مبادرة أممية جديدة واتفاق بين النواب ومجلس الدولة.. هل تتشكل سلطة تنفيذية جديدة في عام 2025؟

0
162

تعيش ليبيا حالة من الجمود السياسي منذ تأجيل الانتخابات العامة نهاية عام 2021، مما أدى إلى تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية نتيجة استمرار الانقسام المؤسسي ووجود حكومتين متنافستين. 

ويشير المشهد الليبي الراهن إلى تعقيد متزايد في إدارة الأزمة السياسية نتيجة استمرار الانقسامات المؤسسية وتصاعد التوترات بين مختلف الأطراف الفاعلة. 

ومع إطلاق مبادرات دولية ومحلية جديدة، يبقى التحدي الأكبر في ضمان توافق حقيقي بين مختلف الجهات الليبية على آليات التنفيذ، فبينما تدعو المبادرة الأممية إلى تأسيس لجنة استشارية تساهم في حل القضايا الانتخابية، يتخوف العديد من الأطراف المحلية من تكرار إخفاقات سابقة نتيجة غياب معايير واضحة وفعالة لتشكيل هذه اللجنة وآليات عملها.

وأطلقت المبعوثة الأممية ستيفاني خوري مبادرة تهدف إلى تجاوز الجمود السياسي القائم عبر وضع حلول توافقية للقوانين الانتخابية الخلافية وتشكيل حكومة توافقية تهيئ الظروف لإجراء انتخابات عامة تضمن تجديد شرعية المؤسسات الليبية. 

وتركز المبادرة على إنشاء لجنة استشارية تضم مختلف الأطراف الليبية لحلحلة القضايا الخلافية، مع اشتراط التزام الحكومة الجديدة بالمبادئ والضمانات الزمنية كشرط لشرعيتها والاعتراف بها دولياً. 

وحظيت المبادرة بدعم دولي من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة، التي دعت الأطراف الليبية إلى الامتناع عن أي تحركات موازية وغير منسقة.

وفي الوقت ذاته، عقد أعضاء من مجلسي النواب والدولة اجتماعاً في مدينة بوزنيقة المغربية، حيث خلصوا إلى الاتفاق على تشكيل خمس لجان مشتركة لمعالجة ملفات رئيسية. 

وتضمنت هذه الملفات إعادة تكليف سلطة تنفيذية جديدة تضم حكومة ومجلساً رئاسياً جديدين، وإعادة النظر في المناصب السيادية، ومراجعة الملف الأمني بالتنسيق مع لجنة (5+5)، ومعالجة القضايا الاقتصادية والمالية لضمان التوزيع العادل للموارد. 

ويعكس اتفاق بوزنيقة رغبة متزايدة لدى مجلسي النواب والدولة في تجاوز الجمود الحالي عبر تشكيل لجان لمعالجة قضايا حيوية تشمل إعادة تشكيل السلطة التنفيذية وإصلاح النظام الاقتصادي والأمني. 

ومع ذلك، يظل نجاح هذا الاتفاق مرهوناً بمدى قدرة المجلسين على تطبيق بنوده في ظل التحديات الميدانية والضغوط الإقليمية والدولية، مما يتطلب تكاتف الجهود لضمان انتقال سلس نحو انتخابات تضع ليبيا على طريق الاستقرار والتنمية.

كما ناقش الاجتماع متابعة الأموال المهربة وقضايا غسل الأموال، مع الالتزام بتقديم تقارير نهائية من اللجان المشتركة خلال شهر لتنفيذ الاتفاقات بفعالية. 

وأشار رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة إلى أن مجلس النواب يتحمل مسؤولية عرقلة العملية الانتخابية، مؤكداً أن مصالح المجلس لم تتوافق مع مسودة الدستور المقدمة من لجنة الدستور المنتخبة، مما أدى إلى تجميدها، مشدداً على أن حكومته جاهزة لتسليم السلطة إلى حكومة جديدة بعد الانتخابات البرلمانية، مطالبًا بتفعيل خريطة طريق واضحة. 

ورأى عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي أن مبادرة خوري يمكن البناء عليها رغم بعض القصور، لكنه انتقد غياب آلية واضحة لتشكيل اللجنة الفنية التي تضم 150 عضواً، معتبراً أن هذا الأمر قد يؤدي إلى تكرار أخطاء حوار جنيف السابق الذي أسفر عن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية دون تحقيق الاستقرار المطلوب، مشيراً إلى أهمية وضع معايير محددة لضمان نجاح المبادرة وتفادي الفشل السابق.

ويرى مراقبون أن هذه التحركات قد تحرك المياه الراكدة في المشهد الليبي، يعتبر آخرون أن غياب الدعم الدولي والمحلي الكافي يجعل مبادرة خوري غير قادرة على معالجة جذور الأزمة. 

ومع ذلك، يبقى السؤال حول إمكانية تشكيل سلطة تنفيذية جديدة في عام 2025 مرهونًا بتجاوب الأطراف المحلية وفاعلية الضغوط الدولية، وسط تضارب المصالح واستمرار الانقسامات.