تعقدت الأمور في ليبيا، وزادت حدة الأحداث خلال الأسبوع الماضي على وجه التحديد، بعد أن سلمت حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، المواطن الليبي بوعجيلة مسعود المريمي، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، على خلفية اتهامه في تفجير لوكربي، بداعي استكمال التحقيقات في القضية.
الاتهامات طالت كل أعضاء حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد دبيبة، والتهمة الأولى هنا هي انتهاك السيادة الليبية، بتسليم مواطن يحمل الجنسية الليبية لتتم محاكمته في الخارج، في قضية أعلن أعضاء من الحكومة نفسها، أنها أغلقت بشكل نهائي ولن يتم فتحها مجددا.
صحيفة الجارديان، نشرت تقارير شديدة الأهمية، كشفت فيها عن المتورطين بشكل مباشر في عملية تسليم بوعجيلة للولايات المتحدة، وأولهم، ابن شقيق رئيس حكومة الوحدة الوطنية، إبراهيم دبيبة، وهو أحد حاشية عبد الحميد دبيبة، وضمن المتحكمين في المشهد السياسي في غرب ليبيا.
أما عن الكواليس، فقالت الصحيفة، إن إبراهيم دبيبة، هو من عرض على السلطات الأمريكية التعاون معهم من أجل تسليم بوعجيلة مسعود، في محاولة منه لكسب تأييد الولايات المتحدة لحكومة دبيبة، ومنحها شرعية دولية لتبقى على رأس السلطة في ليبيا.
وعملية القبض على المريمي، ووفقا لما كشفته الصحيفة، كلف إبراهيم دبيبة، قائد مليشيا جهاز الدعم والاستقرار، عبدالغنى الككلى، حيث تم التخطيط للقبض عليه قبلها بـ 3 أشهر، وتم احتجاز بوعجيلة في منزله بحى أبوسليم في العاصمة طرابلس لمدة أسبوع قبل نقله إلى قاعدة عسكرية في مصراتة.
التواصل مع السلطات الأمريكية كان له آلية أيضا، كشفتها صحيفة الجارديان في تقريرها، حيث وصل فريق من الولايات المتحدة الأمريكية إلى مصراتة بعد أسبوع آخر، حيث جرى نقل بو عجيلة من مطار المدينة على متن طائرة خاصة إلى مالطا ثم إلى الولايات المتحدة.
كما أكدت أن عددا قليلا من كبار المسؤولين في واشنطن خاصة في وزارة العدل والخارجية الأمريكية كانوا على دراية بعملية اختطاف بوعجيلة، ولم يتم إخطار أي جهة بالعملية، سوى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والبيت الأبيض.
التفاصيل التي كُشفت حول قضية تسليم وبوعجيلة مسعود، أكدت تعاون الولايات المتحدة الأمريكية وسلطاتها العليا مع الميليشيات والجماعات المسلحة في الأراضي الليبية، وأن هناك علاقة وثيقة تجمع بينهم، ويمكنهم القيام بالكثير من الخدمات لهم في ليبيا بسهولة، خاصة وأنهم من يتحكمون في المشهد الأمني غرب البلاد.
الولايات المتحدة ومسؤوليها وأصحاب القرار فيها، طالما خرجوا علينا بتصريحات رنانة، ينددون بخطورة انتشار السلاح في ليبيا، تزايد أعداد الجماعات المسلحة، وتهديدها بشكل مباشر للعملية السياسية في ليبيا والمصالحة المنشودة، إلا أنهم يتعاملون معهم وينجزون لهم أعمالهم.
والميليشيات في ليبيا، بمثابة السرطان الذي ينخر في الجسد الليبي، ويهدد أي طريق للحل السياسي في البلاد، فدائما ما تُسفر اللقاءات والمبادرات السياسية عند الكثير من البنود على رأسها نزع السلاح منهم ودمجهم بالمؤسسات الأمنية والعسكرية في ليبيا، إلا أنهم يرغبون في استمرار الوضع كما هو عليه.
استخدمت حكومة فائز السراج الميليشيات كسلاح للبقاء في السلطة لأكبر وقت ممكن، وتبعه في ذلك عبد الحميد دبيبة، والذي أعطى لقادتهم وكبارهم أرفع المناصب السياسية والأمنية.