الميليشيات المسلحة في غرب ليبيا: طاعون بلا حل في 2024

0
146

عاشت مدن غرب ليبيا طوال عام 2024 في فوضى وانفلات أمني بسبب استمرار سيطرة الميليشيات عليها، والتي اندلعت فيما بينها عشرات الاشتباكات في إطار صراعها على النفوذ والسلطة أو لخلافات شخصية بين عناصرها.

وعلى مدار عام 2024 سقط نتيجة اشتباكات الميليشيات عشرات القتلى ومئات الجرحى من المدنيين ومن عناصر الميليشيات أنفسهم، فضلاً عن الخسائر في الممتلكات العامة والخاصة وتعطيل الحياة العامة وإغلاق المدارس والجامعات.

فوضى الميليشيات واشتباكاتها كانت تقع على مرأى ومسمع حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد دبيبة، الذي بدلاً التصدي لها، تحالف معها وقدم لها دعماً سخياً للحصول على ولائها واستخدامها للبقاء في السلطة بالقوة.

آخر اشتباكات الميليشيات التي اندلعت في منتصف شهر ديسمبر الجاري بمدينة الزاوية بين مجموعة محمد كشلاف، الملقب بـ”القصب”، ومجموعة أخرى تنتمي لقبيلة الشرفاء، والتي قتل خلالها شخص وأصيب 10 آخرين، كما تسببت في حرائق كبيرة بخزانات مصفاة الزاوية لتكرير النفط، ما دفع المؤسسة الوطنية للنفط إلى إعلان حالة الطوارئ، بالإضافة إلى تعطيل الدراسة.

وعندما كانت تتظاهر أهالي مدن غرب ليبيا للمطالبة بحل الميليشيات وإخراجها من مدنهم، كانت الميليشيات تهاجمهم مثلما حدث في مايو الماضي عندما هاجمت الميليشيات أهالي مدينة الزاوية وأصابوا نحو 10 أشخاص وقاموا بإشعال النيران في الممتلكات وسيارات المواطنين.

ويرى مراقبون أن فوضى الميليشيات هي السبب الأساس في كل الانقسامات التي تضرب ليبيا منذ العام 2011، ومن بينها الانقسام المؤسسي والسياسي، حيث ارتهنت النخب السياسية التي جاء بها الغرب للسلطة وأغدقت عليها الأموال حتى تجذرت، وأصبحت تسيطر على كل مؤسسات الدولة في طرابلس.

وهذا النهج ما سار عليه رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد دبيبة، وراح يوزع المناصب الحكومية على عناصر الميليشيات، حتى أنه قال في أحد اللقاءات مؤخراً إن وزير داخلية حكومته عماد الطرابلسي، زعيم ميليشيا.

ويرى المحلل السياسي المتخصص في الشأن الليبي محمد صالح العبيدي، أن “الميليشيات في ليبيا تمثل دولاً داخل الدولة، ولكل منها نطاق سيطرة ونفوذ يصعب دخوله أو التعامل معه، دون أن يكون هناك تفاهم مسبق مع قادة الميليشيات المعنية”، مشيراً إلى أن “الجميع يخشى سطوة الميليشيات، فالحكومة في طرابلس حافظت على بقائها بفضل الميليشيات، ورأينا كيف تصدت هذه الجماعات، في وقت سابق، لرئيس الحكومة المعين من قبل البرلمان فتحي باشاغا عندما حاول دخول طرابلس”.

وتستخدم الميليشيات في غرب ليبيا قوتها لتحقيق مكاسب مادية، متجاهلة القوانين الدولية والمحلية، وتنشط في عمليات تهريب الوقود والسلاح والمخدرات، فضلاً الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا حيث كونت شبكات ضخمة لتهريب البشر تدر عليها أموالاً طائلة.

وتطمح ليبيا أن تجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 2025 ويتم اختيار سلطة جديدة منتخبة، حيث شهدت الفترة الأخيرة تحركات من مجلسي النواب والدولة والبعثة الأممية لكسر الجمود السياسي.

لكن الميليشيات قد تقف حائلاً أمام تحقيق هذا الحلم حيث أن الفوضى والانقسام هي البيئة الوحيدة التي تستطيع أن تحيا فيها وإذا أقيمت دولة القانون سينتهي الحال بأغلبية أعضائها خلف القضبان لتورطهم في العديد من الجرائم.

ويؤكد المراقبون ضرورة أن تحل جميع الميليشيات في غرب ليبيا وتوحيد القوى العسكرية بين شرق وغرب البلاد حتى يمكن إجراء الانتخابات وتجديد شرعية المؤسسات، فبدون حل الميليشيات لن يستطاع إقامة الانتخابات من الأساس.