترشحات.
ولفتت إلى أن مفوضية الانتخابات وبدعم من أسرة الأمم المتحدة في ليبيا، تساعد في تعزيز مشاركة المترشحات من خلال وسائل شتى، كما تنادي النساء الليبيات بإنشاء لجنة وطنية تمثل النساء في جميع أنحاء ليبيا، لتطوير استراتيجية تدعم تمكين المرأة في جميع القطاعات.
وعلى الجانب الآخر، في نوفمبر 2024، عبرت اللجنة الدولية للحقوقيين، عما وصفته بالانتشار المثير للقلق للعنف بحق المرأة في ليبيا، معتبرة أنه تفاقم نتيجة انعدام الاستقرار السياسي، والمعايير المجتمعية المسيئة، والحماية القانونية القاصرة، ومطالبة السلطات بالعمل فورًا على وقف إجراءات إنشاء شرطة (الأخلاق) وتفعيلها في غرب البلاد.
ودعت اللجنة، السلطات الليبية إلى تعزيز الإطار القانوني المحلي، وسن قانون جديد يتوافق مع قانون حقوق الإنسان الدولي والمعايير الدولية، لمعالجة العنف واسع النطاق والممنهج ضد المرأة، بما في ذلك عبر الإنترنت.
كما طالبت المنظمة الحقوقية بإسقاط الحواجز النظامية التي تحول دون تبليغ المرأة عن حالات العنف، بما في ذلك انعدام الثقة في مسؤولي إنفاذ القانون ونظام العدالة الجنائية،داعية إلى دعم مبادرات المجتمع المدني التي تعمل على رفع الوعي بشأن العنف القائم على النوع الاجتماعي، وتعزيز المساواة بين الجنسين.
ورصدت المنظمة انتهاكات متعددة بحق المرأة الليبية، مشيرة إلى العنف المنزلي، والزواج القسري، والعنف الجنسي، والتحرش عبر الإنترنت، وانتقدت في الوقت نفسه المادة 424 من قانون العقوبات، التي تسمح لفاعل الاغتصاب بعقد الزواج على المعتدى عليها، للإفلات من الملاحقة القضائية، معتبرة أنه يسهم في ترسيخ التمييز ضد المرأة، والإفلات من العقاب عن انتهاكات حقوق الإنسان الممارسة ضدها.
ويبقى وضع المرأة الليبية مرهوناً بقدرة المؤسسات على توفير بيئة آمنة وداعمة تكفل لها حقوقها السياسية والاجتماعية دون قيود أو تهديدات.
ورغم بعض المكتسبات التي تحققت، فإن التحديات القانونية والمجتمعية لا تزال تشكل عائقاً أمام مشاركة أوسع وأكثر فاعلية للنساء في مختلف المجالات، وبينما تواصل النساء الليبيات كسر الحواجز الثقافية والموروثات المجتمعية، فإن التمكين الحقيقي يتطلب إصلاحات جذرية، تبدأ من تعديل القوانين التمييزية وتعزيز مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار، وصولاً إلى مواجهة العنف الممنهج ضدها، لضمان مستقبل أكثر عدالة ومساواة في ليبيا.
- رئيس الحكومة الليبية المكلفة يستقبل نائب رئيس وزراء بيلاروسيا
- ليبيا.. دبيبة يعزي أسر 5 طلاب توفوا في حادث سير بالبيضاء
- فوضى لا تنتهي.. لماذا أنفقت حكومة الوحدة 136 مليون دينار على الأمن خلال شهرين؟
- وزيرة المرأة الليبية: تشريعاتنا منصفة للمرأة وتتيح لها الفرص
- برلماني ليبي: بعثة الأمم المتحدة تنحرف عن مهمتها الأساسية
- محافظ مصرف ليبيا المركزي يؤكد ضرورة الالتزام بإجراءات حماية الاحتياطي الأجنبي
- ليبيا.. إغلاق 16 محلاً لبيع لحومٍ فاسدةٍ في طرابلس
- ارتفاع في درجات الحرارة وأمطار متوقعة على مناطق متفرقة من ليبيا
- وزير العمل الليبي يتابع تحديث أنظمة البيانات وربط مكاتب التأهيل إلكترونياً
- المشير حفتر يبحث مع تيتيه جهود تهيئة المناخ السياسي في ليبيا
- بين التضييق المجتمعي والمكاسب السياسية.. المرأة الليبية تواجه عقبات في طريق التمكين
- تحالف استثماري مصري يطلق أعماله في ليبيا ضمن جهود إعادة الإعمار
- الاتحاد الأوروبي يجدد دعمه لتمكين الليبيات في اليوم العالمي للمرأة
- تراجع طفيف في إنتاج النفط الليبي خلال الـ 24 ساعة الماضية
- المبعوثة الأممية: مشاركة المرأة الليبية في القيادة ضرورة لتحقيق السلام