أوضاع غير مستقرة وأجواء تشوبها القلق، تعيشها ليبيا على مدار سنوات، فبعد توقف الحرب بين شرق البلاد وغربها، ودخلت ليبيا في طريق الحلول السياسية، ساءت الأوضاع وعادت إلى سيرتها الأولى، خاصة وأن هناك حكومتين كلاهما يبسط سيطرته على أجزاء ومناطق ومدن، وبين تلك الحيرة السياسية، المواطن وحده من يعاني.
الغرب الليبي على وجه التحديد، يعاني من سيطرة جماعات الإسلام السياسي عليه، خاصة بعد أن تحالف معهم رئيس حكومة الوحدة الوطنية التي انتهت ولايتها مع قادتهم، وفتح لهم أبواب ليبيا من غربها لتكون ملاذهم الآمن، مقابل أن يوفروا له الحماية اللازمة ويعترفوا بحكومته وسيطرتها على تلك المناطق.
تلك الأجواء المشحونة، جعلت بعض المتطرفين وأصحاب الأفكار الإرهابية، يعودون من جديد إلى ليبيا، على الرغم من كونهم مطلوبين أمنيا وبعضهم محكوم عليه من القضاء، لارتكابهم جرائم ضد الشعب والوطن في الفترة التي تلت أحداث فبراير 2011.
فقبل فترة قصيرة، عاد مفتي ليبيا المعزول الصادق الغرياني إلى ليبيا، بعد أن كان يمكث في تركيا آمنا مطمئنا، باعتبارها ملجأ لجماعة الإخوان والجماعات المرتبطة بالإسلام السياسي، هو مفتي ليبيا المعزول من منصبه، عاد وعادت معه فتاواه وأراءه المتطرفة، لتعود حالة شحن الأجواء من جديد.
ثم عاد إلى زعيم ما عُرفت بـ “الجماعة الليبية المقاتلة”، والمصنفة تنظيما إرهابيا، بعد غياب دام لسنوات، حيث أثارت عودته جدلا واسعا وتساؤلات، بشأن الدور الذي يمكن أن يلعبه في هذه المرحلة المفصلية التي تعيشها البلاد، على وقع انقسام سياسي ومؤسساتي واتهامات وتهديدات متبادلة بين المعسكرات المتنافسة.
بلحاج الذي من المفترض أن تتم محاكمته على لاتهامه في قضايا متعلقة بالإرهاب، رغب في ممارسة الحياة السياسية في ليبيا، ففور وصوله، دعا في بيان إلى الحوار ودعم المسار السلمي للخروج من الأزمة الراهنة.
خلال الساعات القليلة الماضية، دار الحديث حول عودة المتطرف شعبان هدية والمعروف باسم “أبو عبيدة الزاوي”، والذي وجد أن مهمته في تركيا انتهت، وأن الوقت أصبح مناسبا ليعود إلى ليبيا، في ظل وجود حكومة متمسكة بالسلطة وترغب في استقطاب أمثاله من أجل التحالف معهم لمساعدتها في البقاء.
وأبو عبيدة الزاوي، متطرف إسلامي ليبي، وأحد عناصر الجماعة المقاتلة، ويعتبر من أمراء الحرب المعروفين في الزاوية والمنطقة الغربية، وكان يشغل منصب رئيس غرفة عمليات ثوار ليبيا المعارضة لنظام القذافي أثناء أحداث فبراير 2011، وسافر إلى أفغانستان وانضم لتنظيم القاعدة.
في عام 2013، اعتقلته السلطات المصرية أثناء وجوده في مصر، وعقب اعتقاله جرت اتصالات بين الحكومتين المصرية والليبية لإطلاق سراحه وجاء ذلك عقب اختطاف أفراد من السفارة المصرية في ليبيا على يد مسلحين.
استعانت به حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، واعتبرته من رجال الدولة، واصطحبه السراج في جولاته خارج البلاد، إلا أنه أثناء تواجده مع وفد تابع لتلك الحكومة خلال توجهها إلى العاصمة الروسية موسكو، تم توقيف الزاوي في مطار سوتشي، بعدما رفضت موسكو مشاركته في الندوات التي تنظيم على أراضيها.
الزاوي قُبض عليه أكثر من 10 مرات بتهم تتعلق بالتطرف والإرهاب، وتولى رفقة أبو أنس الليبي تجنيد الليبيين لإنشاء الجماعة الليبية المقاتلة، وشارك في معارك ضد الجيش الوطني الليبي.