فجر ليبيا بداية النهاية.. لا حل في علاج الانقسام

0
719

تشهد ليبيا حالياً حالة من الانقسام المؤسسي الذي يعكس تعقيدات المشهد السياسي بعد سنوات من النزاع الداخلي، هذا الانقسام هو نتيجة مباشرة للصراعات المسلحة والتنافس على السلطة بين الفصائل المختلفة، والتي كان أشرسها عملية فجر ليبيا. 

وأفرزت عملية فجر ليبيا، حكومتين متنافستين: حكومة الوفاق الوطني والحكومة المؤقتة في الشرق، لتبدأ رحلة نحو منعطف سيء لم تخرج منه ليبيا حتى الآن.

وعملية “فجر ليبيا”، التي أطلقتها مجموعة من الميليشيات المسلحة في عام 2014، لعبت دوراً محورياً في تعميق هذا الانقسام، فقد كانت تهدف إلى السيطرة على العاصمة طرابلس ومناطق أخرى استراتيجية، الأمر الذي أدى إلى اشتداد الصراع المسلح وتفاقم الوضع الأمني والسياسي في البلاد. 

وعلى الصعيد السياسي، ساهمت العملية في تفاقم حالة عدم الاستقرار، حيث تسببت في تعطيل المسارات السياسية السلمية وأضعفت مؤسسات الدولة، انعدام الثقة بين الأطراف المتنازعة جعل من الصعب تحقيق توافق سياسي، وأدى إلى تشتت الجهود الرامية لبناء دولة ليبية موحدة. 

وتسببت العملية في حالة من التغير الديموغرافي في المدن الليبية، حيث نزح مئات الآلاف من المواطنين بسبب القتال المستمر، وأصبح الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم أمراً صعباً. 

وفي الوقت الحالي، يظل المشهد السياسي في ليبيا معقدًا ومتأزمًا، مع استمرار النزاعات بين الفصائل المسلحة وعدم وجود حل سياسي شامل يمكن أن يحقق الاستقرار. 

ورغم الجهود المستمرة من قبل الأمم المتحدة والجهات الدولية الأخرى لتحقيق تسوية سلمية، فإن تأثير عملية “فجر ليبيا” يظل حاضرًا كعائق رئيسي أمام تحقيق السلام وإعادة بناء الدولة الليبية. 

ومنذ ذلك التاريخ، تظل الأوضاع الأمنية في مدن غرب ليبيا غير مستقرة، حيث تشهد بعض المناطق اشتباكات متقطعة بين الميليشيات المسلحة المتناحرة في طرابلس، وكذلك في مدن مثل الزاوية ومصراته، الأمر الذي أدى إلى تدهور الوضع الأمني وزيادة معاناة السكان المحليين، مع تزايد سطوة الميليشيات المسلحة وانتشار الأسلحة يجعل من الصعب فرض القانون والنظام، ويزيد من تعقيد الوضع الأمني.

لقد أدت حرب فجر ليبيا إلى تكريس حالة الانقسام التي لا تزال قائمة حتى اليوم، حيث شهدت البلاد جولة ثانية من الصراعات الدموية في عام 2019 باستخدام نفس الأدوات ولأهداف مشابهة. خلال هذه السنوات، تعرضت ليبيا لسقوط آلاف القتلى وتهجير عشرات الآلاف من المدنيين، بالإضافة إلى وقوع المئات ضحايا للاختفاء القسري. تحولت أجزاء من البلاد إلى ملاذات للإرهاب ومراكز لسيطرة تنظيمي “القاعدة” و”داعش”.

وفي هذه الأثناء، ضاعت مئات المليارات من الدولارات بسبب النهب والإسراف والتبديد الممنهج، كما تعرضت حقول وموانئ النفط للإغلاق خمس مرات. تم عرقلة كل محاولات الحل السياسي والمصالحة الوطنية، ولا يزال غرب البلاد خاضعاً لسيطرة الميليشيات المحلية والقوات الأجنبية والمرتزقة الأجانب.