حصاد 2023.. مزيداً من الانسداد السياسي ودموع الليبيين بسبب دانيال

0
600

 

كثيرة هي الأحداث التي شهدتها ليببا عام 2023، مزيدًا من التشرذم، وتعطل الحل السياسي، وتأخر لحلم الانتخابات الذي طال انتظاره، غير فاجعة دانيال التي جعلت من بيوت الليبيين مستقراً للحزن. 

بدأت 2023 بزيارة لمدير الاستخبارات الأمريكية في ليبيا وليام بيرنز، في 12 يناير، وأعلنت حكومة الوحدة الوطنية وصوله إلى العاصمة الليبية طرابلس، حيث التقى رئيس الحكومة الوطنية عبدالحميد دبيبة الذي أكد من جهته أن الهدف من هذا اللقاء هو دعم استقرار ليبيا من أجل الوصول للانتخابات، وفي اليوم نفسه اجتمع بيرنز بالقائد العام للقوات المُسلحة العربية، المشير خليفة حفتر في بنغازي، وهي الزيارة الأولى من نوعها منذ توليه هذا المنصب في مارس 2021.

ومع مرور الوقت تطلع الليبييون لانفراجة في المناخ السياسي، فطرح باتيلي أول مبادرة أممية لتنظيم الانتخابات، في 27 فبراير، خلال إحاطته الثانية أمام مجلس الأمن الدولي، وهي أول مبادرة له بعد ترأسه للبعثة الأممية للدعم بليبيا في سبتمبر من عام 2022. 

واقترح باتيلي تشكيل لجنة عليا للانتخابات يتم تعيينها من قبل بعثة الأمم المتحدة، بهدف وضع الأساس الدستوري ومعالجة نقاط الخلاف في الإعلان الدستوري 13، ووضع القوانين الانتخابية اللازمة لإنجاز الانتخابات الليبية، تتكون من 40 شخصاً يمثلون مجلسي النواب والأعلى للدولة والمكونات السياسية والقبائل والمرأة والشباب وعدداً من العسكريين.

وتركزت مهام اللجنة، حول وضع خريطة طريق بخطوات محددة نحو إجراء الانتخابات، ووضع ميثاق بين الأطراف السياسية لضمان القبول بنتائج الانتخابات، والتوافق على آليات تأمين العملية الانتخابية، وتوحيد السلطة التنفيذية، واتخاذ إجراءات انتقالية لضمان حيادية الحكومة الموحدة، وخلق فرص متكافئة لكل المرشحين.

واستمرت التطلعات الإيجابية مع مارس 2023، حيث اختار البرلمان، في 20 من الشهر نفسه أعضاء لجنة “6+6” المشتركة بين البرلمان ومجلس الدولة، لمعالجة الخلافات القانونية التي تشوب العملية الانتخابية، وهي اللجنة التي توصلت لقوانين لم يلتزم بها الفرقاء. 

وفي 16 مايو صوت مجلس النواب بالغالبية على إيقاف رئيس الحكومة فتحي باشاغا وإحالته للتحقيق، وتكليف وزير المالية أسامة حماد بتسيير مهام رئاسة الحكومة إضافة إلى وزارة المالية.

وفي الشهر نفسه، وصل وفد اللجنة المشتركة المكلفة بإعداد القوانين الانتخابية (6+6) إلى مدينة بوزنيقة المغربية، يوم 22 مايو الماضي، لبحث النقاط الخلافية حول قانون الانتخابات. 

واستمرت المشاورات، ليتم الإعلان في 7 يونيو من المغرب، عن التوافق حول قوانين تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، بعد جولة من الاجتماعات من دون توقيع نهائي حول الاتفاق بسبب تصاعد الخلافات بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة السابق خالد المشري حول بعض المواد القانونية، وتحديداً نقطة مشاركة العسكريين في الانتخابات.

ومنذ أغسطس صارت الساحة اليبيية أكثر حراكاً، في 27 أغسطس الماضي، تم الكشف عن لقاء جمع وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، مع وزيرة الخارجية والتعاون الدولي السابقة في حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش في العاصمة الإيطالية روما، بهدف “دراسة إمكانات التعاون وبناء علاقات بين البلدين والحفاظ على التراث اليهودي الليبي”. 

لتشتعل على إثرها احتجاجات في كافة المدن وخرجت احتجاجات شعبية في عديد من المدن الليبية مطالبة بإسقاط حكومة دبيبة الذي سارع بدوره يوم 28 أغسطس إلى الإعلان عن إقالة وزيرة خارجيته وإحالتها للتحقيق.

ليأتي شهر سبتمبر الحزين، حين استفاق الليبيون والعالم أجمع يوم 10 سبتمبر الماضي على كارثة شرق ليبيا، والتي سببتها العاصفة “دانيال” وخلفت آلاف الضحايا، ودمرت منازل وممتلكات ومنشآت عدة. 

ومع استمرار عمليات انتشال الجثث، أصدر مجلس النواب قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في 4 أكتوبر الماضي، بينما أعلن المجلس الأعلى للدولة تمسكه بمخرجات لجنة “6+6” الموقعة في مدينة بوزنيقة المغربية ورفض القوانين.

وتتمحور النقاط الخلافية بين المجلسين حول شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، إذ يصر مجلس الدولة وبعض الأحزاب السياسية على منع العسكريين ومزدوجي الجنسية من الترشح لرئاسة البلاد، بينما بتمسك مجلس النواب بذلك.

ليواصل البرلمان التصعيد، وأعلن في الثاني من نوفمبر الماضي، نشر قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الصحيفة الرسمية رغم اعتراض المجلس الأعلى للدولة والبعثة الأممية. 

وبحسب الصحيفة الرسمية، تضمنت القوانين الانتخابية قانون انتخاب مجلس الأمة بغرفتيه، مجلسي النواب والشيوخ، بحيث تجرى انتخابات مجلس الشيوخ تزامناً مع الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، فيما تجرى انتخابات مجلس النواب تزامناً مع الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية. 

ونص القانون على أن تعلن نتائج انتخابات مجلس الشيوخ عند إعلان نتائج انتخابات الرئاسة ومجلس النواب، وأنه في حال تعذرت انتخابات الرئاسة، تلغى انتخابات الأمة. وتتكون الانتخابات الرئاسية من جولتين، يتأهل في الأولى الفائزان الأول والثاني للجولة التالية، بغض النظر عن النسبة التي حصل عليها كل منهما.

ومع تواصل الانسداد السياسي، أعلن المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي في بداية نوفمبر الماضي، عن مبادرة خماسية لمعالجة الخلافات السياسية بغية تسهيل الطريق أمام إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بسبب استمرار الخلافات حول القوانين الانتخابية بين مجلسي النواب والدولة. 

وتضم مبادرة باتيلي الخماسية ممثلين عن المجلس الرئاسي ومجلسي النواب والأعلى للدولة، وحكومة الوحدة الوطنية، والقيادة العامة للجيش الوطني الليبي.

وفي 28 نوفمبر الماضي، أكد رئيس المجلس النواب عقيلة صالح أن مجلس النواب قام بما هو مطلوب منه بحسب اختصاصاته، وأن القوانين المنجزة من لجنة (6+6) تمثل أساساً صحيحاً لإنجاز الاستحقاق الانتخابي، الذي لن يتحقق إلا عبر تشكيل حكومة جديدة موحدة مهمتها تحقيق رغبة الشعب الليبي في الوصول إلى الانتخابات.