خلافات تعصف بالداخل الليبي.. ما أبعادها وتأثيرها على العملية السياسية؟

0
148

دبت خلافات كبيرة بين مؤسسات الدولة الليبية خلال الأيام القليلة الماضية وسط تساؤلات عن مدى تأثير هذه الخلافات على العملية السياسية وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

البداية كانت في مجلس الدولة الاستشاري الليبي والذي شهد خلافات خلال انتخابات رئاسته الأسبوع الماضي بين المرشحين محمد تكالة وخالد المشري، بسبب ورقة تصويت باطلة.

وأعلن خالد المشري، فوزه بالانتخابات وأنه الرئيس الشرعي لمجلس الدولة وبدأ في ممارسة مهامه، فيما أعلن محمد تكالة لجوؤه إلى القضاء لحسم الخلاف حول ورقة التصويت، ولم تحسم مسألة رئاسة المجلس بشكل كامل حتى الآن.

بعدها خرج رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الجمعة الماضية، ليعلن عن عزمه اتخاذ تدابير تضمن الاستقرار وتخفف الاحتقان والاستقطاب، بما يشمل إدارة مشتركة للإنفاق العام وعوائد النفط بشكل شفاف، لمعالجة الاختناقات، والتخفيف من معاناة الشعب الليبي.

وأصدر المنفي، بعدها قراراً بإنشاء مفوضية للاستفتاء والاستعلام الوطني؛ لتنفيذ الاستفتاء والإشراف عليه وفرز نتائجه والإعلام عنها.

وقابل مجلس النواب الليبي قرار المنفي بالرفض، وطالبه بسحبه فوراً، مؤكداً أنه يتجاوز صلاحياته المقررة باتفاق جنيف، مطالباً جميع المؤسسات المعنية بعدم الاعتداد به أو العمل بما جاء فيه.

وأشار مجلس النواب إلى أن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات هي الجهة الفنية ذات العلاقة بأي مهام تتعلق بالانتخابات أو الاستفتاءات.

وأمس الثلاثاء عقد مجلس النواب جلسة رسمية صوت خلالها بالإجماع على إنهاء ولاية السلطة التنفيذية (المجلس الرئاسي الليبي – حكومة الوحدة) التي جاءت بالمرحلة التمهيدية واعتبار الحكومة الليبية المكلفة برئاسة أسامة حماد، هي الحكومة الشرعية حتى اختيار حكومة موحدة.

كما صوت مجلس النواب على اعتبار القائد الأعلى للجيش الليبي هو رئيس مجلس النواب كما جاء بالإعلان الدستوري وقرار مجلس النواب بالخصوص.

ورداً على قرارات مجلس النواب قال رئيس مجلس الدولة الاستشاري الليبي خالد المشري، في بيان إن قرار مجلس النواب الليبي بسحب صفة القائد الأعلى للجيش الليبي من المجلس الرئاسي، باطلاً لمخالفته الاتفاق السياسي.

فيما اعتبرت حكومة الوحدة في بيان إن قرار مجلس النواب انتهاء ولايتها، أنه رأي من طرف سياسي غير ملزم، وأنه موقف صادر عن طرف سياسي يصارع من أجل تمديد سنوات تمتُّعه بالمزايا والمرتبات أطول مدة ممكنة، لا عن سلطة تشريعية تمثل كل الأمة الليبية وترسخ لمبدأ التداول السلمي على السلطة.

وأكدت حكومة الوحدة في البيان إنها تستمد شرعيتها من الاتفاق السياسي الليبي المضمن في الإعلان الدستوري، وتلتزم بمخرجاته التي نصت على أن تُنهي الحكومة مهامها بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتنهي المرحلة الانتقالية الطويلة التي عاشتها وعانتها البلاد.

على الجانب الآخر انتشرت في الأيام الأخيرة أنباء عن محاولات للإطاحة بمحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، من قبل رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد دبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي.

ونقلت العديد من الصحف في ليبيا عن مصادر مطلعة إصدار المجلس الرئاسي الليبي قراراً بإيقاف محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير.

ووفق المصادر، فإن القرار جرى بمرسوم رئاسي على خلفية التصرف في مبالغ مالية موجودة كوديعة في إحدى البلدان دون غطاء قانوني.

وأضافت المصادر أن الرئاسي أقدم على الخطوة باعتباره يمتلك صلاحيات رئاسية، لشغور منصب المحافظ بسب إقالته سابقاً وانتهاء المدة القانونية القصوى للمحافظ المقدرة بـ10 سنوات.

كما راجت تقارير محلية، حول إصدار المدعي العام العسكري التابع لحكومة الوحدة، أمراً باعتقال محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، مشيرة إلى أن تشكيلات مسلحة عدة وصلها هذا التعميم رفضت تنفيذه.

وذكرت التقارير أن أمر اعتقال الصديق الكبير جاء بناءً على تعليمات من رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد دبيبة، بعد أن رفض الكبير صرف ميزانيات حكومته.

وفي ردة فعل على تلك الأنباء، اجتمع محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، أمس الأول الاثنين مع المبعوث الأمريكي إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند، في تونس العاصمة، لمناقشة التطورات الأخيرة، والذي أكد دعم بلاده الكامل لمصرف ليبيا المركزي تجاه تلك التهديدات والمحافظة على استقرار المصرف المركزي من أجل القيام بالدور المناط به على أكمل وجه.

كما حذر المبعوث الأمريكي في بيان عبر حساب السفارة الأمريكية بموقع إكس، من محاولة استبدال قيادة مصرف ليبيا المركزي بالقوة، مما قد يؤدي إلى فقدان ليبيا الوصول إلى الأسواق المالية الدولية.

وقال المبعوث الأمريكي إن التهديدات لأمن موظفي المصرف المركزي وعملياته غير مقبولة، مشيراً إلى ضرورة حماية نزاهة مصرف ليبيا المركزي، مثلها مثل المؤسسات السيادية الأخرى في ليبيا.

وأكد أن النزاعات حول توزيع ثروات ليبيا يجب أن تُحل من خلال مفاوضات شفافة وشاملة نحو تحقيق ميزانية موحدة تعتمد على التوافق.

ويرى مراقبون أن كل هذه الخلافات زادت من تعقيد الأزمة الليبية التي هي معقدة من الأساس وأصبح الحديث عن توافق بين الأطراف الليبية والذهاب إلى الانتخابات في ظل الأوضاع الراهنة ضرب من الخيال.

كما يرى المراقبون أن الأيام القليلة المقبلة ربما تشهد عودة للصراعات المسلحة إذا لم تهدأ الأوضاع وتتوصل الأطراف الليبية إلى حلول وسطية تضمن استمرار العملية السياسية.