صدام متجدد بين دبيبة وعقيلة صالح.. من يملك الشرعية في ليبيا؟

0
101

تجدد الصراع السياسي في ليبيا بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في مشهد يعكس استمرار الخلاف حول الشرعية السياسية والسلطة التنفيذية في البلاد. 

التصعيد الأخير جاء بعد تصريحات أدلى بها عقيلة خلال اجتماع رؤساء البرلمانات في القاهرة، اليوم السبت، والتي قوبلت برفض قاطع من حكومة الوحدة الوطنية، ما يعكس حجم الانقسام السياسي الذي تعيشه ليبيا.  

وأعربت حكومة الوحدة الوطنية عن استنكارها لما وصفته بالمغالطات القانونية والسياسية في تصريحات عقيلة، معتبرة أنها تحمل طابعًا جهوياً وتعزز خطاب الكراهية، ما يتنافى مع مبدأ الوحدة الوطنية ومساعي الاستقرار. 

وأكدت الحكومة في بيان رسمي أن جميع المؤسسات القائمة، بما في ذلك مجلس النواب، انتهت مدتها الدستورية وتستمد شرعيتها من الاتفاق السياسي وليس من تفويض شعبي متجدد، كما أشارت إلى أن عقيلة يتعامل مع المجلس كأنه حزب سياسي فردي يحتكر قراراته، رغم استياء العديد من النواب من هذه السياسات التي تؤدي إلى تعميق الانقسام.  

في المقابل، اعتبر عقيلة صالح أن حكومة دبيبة فقدت شرعيتها بانتهاء مدتها القانونية، داعياً المجتمع الدولي إلى وقف التعامل معها ودعم مجلس النواب في ممارسة مهامه التشريعية. 

وأكد أن الحكومة المنبثقة عن المجلس تسيطر على 85% من الأراضي الليبية، وتشهد المناطق الخاضعة لها تطوراً تنموياً رغم الأزمات التي مرت بها، بما في ذلك كارثة إعصار دانيال.  

التصعيد بين الطرفين لم يقتصر على تبادل الاتهامات، بل امتد إلى تحميل المسؤولية بشأن تعطيل الانتخابات، فحكومة الدبيبة اتهمت عقيلة بعرقلة الاستحقاقات الانتخابية من خلال فرض قوانين معيبة تسببت في تأجيل الانتخابات عام 2021، مشيرة إلى أن مجلس النواب طلب رسمياً من المفوضية الوطنية العليا للانتخابات وقف العملية الانتخابية بحجة الطعون القضائية. 

ووفق البيان، ألقت حكومة دبيبة باللوم على عقيلة صالح بسبب فرض شرط “التزامن” بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، مما أدى إلى إطالة الأزمة السياسية وتأخير تشكيل سلطة منتخبة جديدة.  

من جهته، يرى عقيلة صالح أن دبيبة يتمسك بالسلطة دون تفويض شرعي، مستغلاً حالة الانقسام السياسي للبقاء في منصبه، بينما تسعى الحكومة المنبثقة عن البرلمان إلى إنهاء هذه المرحلة الانتقالية عبر إجراء انتخابات جديدة وفق قاعدة دستورية متوافق عليها.  

ويعكس هذا الصدام المتكرر بين الطرفين حالة الانقسام العميق داخل مؤسسات الدولة، حيث يتمسك كل منهما بشرعيته في ظل غياب توافق وطني حول آلية إنهاء المرحلة الانتقالية. 

ورغم التصريحات المتكررة حول ضرورة إجراء انتخابات، إلا أن الواقع السياسي يعكس استمرار التعطيل بسبب تضارب المصالح بين الفرقاء السياسيين، مما يضع مستقبل البلاد أمام تحديات معقدة يصعب تجاوزها دون اتفاق سياسي شامل.

وفي أغسطس 2024، صوت مجلس النواب الليبي، بالإجماع على إنهاء ولاية حكومة عبد الحميد دبيبة، واعتبار حكومة أسامة حماد هي الحكومة الشرعية، وآنذاك قال رئيس مجلس النواب: “نسعى في مجلس النواب لتحقيق سلطة واحدة قادرة على السيطرة والعدالة بين الشعب.. العاصمة طرابلس وقعت تحت سيطرة عصابات مسلحة أعلنت وجودها بعد انتخابات مجلس النواب”.

وردت حكومة الوحدة – آنذاك – بأنها تستمد شرعيتها من الاتفاق السياسي الليبي المضمن في الإعلان الدستوري، مؤكدة التزامها الكامل بمخرجات الإعلان الدستوري التي تنص على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية لإنهاء المرحلة الانتقالية الطويلة، مشيرة إلى أن قرارات رئيس مجلس النواب عقيلة صالح مكررة في الشكل والمضمون ولا تتسم بالجدية.

وأوضحت الحكومة أن عقيلة ومجموعة من النواب يشغلون كراسيهم لأكثر من عقد من الزمن ويستمرون في إصدار قرارات لا تغير من الواقع شيئا في ظل انشغال الحكومة بتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.

ويتمسك رئيس مجلس النواب الليبي بتشكيل حكومة موحدة مهمتها إجراء الاستحقاقين الرئاسي والبرلماني، وتوفير احتياجات المواطنين، بينما يتمسك رئيس حكومة الوحدة ببقائه في منصبه رغم انتهاء ولايتها.