هل ينجح الحوار الأممي في حل أزمة مصرف ليبيا المركزي؟

0
263
بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا
بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا

تعتزم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عقد اجتماع طارئ يضم الأطراف المعنية بأزمة مصرف ليبيا المركزي، في محاولة للوصول إلى توافق.

وتعكس هذه الخطوة قلق البعثة إزاء التداعيات السلبية للقرارات أحادية الجانب على الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد، حيث أكدت أن استمرار اتخاذ هذه القرارات قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على الشعب الليبي، ويزيد من خطر الانهيار الاقتصادي.

وتسعى البعثة الأممية من خلال هذا الاجتماع إلى إيجاد توافق يستند إلى الاتفاقات السياسية والقوانين السارية، مع التركيز على مبدأ استقلالية المصرف المركزي وضمان استمرارية تقديم الخدمات العامة، حيث تأتي هذه الجهود ضمن إطار قرار مجلس الأمن رقم 2702 لسنة 2023، والذي يمنح البعثة صلاحيات لمنع النزاعات وتحقيق الاستقرار في ليبيا.

ودعت البعثة إلى تعليق العمل بكل القرارات الأحادية المتعلقة بمصرف ليبيا المركزي ورفع القوة القاهرة عن حقول النفط، محذرة من خطورة إقحام المصدر الرئيسي للدخل في الصراعات السياسية، مشددة على ضرورة حماية موظفي المصرف المركزي وضمان سلامتهم من أي تهديدات أو اعتقالات تعسفية.

وترى البعثة أن حل أزمة المصرف المركزي يمثل خطوة ضرورية لتهيئة الظروف الملائمة لعملية سياسية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة، تهدف إلى إعادة ليبيا إلى مسار الانتخابات الوطنية وتوحيد المؤسسات الحكومية المنقسمة.

ولاقت الدعوة الأممية ترحاباً في الأوساط السياسية في ليبيا، حيث رحبت الولايات المتحدة بمبادرة البعثة لعقد الاجتماع الطارئ، معتبرة أنها تقدم طريقاً ممكناً لحل الأزمة، وحثت جميع الأطراف على اغتنام الفرصة التي توفرها الدعوة الأممية.


وحذرت السفارة من أن التطورات الأخيرة تقوض الثقة في استقرار ليبيا الاقتصادي والمالي، وتزيد من احتمالات المواجهة، داعية إلى محاسبة المسؤولين عن حالات الاعتقال التعسفي والترهيب لموظفي المصرف المركزي.

وجاءت الدعوة الأممية، بعد ساعات من دعوة تكتل من الأحزاب الليبية، والذي طالب في بيان له، الأطراف والمؤسسات في ليبيا إلى عدم الانجرار وراء التصعيد في أزمة المصرف المركزي، مطالبًا بعثة الأمم المتحدة بتسيير حوار شامل يجمع جميع الأطراف بدعم دولي حقيقي.


ويرى التكتل أن الحوار السياسي يجب أن يهدف إلى توحيد البلاد وإجراء الانتخابات وتوحيد المؤسسات، إلى جانب إخراج القوات الأجنبية من ليبيا، مطالباً بالابتعاد عن إدارة الصراع والجمود، والدفع نحو بناء الدولة بمشاركة الليبيين في تقرير مصيرهم من خلال وثائق تُستفتى عليها.

وأكد التكتل أن الوضع المتأزم في ليبيا لا يمنح الكثير من الوقت للتحرك، مشدداً على ضرورة التحرك العاجل لتجاوز الانقسامات السياسية وتحقيق الاستقرار الذي تتطلع إليه جميع الأطراف.


كما جاءت دعوة البعثة كرد فعل على التصعيد الذي شهدته ليبيا، الإثنين، حيث أعلنت الحكومة المكلفة من مجلس النواب حالة القوة القاهرة على جميع الحقول والموانئ والمؤسسات النفطية، معلنة وقف إنتاج وتصدير النفط إلى أجل غير مسمى، رداً على الاعتداءات على قيادات وموظفي مصرف ليبيا المركزي، والتي اتُهمت بتنفيذها مجموعات خارجة عن القانون بدعم وتحريض من المجلس الرئاسي.

وتشير المعطيات الحالية إلى أن نجاح الحوار الأممي في حل أزمة مصرف ليبيا المركزي يعتمد بشكل كبير على مدى التزام الأطراف المعنية بالوصول إلى توافق حقيقي، يتطلب تراجع جميع الأطراف عن القرارات أحادية الجانب وتبني نهج يركز على المصلحة الوطنية بدلًا من المكاسب السياسية الضيقة.

ويرى مراقبون أنه إذا تمكنت بعثة الأمم المتحدة من إقناع الأطراف بالعمل ضمن إطار الاتفاقات السياسية والقوانين السارية، فقد يشكل ذلك خطوة أولى نحو تخفيف حدة التوتر وإعادة الاستقرار إلى النظام المالي الليبي.

لكن قد تواجه البعثة تحديات كبيرة في تحقيق هذا الهدف، نظرًا للتوترات المستمرة والانقسامات العميقة بين الفصائل المختلفة، فمع استمرار الصراع على السلطة والمصالح الاقتصادية، وخاصة في ظل وجود تدخلات خارجية مؤثرة، قد يعقد عملية الحوار ويقلل من فرص نجاحه.

ويبقى نجاح الحوار مرهوناً بمدى قدرة البعثة الأممية والمجتمع الدولي على ممارسة ضغوط فعّالة على الأطراف المتنازعة لدفعها نحو التنازل عن بعض مطالبها والتوافق على حلول وسطى تُعيد الاستقرار وتضمن الحفاظ على مؤسسات الدولة.